أبدى حلفاء وخصوم للولايات المتحدة دعمهم للاتفاق النووي الإيراني الاثنين، مما شكل تعزيزا لموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال لنظيره الأميركي دونالد ترامب إنه لا توجد “خطة بديلة” لمواصلة كبح طموحات طهران النووية، فيما هددت كل من الصين وروسيا بعرقلة تقويض الولايات المتحدة للاتفاق.
ويقوم ماكرون بما يمكن اعتباره مهمة إنقاذ للاتفاق المبرم في 2015، والذي يعرف بخطة العمل المشتركة الشاملة، والذي تعهد ترامب بالانسحاب منه إذا لم يشدد الحلفاء الأوروبيون على بنوده بحلول منتصف مايو.
تحول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين، إلى واشنطن للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب، مسلحا بإجماع دولي حول ضرورة الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران مقابل العمل على احتوائها عبر فرض المزيد من العقوبات عليها، استجابة لمخاوف واشنطن من أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فيما تشير مصادر دبلوماسية إلى أنه لا أحد يعرف فعلا ما إذا كان هذا كافيا لثني ترامب عن تقويض الاتفاق
يأمل الرئيس الفرنسي في “استكمال الاتفاق مع إيران بمعالجة قضية الصواريخ الباليستية، والعمل على احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة”، مبديا مخاوف من توسع نفوذ إيران في سوريا عبر دعمها لبشار الأسد والميليشيات الموالية.
وشهد مؤتمر عن حظر انتشار الأسلحة النووية في جنيف الاثنين، دعوات متكررة لأطراف الاتفاق، وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لضمان تنفيذه والإبقاء عليه، مع العمل على احتواء أنشطة طهران الباليستية ونشاطها المزعزع للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط عبر فرض المزيد من العقوبات.
وقالت إيزومي ناكاميتسو، الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إن “خطة العمل المشتركة الشاملة تظل أفضل طريقة لضمان الطبيعة السلمية تماما لبرنامج إيران النووي وتحقيق المنافع الاقتصادية الملموسة التي جرى التعهد بها للشعب الإيراني”، فيما أكد كريستوفر فورد، المبعوث الأميركي لشؤون منع انتشار الأسلحة، أن “إيران شكلت تحدّيا حقيقيا بعيد المدى لنظام منع الانتشار النووي”.
وأضاف فورد “إيران دولة سعت لسنوات إلى تطوير أسلحة نووية بشكل غير قانوني وسري، وأوقفت أعمال التسلح فقط عندما واجهت أسوأ العواقب المحتملة، دون أن تعترف قط بمساعيها غير المشروعة”.
وتابع “طهران واصلت لعدة سنوات أخرى جهودها لتخصيب اليورانيوم في انتهاك لمتطلبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الملزمة قانونا، وتحتفظ بقدرتها على البقاء قريبة على نحو خطير من إمكانية التسلح السريع في السنوات التالية”.
وأكد مبعوث الاتحاد الأوروبي لشؤون نزع الأسلحة ياتسيك بيليتسا، أن “الاتفاق عزز النظام الدولي لمنع الانتشار النووي وأسهم في الأمن الإقليمي والدولي وضمن الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي”. وخلال زيارة إلى بكين الاثنين، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه اتفق مع نظيره الصيني وانغ يي على التصدي لأي محاولة أميركية لتقويض الاتفاق.
وقال لافروف بعد محادثات مع وانغ يي “نعارض إعادة النظر في هذه الاتفاقات ونعتبر محاولة إهدار سنوات من العمل الدولي من خلال محادثات بين القوى الست الكبرى وإيران ليعود إلى نقطة الصفر، أمرا سلبيا جدا”، مضيفا “سنتصدى لمحاولات تقويض هذه الاتفاقات التي نص عليها قرار لمجلس الأمن الدولي”.
وهدد ترامب بالخروج من الاتفاق إذا لم توافق الدول الأوروبية على إضافة ضوابط أكثر صرامة على برنامج إيران الصاروخي وقدراتها المستقبلية على تخصيب اليورانيوم، فيما يعتقد شركاؤه أن تطبيق الاتفاق بموجب “خطة العمل الشاملة المشتركة” هو أفضل خيار لمنع طهران من السعي لامتلاك قنبلة ذرية.
وحدد الرئيس الأميركي تاريخ 12 مايو القادم لإصلاح عيوب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 2015 والذي يحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات عليها، بعد مساع دبلوماسية مكثفة شاركت فيها كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى وروسيا والصين.
سيرجي لافروف: روسيا والصين ستعرقلان أي محاولة أميركية لتقويض الاتفاق النووي
ويعتقد الحلفاء الأوروبيون (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) أنهم أحرزوا تقدما جيدا في صياغة التزامات سياسية مرفقة بعقوبات أوروبية جديدة في ما يتعلق بالشق الباليستي لإيران، رغم بقاء دول الاتحاد الأوروبي منقسمة حيال هذه القضية، فإن محللين يؤكدون أنه لا أحد يعرف فعلا ما إذا كان هذا كافيا لإرضاء الرئيس الأميركي.
وترغب واشنطن في التوصل إلى “اتفاق مكمل” بينها من جهة وبين فرنسا وبريطانيا وألمانيا من جهة أخرى، حيث سيأخذ هذا الاتفاق شكل إعلان سياسي يلزم فيه الغربيون أنفسهم بعدم السماح لطهران بالحصول على سلاح نووي حتى بعد انتهاء مفعول اتفاق عام 2015.
ويرى مراقبون أن الأوروبيين مستعدون لاعتبار هذه “الوثيقة” بمثابة “اتفاقية” سيتم وضع اللمسات النهائية عليها مطلع مايو القادم، إذا كان ذلك يقنع الرئيس الأميركي بالبقاء ضمن الاتفاق الحقيقي.
وإذا لم تجد الدول الثلاث قبل هذا الموعد طريقة لفرض المزيد من القيود على الاتفاقية الموقعة عام 2015 مع إيران لمنعها من الحصول على القنبلة الذرية، فإن ترامب الذي يندد بوجود عيوب في النص، يهدد بإعادة العمل بالعقوبات ضد طهران.
ويؤكد الأوروبيون، الذين فوجئوا أول الأمر بالإنذار، أنهم عازمون على إنقاذ اتفاق تم التوصل إليه بصعوبة، كما يعتبرون أنهم قاموا بتأدية مهمتهم من خلال اقتراح حلول. وقالت مصادر دبلوماسية إن العقدة الحقيقية في القضية هي عدم معرفة ماذا سيرضي ترامب الذي لن يتخذ قراره إلا في اللحظة الأخيرة، فيما يقول عدد من الدبلوماسيين الغربيين “إنه يكره الاتفاق”.
ويعترف بعض المفاوضين الأوروبيين بأن نظيرهم الأميركي الدبلوماسي براين هوك لا يعرف بالتحديد ما إذا كانت نتيجة المفاوضات ستنقذ الاتفاق في نهاية المطاف، حيث قال مؤخرا إذا توصلنا إلى اتفاق مع الأوروبيين، فسيتم رفعه إلى الرئيس الذي “سيتخذ قراره”.
وتزايد الإحساس بالتشاؤم لدى الجانب الأوروبي مع التعيينات الأخيرة للرئيس الأميركي الذي اختار اثنين من “الصقور” مايك بومبيو كوزير للخارجية وجون بولتون مستشارا للأمن القومي.