يتوقّع ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، تحقيق فوز عريض على منافسيه في الانتخابات العامة المقررة للثاني عشر من شهر مايو القادم، و”بفارق كبير” على حد تعبير المتحدث باسمه الذي يقول إن قائمته ستحجز 80 مقعدا في البرلمان القادم المكون من 329 كرسيا.
ويستند حسين العادلي، المتحدث باسم قائمة العبادي، إلى عدد من المتغيرات “التي تدخل العملية الانتخابية في العراق للمرة الأولى”، أبرزها “وجود مرشحين سنّة أقوياء في قائمة يقودها شيعي”.
ويشير العادلي إلى عمار يوسف، رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، وخالد العبيدي وزير الدفاع السابق، ورافع الفهداوي زعيم مجلس العشائر المتصدية للإرهاب في الأنبار، وهؤلاء جميعا يتزّعمون القوائم الموالية للعبادي في معاقل السنّة الأبرز في العراق، تكريت والموصل والرمادي. وأبلغ العبادي شخصيا، بعض مقربيه، بأنه يتوقع الحصول على 20 مقعدا سنيا في البرلمان القادم، بينما تتوقع استطلاعات الرأي أن يحصل على ما بين 5 و7 مقاعد، وهو مع ذلك تحول لافت.
أحزاب تغذي الانفلات الأمني بالبصرة لاستثماره في الانتخابات
بغداد - تستثمر الأحزاب الطائفية الانفلات الأمني في مدينة البصرة لإرباك خصومها وخلق مناخ متوتر قبل موعد انتخابات 12 مايو المقبل. وتشير مصادر أمنية عراقية إلى أن بعض الأطراف السياسية، كائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، تغذي جزءا من النزاعات العشائرية في المدينة، للحد من شعبية رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي. وتوقعت المصادر ازديادا في معدل الخروقات الأمنية، مع الاقتراب من الانتخابات لإضفاء حالة من الشك لدى الناخبين، وهو ما من شأنه التأثير على نسب المشاركة، ومنع المواطنين غير المنضوين في الأحزاب من الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، وهو إقبال قد يصبّ في مصلحة العبادي. ولم تستبعد أن تكون حالة الانفلات الأمني جزءا من خطة لإرباك عمل الحكومة وإظهارها في موقع الضعيف، وهو ما ينعكس على صورة الحكومة والوزراء وخاصة رئيس الحكومة. وأفاد مصدر عسكري عراقي، الإثنين، بأن مسلحين مجهولين اعترضوا سيارة لضابط في شرطة محافظة البصرة، برتبة نقيب وسط المدينة، وتمكنوا من اقتياده إلى جهة مجهولة تحت تهديد السلاح. ويأتي الحادث بعد يوم واحد من إعلان محافظ البصرة أسعد العيداني، خلال مؤتمر صحافي، عن اعتقال خلية مسلحة في المحافظة، مسؤولة عن عمليات الاختطاف والسطو المسلح. وتتزامن عملية الاختطاف مع تسلم اللواء الركن جاسم السعدي، قائد شرطة محافظة البصرة، مهامه بتكليف مباشر من العبادي، حيث تعّهد بتطبيق القانون بقوة في المدينة.
ولم يسبق لمرشح سني على قائمة شيعية أن حقق الفوز في أي انتخابات سابقة. وسبق لزعيم ائتلاف دولة القانون، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أن تحالف مع علي حاتم السليمان، شيخ قبيلة الدليم العام 2010، لخوض الانتخابات في قائمة مشتركة. لكن السليمان لم يستطع إيصال أحد من مرشحيه إلى البرلمان. ويجمع مراقبون على أن هذه القاعدة ستتحطم في الانتخابات المقبلة، لأن وصول مرشحين سنّة إلى البرلمان عن طريق قائمة شيعية بات أمرا مضمونا.
ويقول حسين العادلي إن هذا المتغيّر دليل على التحول الذي تشهده العملية السياسية العراقية في حقبة ما بعد تنظيم داعش، التي تمثل انتخابات مايو ركنا أساسيا فيها.
ورأى سياسي عراقي مساند للعبادي أنّه “في حال اكتسح ائتلاف النصر الانتخابات وحصل على ما يؤهله من الأصوات كي يكون القوة الأكبر في مجلس النواب، فإن ذلك يعني حدوث تحول هام في العملية السياسية التي يمكن القول إنّها ستكون لأول مرة بمنأى عن تدخل الكتل والأحزاب الكبيرة”.
وقال طالبا عدم ذكر اسمه “إنّ ذلك سينعكس إيجابيا على الأداء الحكومي من خلال القدرة على التحرر الجزئي من نظام المحاصصة إضافة إلى تخفيف العبء عن ميزانية الدولة من خلال توقف الوزارات عن تمويل الأحزاب وهو ما يعد خطوة أساسية في طريق الإصلاح”.
لكنّ المتحدّث استدرك مستبعدا حدوث مثل ذلك الاختراق قائلا “ذلك لن يكون مسموحا به لأسباب كثيرة، منها ما يتصل بالتسوية الأميركية-الإيرانية التي قد تتعرض للارتباك بسبب ذلك التحول الذي لن يروق لإيران التي تميل إلى صعود زعماء الحشد الشعبي المدعومين، وإن بطريقة غير مباشرة، من مرجعية النجف. ومنها أيضا أن هناك طرفين في التحالف الشيعي لا يزالان يملكان القدرة عل تغيير مزاج الشارع العراقي. وأقصد هنا نوري المالكي بالمال المسروق من خزينة الدولة، ومقتدى الصدر الذي نجح بدوره في إضفاء نوع من السلوك المدني على كتلته من خلال التحالف مع بعض التيارات المدنية. لذلك فإن نتائج الانتخابات لن تكون بحجم الآمال التي بنيت عليها”.
ويتوقّع العادلي أن يفوز العبادي بفارق 40 مقعدا عن أقرب منافس له “ففضلا عن شعبيته الكبيرة في الأوساط الشيعية، لديه مقبولية عالية في الأوساط السنية، وهذا أمر يحدث لأول مرة منذ 2003”. ولكن عدد الأصوات والمقاعد ليس دليلا على المرشح الأوفر حظا لتشكيل الحكومة الجديدة، إذ سبق لإياد علاوي ونوري المالكي، الفوز بأكبر عدد من المقاعد، في انتخابات 2010 و2014، على التوالي، لكنهما أقصيا عندما اتفقت الكتل على المرشح لتشكيل الحكومة في الدورتين الماضيتين. لذلك يحتاج العبادي إلى أكثر من مجرد الفوز في الانتخابات لضمان حظوظه في الولاية الثانية. وفي العادة، تلعب المرجعية الشيعية في النجف، التي يقودها علي السيستاني، دورا حاسما في ترجيح كفة مرشح على آخر، وإن كان هذا الأمر يتم بشكل غير مباشر. لكنّ الأدوار المباشرة عادة ما تلعبها واشنطن وطهران، اللتين تحرصان على الإتيان بمرشح يحفظ مصالحهما.
وفي 2010، صادف أن اتفقت مصالح واشنطن وطهران على المالكي، لذلك حصل على ولايته الثانية، بالرغم من حلول قائمته ثانية في الانتخابات العامة، بعد قائمة علاوي.
ولكن في 2014، لم ينفع المالكي الثقل الإيراني الذي وقف خلفه عندما اعترض نجل السيستاني على ولايته الثالثة، ليكون العبادي بديلا مفاجئا، حاز على رضا الساسة الشيعة بسبب دعم المرجعية غير المباشر له. وليس واضحا حتى الآن، ما إذا كانت النجف ستقف خلف العبادي في سعيه نحو ولاية ثانية، وإن كان انعدام المؤشرات في هذا الصدد، هو مؤشر إيجابي بحد ذاته، وفقا لمراقبين.
ولكن خصوم العبادي يضعونه في خانة “المجرب لا يجرب”، التي أشارت مرجعية النجف إلى أنها يجب أن تكون أحد محددات التصويت في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك، يبدو فريق العبادي مطمئنا إلى أن المعني بهذه المقولة هو المالكي وأعضاء فريقه، الذين شهدت سنوات حكمهم الثماني أزمات عراقية ارتقت إلى مستوى الكوارث.