في تقريرها، كشفت المجلة أنّ بعض المقابر الجماعية التي أُقيمت في لبنان تحوّلت إلى مواقف للسيارات، ناقلةً عن أفيديس مانوكيان، وهو صاحب محل تجاري في أحد الأحياء الواقعة في شرق بيروت، تأكيده أنه شهد مراراً إبان الحرب الأهلية على قدوم شاحنات محملة بالجثث وجرافات إلى الباحة المقابلة لمتجره، حيث كان يتم حفر الأرض ووضع الجثث فيها قبل تغطيتها بطبقة من التراب.
وأوضحت المجلة أنّ هذا الموقع هو واحد من بين 100 موزعين على الأراضي اللبنانية يعتقد الباحثون أنّها تحتوي مقابر جماعية، مشيرةً إلى أنّ الضغوط التي مارسها الناشطون والمنظمات غير الحكومية على الحكومة اللبنانية من أجل الكشف عن مصير مفقودي الحرب لم تؤتِ ثمارها لأسباب عدة بينها عدم رغبة المسؤولين السياسيين اليوم، الذين كانوا قادة ميليشيات خلال الحرب، في نبش الماضي.
في المقابل، أكّدت الصحيفة أنّ الأمور تزداد صعوبة على مرّ السنوات، نظراً إلى أنّ الشهود الذين يملكون معلومات بشأن المعتقلات والمقابر والمقاتلين السابقين، يكبرون في السن، وإلى أنّ المقابر تُدمّر بشكل منتظم، إذ تعلوها مبانٍ شاهقة وشقق سكنية فخمة.
وفي هذا السياق، نقلت المجلة عن الباحثة في جمعية "لنعمل من أجل المفقودين"، مالينا إيشنبيرغ تساؤلها: "هل تعلمون عدد المقابر الجماعية التي تسيرون عليها عندما تتجولون في بيروت؟"، وتأكيدها أنّ مواقف السيارات في بيروت ليست سوى مقابر جماعية.
وشرحت المجلة أنّ إيشنبيرغ عملت مع فريقها منذ العام 2015 لتحديد مواقع المقابر في لبنان وتمكنت من وضعها على خارطة رقمية "سرية"، بعدما جمعت معلومات من مصادر مختلفة وأجرت مقابلات مع عائلات المفقودين وشهود ومقاتلين سابقين.
عن المنهجية التي تعتمدها المنظمة من أجل تحديد مواقع المقابر الجماعية، قالت المجلة إنّ الباحثين يصنّفونها وفقاً لـ3 أبعاد: مصداقية المعلومة التي قادتهم إلى الموقع أولاً، وحساسية المقبرة الجماعية السياسية (فإذا تبيّن أنها مرتبطة بمجموعة ما زالت في الحكم، تصنّف بأنّها شديدة الحساسية) ثانياً، وخطر تعرّض الموقع للتدمير ثالثاً.
وفي هذا الإطار، كشفت المجلة أنّ مواقع المقابر الجماعية الشديدة العرضة للتدمير غالباً ما تكون موجودة في المناطق النامية، فعندما يقصد الباحثون إلى موقع يُشتبه بأنّه كان مقبرة جماعية، يجدون شققاً فخمة، من دون أن يدرك سكانها ذلك.
وتابعت المجلة بأنّ قاعدة بيانات المنظمة المذكورة السرية تحتوي على معلومات بشأن 2200 مفقود و112 موقع مقبرة جماعية، إذ تقدّر إيشنبيرغ عدد المفقودين بـ8 آلاف تقريباً.
وفي ما يتعلّق بالسبب الكامن وراء امتناع المنظمة عن الكشف عن أنّ الخارطة موجودة، نقلت المجلة عن إيشنبيرغ قولها:"نخشى تدمير المقابر عمداً، إذا كشفنا عن معلومات من دون تأمين الحماية اللازمة"، وعن جوستين دي مايو، مديرة المنظمة، تشديدها على أنّ البحث يهدف إلى حماية مواقع المقابر قبل الكشف عنها للسلطات.
ختاماً، لفتت المجلة إلى أنّ الناشطين يخشون الكشف عن مواقع المقابر الجماعية علناً خوفاً من سعي المقاتلين السابقين إلى تدمير الأدلة التي تعمل الخارطة إلى حمايتها، مشددةً على صعوبة جمع المعلومات بشأن الحرب الأهلية اليوم.