كان الحزب نفسه وليد ممارسات استبدادية قمعية طالته لسنين عجاف من بداية دوره كدعوة دينية، ومن ثم كحالة ناشطة في المجالين الثقافي والاجتماعي، وقد ازدادت حدّة الممارسة القمعية بحقه لحظة الاعلان عن نشأته السياسية وبعيد جهاده الذي قهر به الداخل الخانق له والاحتلال الذي انتصر عليه ليصبح بعد أن كان نكرة، علامة مضيئة وبارزة لا في سماء لبنان بل في العالم العربي وقد أسهم بأس الآخرين عليه من ذويّ القربى الى أبعد الأبعدين في تقدمه اليومي كحزب إقتات المظلومية من لحم محازبيه فكانت شهادة حيّة على نظافته من الظلم.
هذه البداية الجميلة لحزب تأسّس على ظلم الآخرين به سرعان ما مارس ما مُورس بحقه من منع وقمع وتعد وظلم وتشويه وتنكيل وتهوين وتخوين ولم يترك مفردة من المفردات القبيحة وتلك التي نُعت بها إبّان بداياته الاّ واستعملها واستخدمها ضدّ معارضيه بطريقة انتقامية كأنه يُبرر للآخرين ما فعلوه به من تعليق على أعواد المشانق، وهذا ما جعل منه نموذجاً مكرراً لمن سبقه من أحزاب معارضة كوتها أحزاب السلطة وما إن أصبحت سلطة حتى استخدمت أسوأ مما استخدمته السلطة من وسائل كوي للسان وفعل أيّ معارض لقوى السلطة.
إقرأ أيضًا: اللوائح الشيعية للحجّ والزيارة
ما حصل مع الصحافي علي الأمين يبعث على الريبة والاشمئزاز من شباب حزب يتطلعون الى أميركا واسرائيل والغرب عموماً ويريدون تحرير العالمين العربي والاسلامي وتنظيف العالم لقدوم صاحب الأمر ويملكون قدرات هائلة من عدّة وعداد واذ بهم يختزلون مشهد قوتهم الأسطورية بضرب علي الأمين والتعدي عليه بحماس غريب وعجيب لا ينسجم مع النصوص الدينية ولا مع التجربة الاسلامية لآل البيت عليهم السلام ولا مع ديدن الحزب في جيليه الأولين ممن تربوا في مساجد التقوى لا في شوارع السلاح كما هو حال الكثيرين ممن جذبهم السلاح كي يكونوا مجاهدين في مشروع أخلاقي (إنما جئت لأتمّم مكارم الأخلاق) لا في مشروع سلطة على طريقة ستالين وصدام حسين وهذا الانحياز الجديد لجيل الحزب الجديد لمنطق القوّة بالسلاح لا بالايمان قد نعى تاريخ الحزب كدعوة اسلامية قائمة على التي هي أحسن وأعلن بصراحة سيطرة هذا الجيل المفتول العضلات على القرار والمفتون بقوته ضد أناس كل رصيدهم لسان وقلم لا رصاص فيه بل مجرد حبر يجرّ عليهم ويلات ولعنات الجماهير المعبأة ضدّ الكلمة والمنتمية لسموم الرصاصة.
إقرأ أيضًا: برلمان توريط النفس أو النأي بالنفس؟
ماذا يملك علي الأمين وعلى من يؤثر في ظل حمّى الطائفية و المذهبية؟ وطيلة خصومته مع الحزب خسر ولم يربح لأن الجماهير مع السلطة ومع حساباتها لا مع من لايملك شيئًا من عناصر السلطة فلا شقرا نكّست العلم الأصفر ولا حارة حريك سلّمت سلاحها و بايعت علي الأمين أميراً عليها . ولكنه انتصر اليوم عليهم عندما هجم عليه شباب حزب من المفترض أنهم على طريق الزحف الى فلسطين لا على طريق الزحف الى دارة السيّد محمّد حسن الأمين الذي صرف لا نصف عمره بل كل عمره في خدمة فلسطين و المقاومة و قضايا العرب و المسلمين.
الوقوف مع الأمين ليس شخصياً بقدر ما هو موقف مبدئي من القمع ومن أساليب استخدام القوّة مع الخصوم خاصة وأن الأولين من كوادر العمل الاسلامي يعلمون ويعرفون تماماً ما معنى القمع واستخدام عصا السلطة والأمن ومازالت الكثير من الندوب علامات بارزة في أجسادهم نتيجة تعذيب أحزاب رفضت حضورهم في المشهد السياسي والجهادي لهذا أؤمن بأنهم لا يقفون خلف هذا الارهاب الذي يصنعه جاهلون لم تكويهم تجارب ما قبل الفتح ولكنهم دخلوا في أفواج المقاومة بعد الفتح لذا لم يعانوا ليعرفوا معنى المعاناة ولم يوضعوا في صناديق السيارات ولم يعلّقوا على أعواد العذاب ولم يتعرضوا لأذى في سبيل إعلاء كلمة المقاومة ، لذا يقوم البعض من دخلاء ما بعد الفتح الى ارتكاب ما يرهب الناس لا ما يرهب الأعداء و عدو الحزب هو المحتل الاسرائيلي لا علي الأمين.