دعت عائلة المواطن اللبناني المخطوف في إيران نزار زكا إلى وقفة تضامنية معه في مسقط رأسه القلمون ، فإستجاب عدد من القيادات السياسية ، منهم الرئيس نجيب ميقاتي والوزيران أشرف ريفي وفيصل كرامي وفعاليات أخرى.
حضر ميقاتي للمشاركة فإستقبله أهل القلمون بحسن الوفادة كما هي عادتهم ، فنثروا الورود ورحبوا به ، وهو الموجود بينهم طيلة السنوات الماضية ، لم يفصله عنهم غياب الإستحقاقات الإنتخابية ، إضافة إلى إختياره القلمون لإحتضان أزهر لبنان بمحضنه التربوي ومسجده العامر ومؤسساته الصحية والاجتماعية..
باشر ميقاتي إلقاء كلمته التضامنية مع نزار زكا ، فدعا الدولة اللبنانية ، وخاصة وزارة الخارجية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الملف ، معلناً تضامنه التام مع العائلة القلقة على مصير إبنها في طهران.
تأثر ميقاتي بمأساة العائلة وبوجعها وهواجسها مما يتعرّض له إبنها من إحتجاز لحريته وغياب عناصر العدالة ، فضلاً عن العجز الرسمي الواقع ، نظراً لوجود رئيس التيار الوطني الحر على رأس وزارة الخارجية ، والتدخلات الحاصلة من جانب "حزب الله" وإيران لطمس هذه القضية وإبعادها عن دائرة الإهتمام ، ومن هنا بدت إحدى صور ميقاتي وهو متأثر وممتعضٌ من حالة التهميش الذي تعانيه عائلة زكا ، وسرعان ما إقتنصت مواقع إعلامية مهمتها تشويه صورته ، لتزعم أنها ناجمة عن غضبه من محاولات تيار المستقبل إثارة الفتنة خلال وجوده في المناسبة.
ففي هذه الأثناء كانت مجموعة من أنصار تيار المستقبل تقتحم المشهد وتقاطع ميقاتي بالهتاف بإسم الرئيس سعد الحريري للتشويش على كلمته ، فكان ردّه بالقول:"سعد أخي ، وأنا أريده أن يأخذ دوره في هذه القضية".
لكن غرف عمليات الإعلام السوداء نشرت عن لسان ميقاتي كلاماً غير منطقي ولم يسبق له أن صدر عنه ما يشبه هذا السياق ، حيث زعمت بعض المواقع التي يديرها "المستقبل" أن ميقاتي غضب من مضايقات أنصار التيار فقال "الله لا يردكم" ، وعملت ماكينة المستقبل على نشر وتوزيع هذه "الخبرية" للإساءة لميقاتي بين أهالي القلمون ، ولتكتمل "الحبكة" أصدرت غرف المستقبل بياناً مزوراً بإسم المرشح على لائحة العزم توفيق سلطان مفادُه أن سلطان يعتذر من أهالي القلمون على خطأ ميقاتي ، وأنه مصرٌ على الإعتذار بعد ما حصل.
• نفي مضاد قاطع
في المقابل ، أصدر مكتب ميقاتي بيناً نفى فيه ما نُسِب إليه من عبارات غير صحيحة ،
وسارعت عائلة نزار زكا إلى إصدار بيان يوضح الحقائق ويؤكد حسن العلاقة مع ميقاتي وشكره على مبادرته التضامنية وترفض أي إساءة إليه بعد موقفه الإنساني المتضامن معها ، حيث جاء في بيانها:"يهمنا ان نبين ما حصل في بلدة القلمون مسقط رأس الدكتور نزار إبن عائلتنا والمعتقل في إيران".
واللافت أن بيان عائلة زكا تضمن إصرار الرئيس ميقاتي على الحضور رغم علمه بوجود أنصار تيار المستقبل ، فأوضحت العائلة:"أردنا أن نقف وقفة تضامنية في البلدة وعلى الطريق العام ليرانا الناس ويصل صوتنا بطريقة حضارية ودعونا دولة الرئيس نجيب ميقاتي لإلقاء كلمة بالخصوص فلبانا مشكوراً ودون أي شروط ولما علم بأن بعض التيارات ستكون موجودة مع شعاراتها وهتافاتها لم يتخلف بل قال سأحضر لأن قضية نزار قضية إنسانية وأخوية وليست قضية انتخابية وكل إنسان يفعل ما يحلو له".
وتابع البيان:"وبالفعل حضر في الوقت المحدد ورغم استقبال عامة أهالي البلدة برئيس بلديتها ومختاريها ومشايخها وفعاليتها بالترحيب إلا أن البعض استقبله بهتافات معاكسة ورغم ذلك تابع المسير بابتسامته وسلامه للجميع ولما بدا بكلمته تابعوا الهتافات فخاطبهم بكل ادب مطالباً لهم بالتكامل والتعاون مع من يمثلون من اتجاه سياسي وطالب الدولة ولا سيما وزارة الخارجية بمتابعة الموضوع بكل جدية.
وختم بيان عائلة زكا بـ"شكر دولة الرئيس ميقاتي على حضوره ونشكر الجميع على امل ان تبقى قضيتنا إنسانية بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية".
وكان والد زكا قد إتصل بالرئيس ميقاتي مستنكرا قيام بعض الرعاع الذين قاموا بممارسات لا تفبلها العائلة ولا أهل القلمون.
إنكشف أيضاً أن توفيق سلطان لم يُصدِر أي بيان وأكد في تصريح له كذب كل الرواية المدسوسة ، فنفى مكتبه في بيان، "تصريحا منسوبا اليه ورد على إحدى الصفحات المشبوهة والمعروف من يديرها ويحركها".
ونقل عن سلطان قوله: "لم اعلق نهائيا على ما ورد حول زيارة الرئيس ميقاتي للقلمون، واكتفي بالنفي الصادر عن مكتبه والذي أكد فيه ان لا صحة لما نسب اليه من كلام تمت فبركته على أيدي أصحاب الفتنة وصبية الأجهزة".
• عبد الغني كبارة.. كشف المستور
المعلوم
حاول تيار المستقبل التلطي وراء صفحات ومواقع شكّلت واجهةً للحملة على ميقاتي في "حادثة" القلمون ، لكن مستشار الرئيس الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة كشف المستور المعلوم ، عبر نشره على صفحته (على تطبيق فيسبوك) الكلام المكذوب على لسان ميقاتي ومحاولته ترويجه والبناء عليه للطعن والإساءة ، رغم كل التعليقات والتوضيحات التي حفلت بها صفحته ، والتي كانت تؤكد له كذب ما ينشره ، وكانت هذه السقطة من كبارة كافية لتكشف أن هناك في تيار المستقبل من وضع خطةً مسبقة للإيقاع بين ميقاتي وبين أهل القلمون.
فإستحضار مجموعة من المشاغبين للتشويش على كلمة ميقاتي ثم تلفيق الكلام المكذوب والمباشرة بتحويله إلى حملة في مواقع وصفحات معروفة ، وصولاً إلى صفحة كبارة شخصياً ، يسمح بالإستنتاج أن تيار المستقبل حفر الحفرة ووقع فيها.
• إنقلب السحر على الساحر
لقد إرتدّت ممارسات "المستقبل" عليه في القلمون التي بات أهلُها يطالبون مسؤوليه بالكفّ عن إستخدام مجموعة معزولة من مثيري الشغب ، بعد أن كانت نخب القلمون ومعظم أهلها يعتبرون أنفسهم من صميم التيار ، فلماذا اللجوء إلى المشاغبين؟؟
• سياسة الإقصاء
المؤشر الأسوأ في كل ما حصل هو أن تيار المستقبل أثبت بهذه الممارسات أنه يعتمد الإقصاء والإلغاء ، فهو يعتبر القلمون ملكية حصرية ، ويرى أن دخول ميقاتي إليها عملاً "معادياً".. كما فعلوا في عكار في بعض القرى خلال جولة الوزير أشرف ريفي العكارية..
• الوعود العرقوبية في القلمون: خمسة أحجار أساس لمشاريع مستقبلية لم متبخرة
وإزاء سياسة الإستحواذ والإستيلاء التي يتبعها تيار "الخرزة الزرقاء" ، وعلى سبيل التذكير والمحاسبة قـُبيلَ الإنتخابات النيابية ، يذكّر أهل القلمون تيار المستقبل بسلسلة وعودٍ عرقوبية سبق أن أطلقها منذ سنوات ، بل وضع لها خمسة أحجار أساس ، لم ينفذ منها شيئاً ، وهي:
ــ مشروع مياه الشفة.
ــ مشروع تأهيل شبكات الصرف الصحي.
ــ مشروع إنشاء ملعب رياضي.
ــ مشروع تأهيل الشارع الذي أصرّ تيار المستقبل على تسميته بإسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، ويمتد من الناعورة إلى داخل القلمون.
ــ مشروع تأهيل مقبرة البلدة.
• ليلة سقوط "غزوة" تيار المستقبل في القلمون
ليلة سقوط "غزوة" المستقبل وإستذكار أحجار الأساس العرقوبية الضائعة
بإختصار يمكن القول إن ليلة الأحد 22 نيسان 2018 شهدت غزوة إعلامية ميدانية سوداء لتيار المستقبل ضد الرئيس ميقاتي وضد بلدة القلمون ، لكنها سقطت ليس لأن أهل القلمون يكرهون الرئيس الحريري ، بل لأنهم أهل نخوةٍ وعلم وكرم ، ولأنهم يرفضون أن يأخذ المشاغبون بلدتهم إلى خيارات لا يريدها كبار البلدة وعقلاؤها وقياداتُها الدينية والفكرية والأكاديمية التي تشكل مصدر فخرٍ لطرابلس ولكل الوطن.
تقرير خاص _ صادر عن المؤسسة اللبنانية للإعلام والتنمية