رغم كل التحولات السياسية التي شهدها لبنان في السنوات الماضية، ورغم تفكك معظم التحالفات مؤخرا تبعا لمصالح انتخابية، ظل الحلف السياسي الذي يجمع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط صامدا ومتماسكا، مع ترجيح تشكيلهما بعد الاستحقاق النيابي تكتلا نيابيا واحدا لم تتبلور حتى الساعة معالمه كما الفرقاء الآخرين الذين قد ينضمون إليه.
ولطالما كان حلف بري - جنبلاط عابراً للاصطفافات السياسية أبرزها اصطفافي 8 آذار و14 آذار، باعتبار أنّه فيما ظل رئيس البرلمان أحد الأركان الأساسية لـ8 آذار، كان جنبلاط أحد رموز ما يسمى «ثورة الأرز» وفريق 14 آذار، إلا أن ذلك لم يُفسد للود قضية، فبقيا على تنسيق وتعاون دائم ومستمر منذ أيام الحرب الأهلية وفي كل المراحل حتى حين كان الانقسام في ذروته.
وبعد تفكك الحلف الذي جمع ولسنوات النائب وليد جنبلاط برئيس الحكومة وتيار «المستقبل» سعد الحريري كما حلف الحريري - بري نتيجة التفاهم السياسي الذي عقده «المستقبل» مع «التيار الوطني الحر»، وهو ما ظهر جلياً في الأشهر الماضية، بدأ الحديث الجدي عن الاصطفافات السياسية التي ستنتج عن الانتخابات النيابية، مع ترجيح قيام تحالفات وتكتلات جديدة لا تشبه بشيء ما كان عليه اصطفاف 8 آذار و14 آذار.
ويرى النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، عبد المجيد صالح، أن «التحولات سمة أساسية في السياسة، فمجمل التحالفات متحركة وغير ثابتة خاصة تلك التي تقوم في زمن الانتخابات، وهو ما نعايشه حاليا من خلال انقلابات جذرية»، لافتاً إلى أن «ما يجمع الرئيس بري بالنائب جنبلاط مختلف تماما وهو (حلف وطني)، كان وسيبقى مستمرا باعتبار أن الرجلين من قامات وأعمدة هذا البلد ومن قياداته التاريخية التي تكبر بالإجماع الوطني حولها». وأضاف: «الزعيمان استخدما الخرزة الزرقاء، التي يتحدث عنها تيار (المستقبل) اليوم، من زمن بعيد لإبعاد العين، ولعل ذلك ما أبقى حلفهما صامدا في وجه كل التحديات والرياح».
ويعتبر صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الحلف بين جنبلاط وبري بعد الانتخابات النيابية «أمر محسوم»، مؤكدا أنهما سيكونان سويا تحت قبة البرلمان. وعما إذا كان الحلف سيضم جنبلاط إلى بري و{حزب الله}، قال: «هذا أمر يُسأل عنه الحزب وجنبلاط، وإن كان يمكن اعتماد معادلة (حليف الحليف)، حتى ولو كانت تجربتنا معها غير ناجحة وبالتحديد بيننا وبين (التيار الوطني الحر)».
وبعد تدهور العلاقة بين جنبلاط والحريري، أعلن الأول، أنه «لا حليف له سوى نبيه بري»، متحدثاً عن «حلف تاريخي، عاطفي، سياسي نضالي قديم» بينهما. وقد أسس اللقاء الذي جمع منتصف الأسبوع الماضي بري بالمرشح عن المقعد الدرزي في دائرة الشوف - عاليه تيمور، وليد جنبلاط لمرحلة جديدة في علاقة رئيس البرلمان بالزعيم الدرزي الذي قرر قبل فترة التخلي عن مقعده النيابي لمصلحة نجله، تمهيداً لتسليمه كل مهامه السياسية والاجتماعية. ووصف تيمور بري بعد اللقاء الذي جمعهما بـ«الحليف والضمانة وطنية حقيقية للمحافظة على الاستقرار في البلد وعلى التوازن واتفاق الطائف». وقال: «كنا سويا ومررنا في ظروف صعبة وحققنا الكثير، وفي المستقبل إن شاء الله سنحقق أكثر».
واعتبر مفوض الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» رامي الريس، أن زيارة تيمور جنبلاط إلى دارة الرئيس بري في جنوب لبنان، تأتي للتأكيد على متانة العلاقة بين الزعمين بري وجنبلاط والسعي المشترك لتطويرها، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التوجه بعد الانتخابات النيابية هو لتعميق هذه العلاقة وتعزيزها سياسيا وبرلمانيا». وأضاف: «حتى الساعة لم تتبلور الرؤية بشكل مكتمل وننتظر انتهاء الانتخابات كي يتبين الفرز السياسي الذي سينتج عنها، لكن بكل الأحوال هناك اتجاه لتعزيز العلاقة وتعميقها».