ما زالوا على حرمانهم ولم يُرفع عنهم علم الحرمان ولا هم تخلّوا عن حركة المحرومين وأصرّوا البقاء على قسمهم لإمام المحرومين وما مالوا لغير ما اتجهوا إليه كيّ ينصف حياتهم المهدورة في زواريب غير صالحة للحياة لكنه البؤس الذي دفعهم للسكن حيث تسكن الأموات في حرش مازال فيه من الصنوبر ما يدلّ على ملكية عامة استباحها السلاح لتصبح ملكية خاصة يستفيد منها بعض النافذين من أهل السياسة .
رفع أهالي الحرش في الشارع المؤدي الى مخيم صبرا وعلى بوابة " الرحاب " وفي الزاروب الذي حصل فيه بالأمس إنفجار قارورة الغاز التي أدّت إلى تصدّع الحيّ بأكمله لسوء البناء ، يافطة منددة ببلدية الغبيري التي كساها الفساد كما تشير اليافطة المرفوعة على إحدى الأبنية باسم أهالي الحرش المحرومين و المتضررين من ظلم وفساد بلدية الغبيري وقد ناشدوا الأجهزة المختصة للمساعدة على ما هم فيه من إهمال قديم وعدم إكتراث طال وجودهم في أحياء الفقر منذ أن بُنيت هذه الأكواخ على غدر من الدولة واقتناص لفرص الفوضى التي خلفتها الحروب والانقسامات السياسية و الطائفية .
جرأة أهالي الحرش متأتية من كونهم محرومين ومنتمين لبيئة الحرمان الذي يدفع الى الجهر بقول الحقيقة مهما كانت مرّة ومن الصعب على غيرهم النيل من بلدية كبلدية الغبيري لسببين أولهما سياسي متصل بالحزب المعني بهذه البلدية والثاني مرتبط بدور البلدية كجهاز سلطوي يحاسب ولا يُحاسب وبين هذين السببين يقف المتأففون مستسلمين لقوة السلطة والنفوذ السياسي ولا يستطيعون التحرّك قيد أنملة في الاعتراض ما داموا غير قادرين على المواجهة مع الأجهزة المحلية لافتقاد مقومات القوّة ولافتقار عناصر الضغط المطلوبة لتصحيح عجلة التنمية المعطلة نتيجة أسباب مجهولة و غير معلومة طالما أن العلاقة شبه معدومة ما بين السلطة المحلية و الناس التابعين لها .
إقرأ أيضا : الشيعة بين نادر شاه الفارسي ونبيه بري العربي
من الطبيعي أن يخرج صوت المحرومين جهوراً في حي الحرش طالما أنهم ليسوا لقمة سائغة و أنهم أقوياء بتاريخهم وبانتسابهم إلى منطقة محسوبة على حركة أمل التي تتمتع بسطوة سياسية ومعنوية على محرومي المنطقة وهذا ما دلّ على بُعد الخلاف مع السلطة المحلية ولكن لبيان طبيعة الخلاف بين البلدية و محرومي الحرش لا بُدّ من الاطلاع على وجهة نظر البلدية وسبب شتم الأهالي لها من خلال اعتبارها ظالمة و فاسدة ولا يمكن اعتبار الخلاف سياسي بين المكونين الشيعيين لأن طبيعة التفاهمات القائمة تلغي من حدّة الخلافات لكنها لا تُلغي من طبيعة الحساسيّات التي تفرزها الساحة السياسية المشتركة والتنافس السلبي الذي يغذي باستمرار منطق الخلافات مهما تمكنت القيادات من تكريس السكوت على الأخطاء لصالح وفاق الإخوة حتى لا تتدهور الأحوال بينهم من جديد .
إقرأ أيضا : برلمان توريط النفس أو النأي بالنفس؟
قرب اليافطة المندّدة ببلدية الغبيري يافطة أخرى مادحة لإبن المنطقة الدكتور أيوب حميد بعد أن تمّت معالجة نتائج إنفجار قارورة الغاز وتمّ تزفيت الطرقات الداخلية والتي لا تشهد زفتاً إلاّ في المواسم الانتخابية وقد أدانت يافطة أهالي الحرش هذه المعالجات وهذه الاهتمامات الموسمية وطالبت من أصحابها الالتفات أكثر الى حاجات الناس في المواسم العادية حتى لا تكون الخدمة مشروطة بالصوت الانتخابي لصالح الجهة التي تستخدم الخدمة العامة لصالح الخدمة الخاصة .
لو تمكّن الأهالي في كل حي وزاروب و دسكرة من الاعتراض العلني على أخطاء يرونها لأمكن تصحيح الخلل القائم وحث المسؤولين على العمل بمسؤولية لأن عين الشعب لا تنام وهي تراقب عن كثب و بإمكانها المحاسبة في يوم الحساب .