سجّلت السيناتورة الأميركية تامي داكوورث سابقةً بدخولها مجلسَ الشيوخ الأميركي يوم الخميس الماضي، للتصويت، وهي تضع على ركبتيها رضيعتها «مايله» التي بالكاد تخطَّت يومها العاشر. إستقبل مجلس الشيوخ خطوةَ داكوورث بموجة من التصفيق، وهي التي حضَرت على كرسي مدولَب وابنتُها تنام في حضنها، لتدليَ بصوتها في انتخابات رئاسة وكالة الفضاء الأميركية (ناسا).
هذه السيناتورة الديمقراطية خدمت في صفوف الجيش الأميركي سابقاً وبُتِرت ساقاها بعد حادث مروحية في العراق. وفازت بمقعدٍ في مجلس النواب سنة 2012 قبل أن تُنتخَب عضواً في مجلس الشيوخ عام 2016.
هل الطفل مشكلة؟
تواجه النساء من حول العالم التمييز في العمل بسبب حَملهنّ. وتعرف كلّ امرأة كم يصعب عليها أن تجد وظيفة في أيّ مؤسسة وهي حامل. أمّا حين تُنجِب فلا يتقبّل المجتمع جلبَها لأطفالها إلى مكان عملها، بينما يَعتبر المجتمع أنّ الطفل نعمة ومِن واجبها تربيتُه، ولكن في البيت.
أمّ وسياسية
رَفع مجلس الشيوخ الأميركي هذا التحدّي حديثاً، ومنح أعضاءَه حقّ جلبِ أطفالهم الرضَّع دون عامِهم الأوّل معهم إلى الجلسات.
وبينما تُعتبَر داكوورث أوّلَ امرأة تلِد خلال مهامِها في مجلس الشيوخ، رُزِقت 9 نساء في مجلس النواب الأميركي بأطفال خلال مهامهنّ البرلمانية. كما سَبقت برلمانيات عديدات من حول العالم داكوورث، على حملِ أطفالهنّ إلى البرلمان، لإيصال شتّى أنواع الرسائل.
لم تتردّد النائبة في البرلمان الأوروبي ليسيا رونزولي في جلبِ طفلتها لمدة عام كامل إلى البرلمان، رافضةً تركها مع مربّية أطفال. كما طالبَت بإعطاء المرأة الحقَّ في اصطحاب طفلِها إلى مكان عملها.
من جهتها، اصطحبَت النائبة الإسبانية كارولينا بيسكانسا، ابنتها إلى البرلمان دعماً للمطالب النسائية بتأمين دور حضانة مجانية في مقرّات العمل، لأطفال النساء العاملات.
كما جَلبت برلمانيات أخريات أطفالهنّ الرضّع إلى البرلمان وسط ردود أفعال منها داعمة، وغيرها شاجبة، ومنهنّ النائبة السويدية جيتي غوتلاند، وفي العالم العربي النائبة التونسية وفاء عطية.
واليوم تتّجه أنظار العالم إلى رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاكيندا أردرن (37 عاماً) التي تسجّل سابقةً عالمية، بكونها ثاني زعيمة منتخَبة ستلِد وهي في السلطة، وذلك، في الأوّل من حزيران المقبل. وسبَقتها رئيسة وزراء باكستان الراحلة بنازير بوتو إلى هذه الخطوة عام 1990.
ماذا عنّا؟!
في لبنان، لطالما اعتدنا السخرية من النساء النائبات والمرشّحات بدل دعمهنّ بقوانين تُشجّعهنّ. مشاهدةُ شجارات النواب في المجلس عبر شاشاتنا الصغيرة، وكأنّهم أطفالٌ في فصلٍ مدرسيّ، ينامون، أو يلعبون على الهاتف، أو يثيرون الشغب، أمرٌ طبيعي ومألوف بالنسبة إلينا. ولكن، متى سيَحملنا الانفتاح إلى التصويت للنساء، وتشريع قوانين تدعمهنّ، ورؤية نائبات ونواب يَدخلون البرلمان مع أطفالهم، لأنّ من حقّ المرأة أن تكون أمّاً، وسياسيةً أيضاً!