وإذا كان سهلاً ولو نسبياً التركيز على ميقاتي بما يتصل بترؤسِه حكومة غالبية «حزب الله»، وصداقته القديمة مع النظام السوري، فإنّ الذاكرة القريبة لا تُسعِف «المستقبل»، فزيارة الرئيس سعد الحريري لمنزل ميقاتي في طرابلس والتحالف في الانتخابات البلدية، والاستعدادات للانتصارات المشتركة التي أحبَطها انتصار ريفي، وسياسة «صفر مشكلات» التي انتهجها «المستقبل» مع ميقاتي، تجعل من الحملة على الأخير مجرّد تعبئة انتخابية، لا تُسعفها تسويات «المستقبل» مع «التيار الوطني الحر» حليف «حزب الله»، الذي أتى الحريري برئيسه الى رئاسة الجمهورية، والذي دخل معه في علاقة حبّ سياسية، تخطّت كلَّ حرارة التحالفات الأخرى، إذ وصَل الأمر إلى حدّ الذوَبان السياسي في العلاقة بين الحريري والوزير جبران باسيل، ومَن بَلع بحرَ التيار العوني لا يمكن أن يقنعَ الرأيَ العام بأنّه سيغصُّ بساقية ميقاتي.
أمّا في النقطة الثانية المتعلقة بريفي، فيبدو استهدافُه من «المستقبل» كاريكاتورياً صعباً على التصديق. فَريفي الذي خاضَ معركة البلديات في وجه تحالفِ «المستقبل» وميقاتي وجميعِ القوى الطرابلسية وفاز، لم يكن في يوم من الأيام محتاجاً إلى ممارسة أي تكتيكات تحت الطاولة، فمسارُه السياسي لم يسجَّل فيه أيُّ تلاعُبٍ، ولا هو أراد أن يدخل في أيّ تحالف ظرفي أو انتخابي، وعلى هذا الأساس شكّل لوائحَه، التي لم يتعاون فيها مع أيّ حزب سياسي، حتى منها تلك التي يتشارك معها في إقتناعات سياسية، والسببُ يعود لظروفِ المعركة في الدوائر المختلفة.
لهذا بدت حملة الإشاعات «المستقبلية» التي حاوَلت الربط بين ريفي وميقاتي أشبَه بحركةٍ بهلوانية تهدفُ إلى زرع صورةٍ لتيار «المستقبل»، وكأنّه يواجه ميقاتي حليفَ «حزب الله» والنظام السوري، والذي قد يُشكّل خطراً في تأليف الحكومة المقبلة، وفي الوقت نفسه كأنه يواجه تحالفاً طرابلسياً مصلحيّاً بين ريفي وميقاتي سيصبّ في النهاية لمصلحة الأخير.
أوساط ريفي أشارَت إلى أنّ ما قام به «المستقبل» في الأيام الماضية هو هروب الى الامام، وهو الهروب نفسُه الذي حدا بالحريري الى رفعِ السقف في وجه «حزب الله» والنظام السوري في مهرجاناته الانتخابية، فيما يسيطر «الحزب» على قرار حكومته، ويمتلك ورقة الرئاسة.
وقالت هذه الأوساط: «في الواقع، الحريري يترأسُ حكومةً ميقاتية، والأخطر أنه يحاول إضفاءَ شرعية الرئيس الشهيد رفيق الحريري عليها، ويَذكر الجميع أنّنا وبعد استقالة الثلثِ المعطل من الرابية، وقبولِ الرئيس ميقاتي تشكيلَ الحكومة، نصحنا بعدم السير في هذا الاتجاه، وواجهنا تلك الحكومة، فيما غادر الرئيس الحريري لبنان، لقد كنّا نحن في المواجهة، ورفضنا وصاية حزب الله».
وأضافت:»اليوم يأتي من تَحالفَ مع حليف «حزب الله»، لينشر الأكاذيب عنّا، معتقداً أنّه قادر على أن يُنسيَ اللبنانيين أنّه انتخَب للرئاسة حليفاً لـ»حزب الله»، وأنّه شكّلَ حكومةً غالبيتُها لـ«حزب الله» وأنه أعطى الحزب قانونَ انتخاب، وأنّه قبلَ بتولّي محامي الدفاع عن المتّهمين في جريمة اغتيال الرئيس الحريري وزارةَ العدل، وأنّه أجلسَه إلى جانبه في ذكرى 14 شباط»، وقالت: «مَن اصطفَّ إلى جانب التيار العوني المتفاهم مع «حزب الله» على حساب البلد، ليس مؤهلاً ليُنصّب نفسه مدافعاً عن البلد في وجه الدويلة».
وخَتمت الأوساط: «اللقاء مع اللبنانيين في 6 أيار لكي نواجه اللوائح المدعومة من «حزب الله» والمرعوبة من «حزب الله»، حيث لم يعد يفصل بين الفئتين سوى شعرة معاوية، ولن يكون في قاموسنا شيء اسمُه الإستتباع أو الخوف ولا الترهيب أو الترغيب».