في دائرة الشمال الثالثة ، تأخذ الإنتخابات النيابية في ٦ أيار ٢٠١٨ بُعدا سياسيا يتجاوز الإستحقاق النيابي ليصل إلى هوية رئيس الجمهورية القادم في المستقبل.
هذه الدائرة المسيحية بإمتياز ، تضم أقضية زغرتا - بشري - البترون - الكورة ، ومُخصّص لها ١٠ مقاعد نيابية موزَّعة على الشكل التالي :
- ٢ موارنة في بشري.
- ٢ موارنة في البترون.
- ٣ أرثوذكس في الكورة .
- ٣ موارنة في زغرتا.
يبلغ عدد الناخبين في هذه الدائرة حوالي ٢٤٧،٠٠٠ ناخب، وأكبر الدوائر هي زغرتا بمجموع ناخبين يصل إلى ٧٧،٠٠٠ ناخب ، وأصغرها في بشري بمجموع ٤٩،٠٠٠ ألف ناخب.
إقرأ أيضا : ملف التعيينات في المجلس الدستوري ... هل يتحوّل إلى إشكال جديد على أبواب الإنتخابات ؟
ويتنافس في هذه الدائرة ٤ لوائح هي كالآتي:
١- لائحة الشمال القوي المدعومة من التيار الوطني الحر وحركة الإستقلال وتيار المستقبل.
٢- معا للشمال ولبنان ، المدعومة من تيار المردة والنائب بطرس حرب والحزب السوري القومي الإجتماعي.
٣- نبض الجمهورية القوية ، المدعومة من حزبي القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية.
٤- كلنا وطني ، وهي لائحة المجتمع المدني ومدعومة من حركة مواطنون ومواطنات في دولة وصح وحزب سبعة.
لائحتا " الشمال القوي " و" نبض الجمهورية القوية " مكتملتان ، أما لائحتي " معا للشمال ولبنان " و " كلنا وطني " فتتألفان من ٩ مرشحين ، حيث فضّل تحالف المردة - حرب - القومي ترشيح فقط النائب بطرس حرب عن دائرة البترون.
فيما رشحت لائحة " كلنا وطني " مرشحين (٢) فقط من أصل ٣ مخصّصة لقضاء الكورة .
إقرأ أيضا : جبران باسيل يتحدّى نبيه بري في الجنوب
ويبلغ الحاصل الإنتخابي في هذه الدائرة حوالي ال ١٣،٠٠٠ صوت ، ومن المرجح أن يزداد ليصل إلى ١٥،٠٠٠ بفعل المشاركة الكثيفة المتوقعة للمغتربين في هذه الدائرة.
وستُساهم خطوة تحالف المردة - حرب - القومي بترشيح بطرس حرب في البترون بتوجّه جميع الأصوات التفضيلية لهذه اللائحة لتنصب لمصلحة حرب ، ما يُعزّز من فرص نجاحه.
أما بالنسبة للوزير جبران باسيل ، الذي فشل في دورتين سابقتين من الوصول إلى الندوة البرلمانية ، فإن حظوظ نجاحه في هذه الدائرة مرتفعة هذه المرة ، بفعل عوامل عديدة منها أصوات المغتربين وأصوات السنة ( حوالي ٤٠٠٠ صوت ) والذين يمون تيار المستقبل على معظمهم.
أما الشيعة في البترون فيبلغ عددهم حوالي ١٠٠٠ صوت ، سيُصوت أنصار الحزب فيهم لباسيل أما أنصار حركة أمل فمن المرجح أن يُصوّتوا لحرب ، بسبب العلاقة المميزة التي تجمعه بالرئيس نبيه بري .
ومن غير الواضح حتى الآن كيف سيُرضي تيار المستقبل الحلفاء والأصدقاء في هذه الدائرة ، فهو على علاقة جيدة مع معظم القوى السياسية ، كتيار المردة وحزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
ويُرجّح البعض بأن يُوزّع تيار المستقبل أصواته على جميع الحلفاء ، فيُعطي أصواته التفضيلية في زغرتا ( عدد السنة حوالي ١٠،٠٠٠ صوت في هذا القضاء ) للمرشح طوني فرنجية نجل النائب سليمان فرنجية ، وفي البترون يُعطيها للوزير جبران باسيل ، أما في بشري ( عدد السنة حوالي ١١٠ أصوات )فسيُجيرها للقوات اللبنانية .
من جهة " حزب الله " ، فإنه سيعمد إلى تجيير أصواته في الكورة ( عدد الشيعة ١٢٠٠) لصالح مرشح الحزب السوري القومي الإجتماعي ، وقد يلجأ الحزب إلى توزيع الأصوات بين مرشحي التيار والقومي .
وشكل تحالف رئيس حركة الإستقلال ميشال معوض مع التيار الوطني الحر أكبر المفاجآت في هذه الدائرة ، بعد مرور عامين على تحالف الأول مع المردة في الإنتخابات البلدية . وفي حال تمكن معوض من خرق لائحة المردة ، فإنها ستكون خسارة معنوية وسياسية قاسية للنائب سليمان فرنجية .
في بشري ، تبدو القوات اللبنانية مرتاحة لأرقامها ، وتقود اللائحة فيها المرشحة ستريدا طوق جعجع ، وهي تسعى لتأمين فوز كاسح ، كي لا يتم الإستثمار في الفروقات بين اللوائح سياسيا في مرحلة ما بعد الإنتخابات .
فيما يخص لائحة المجتمع المدني , فإن حظوظها تبدو منعدمة في هذه الدائرة في ظل تصارع أقوى الأحزاب والشخصيات المسيحية فيها .
إقرأ أيضا : باسيل يختلق عدو وهمي للمسيحيين في رميش
وتبرز أهمية الإنتخابات في هذه الدائرة كونها ستعكس الأحجام الحقيقية لأبرز القوى السياسية ، التي من المحتمل أن تُحدِّد هوية رئيس الجمهورية المقبل .
ففي هذه الدائرة ، يتنافس أكثر من قوة سياسية ومرشح للنيابة هم في الحقيقة مرشحون أيضا لرئاسة الجمهورية ، كجبران باسيل وسليمان فرنجية ( فوز نجله طوني ولائحته ستُعزّز حظوظه الرئاسية ) وبطرس حرب وميشال معوض وسمير جعجع ( في حال تحقيق لائحة القوات اللبنانية فوزا كاسحا ) و سامي الجميل ( في حال فوز النائب والمرشح الحالي سامر سعادة فإنها ستزيد من فرص رئيس الكتائب في إثبات أحقيته بالترشح بقوة للرئاسة لاحقا ).
وحقيقة الأمر ، أن المرشحين المحتملين للرئاسة الجمهورية ، معظمهم يحرصون على تحقيق نتائج مبهرة في هذه الدائرة المسيحية بامتياز ، سواء عبر ترشحهم مباشرة أو ترشيح أسماء لها رمزية حزبية تابعة لهم.
فهذه الدائرة بالأخص ، هي معركة إثبات وجود لأبرز القوى المسيحية ، ولا شك أن طريق قصر بعبدا تمرّ من دائرة الشمال الثالثة.