يفتح اقتراع المغتربين وآلية تصويتهم ونقل الصناديق إلى لبنان لفرزها، باباً جديداً للاشتباك السياسي بين القوى المختلفة. ثمة قوى سياسية تعبّر عن خشيتها من حصول عمليات تزوير، أو عدم ضمان سلامة آلية التصويت وسلامة الصناديق التي ستنقل عبر الطائرات تحت إشراف وزارة الخارجية إلى وزارة الداخلية في لبنان. وفيما تستغرق هذه العملية ستستغرق أياماً، هناك من يضع احتمال حصول تبديل في بعض الصناديق أو أمور مشابهة، خصوصاً أن لا إشراف مباشراً لهيئة الإشراف على الانتخابات على عملية الاقتراع في الخارج، ولا على عملية نقل الصناديق.
تأتي إثارة هذه المواضيع من منطلق خلاف سياسي، هو الصراع المستمر بين بعض الأفرقاء ووزير الخارجية جبران باسيل. فمثلاً، بعض المصادر في حركة أمل تتحدث عن عدم ثقة بهذه العملية، وتشير إلى أن الرئيس نبيه بري كان قد اعتبر سابقاً أنه يخشى حصول تجاوزات في انتخابات الخارج، لا سيما أن وزارة الداخلية غير مشرفة على العملية الانتخابية. أكثر من ذلك، فإن خشية الثنائي الشيعي تكمن في حرية حركة مناصريهما، إذ إن (حزب الله) مثلاً مصنف إرهابياً في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأميركية. بالتالي، هناك كثير من الناخبين سيخشون الذهاب إلى مراكز الاقتراع والتصويت للحزب، خوفاً من تعقّبهم مثلاً. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض نسبة المقترعين.
ليست حركة أمل وحيدة في التعبير عن الخشية من التلاعب في الصناديق أو النتائج، بل يدور في الكواليس السياسية كلام كثير، من هذا النوع، وهناك من يستعد منذ اليوم لتقديم الطعون، تحت ذرائع عديدة، كالنائب بطرس حرب مثلاً، فيما يلتقي معه ومع أمل كل من الوزير مروان حمادة وتيار المردة. وفيما أكد وزيرا الداخلية نهاد المشنوق والخارجية باسيل أن أهم إنجاز حصل هو تصويت المغتربين، معتبرَين أن لا خلاف سياسياً بشأن هذه الخطوة، تؤكد مصادر الأفرقاء الأخرى أن هذا البند يحتوي على أساس الخلاف السياسي، طالما أنه لم يتم ضمان شفافية الانتخابات، وخضوعها لمراقبة الجهات المعنية. ويطالب هؤلاء بدخول وزارة الداخلية وهيئة الاشراف على الخط وإرسال مندوبين، لكن الأمر يبدو متعذراً.
هذا الأمر استدعى رداً من النائب بطرس حرب الذي يعتبر أن قرار وزارة الداخلية رقم 668 المتعلق بآلية فرز صناديق الاقتراع في لجان القيد الابتدائية والعائدة إلى موظفي الأقلام والناخبين اللبنانيين الذين يقترعون في الخارج، يتناقض مع منطوق المادة 120 من قانون الانتخاب، إذ ينص على أن "المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية تكلف بالاشراف على عملية احصاء المغلفات المختومة والتنسيق مع لجان القيد العليا في بيروت"، فيما تنص المادة 120 من قانون الانتخاب على أنه "في نهاية عملية الاقتراع يوم الأحد المحدد لإجراء الانتخابات النيابية في لبنان، ترسل المغلفات المذكورة مع المستندات الانتخابية الأخرى، إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها من قبلها وتوثيق نتائجها". ما يعني أن القرار الصادر عن وزارة الداخلية نص على أن المغلفات المختومة ترسل إلى لجان القيد الابتدائية في كل دائرة انتخابية. في وقت ينص القانون على أن لجنة القيد العليا في بيروت هي التي تفرز المغلفات وتوثق نتائجها. وهو ما يتعارض مع أحكام القانون، ويعرّض الانتخابات ونتائجها للطعن.