منذ اللحظات الأولى على إعلان ترشيحه من معراب عن المقعد الماروني في بعلبك الهرمل أدرك الدكتور أنطوان حبشي أن المعركة لن تكون سهلة، وأن مهمة "كسر الصمت" في منطقة اعتادت مبايعة جلادها بصمت على مدى 26 سنة مضت ستكون من أصعب التحديات التي واجهها المتمرّد القواتي في حياته.
ينطلق حبشي في المنافسة الانتخابية من ثوابت وطنية ميثاقية لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها في كافة المجالات، ومن شرعة القوات اللبنانية وخطها التاريخي في مقاربة كل القضايا الوطنية. ويتعهد بمواصلة النضال لتحقيق وتكريس نهج جديد في العمل السياسي الشفاف والمنتج تحت سقف حرية لبنان وسيادته واستقلاله والتزامه القرارات الدولية.
ويطمح لاستكمال سيادة الدولة كاملة غير منقوصة وذلك باتجاه ترسيم الحدود بدءاً من مزارع شبعا تسهيلا لاستعادتها وبناء علاقات طبيعية مع الدولة السورية وتطبيق اتفاق الطائف وإنهاء قضية المعتقلين في السجون السورية وإلغاء القواعد العسكرية الموجودة خارج المخيمات.
يتطلع إلى الإنماء المتوازن بحيث يكون محوره الانسان وليس الطائفة أو المنطقة ومكافحة الفساد في المؤسسات والإدارات العامة ودعم العمل الإصلاحي فيها من خلال تحصين المؤسسات الرقابية. كما يتطلع لوضع برنامج فعال لإدارة الدين العام وتخفيضه واعتماد سياسات اقتصادية مالية ونقدية ذات أبعاد تنموية متوازنة في كل القطاعات الإنتاجية. ويصر على مشاركة أكبر وأكثر فاعلية للمرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي صنع القرار.
يدرك حبشي جيدا ما تعانيه منطقة بعلبك الهرمل من الفقر والحرمان ويعِد بالعمل على استئصاله عبر برنامج إنمائي متكامل يشمل المستوى الاقتصادي، الزراعي، الصحي والاجتماعي، التربوي والثقافي، البيئي والسياحي، والشبابي الرياضي.
ويؤكد لـ"ليبانون ديبايت" أن من أولى المشاريع التي سيحملها معه إلى الندوة البرلمانية: الشروع بعملية تنظيم الأراضي وتصنيفها والإسراع بإنجاز أعمال الضم والفرز ومعالجة مشاكل الملكيات والشيوع ومخالفات الأملاك المبنية، ومشروع استكمال تقسيم الدوائر وركائز المحافظة لتصبح متكاملة كباقي المحافظات، والإسراع بإنشاء وتنفيذ المشاريع التي لحظتها الخارطة الإنمائية للمنطقة على كافة الأصعدة ومنها سد العاصي.
يخوض حبشي الانتخابات للمرة الأولى ويبرر ذلك بأنه وللمرة الأولى يكون هناك انتخابات فعلية في بعلبك الهرمل. ويوضح أن الترشح كان تلاقي إرادات بينه وبين حزب القوات اللبنانية. ويقول "همّني الترشح لأنني ابن هذه المنطقة وتعني لي الكثير، ويوجعني الحال التي هي عليه اليوم، هؤلاء أهلي وكل ما يحصل معهم يعنيني، ولأني شعرت أني أستطيع أن أقدم لهم ما يحتاجونه، وأصنع الفرق، قررت خوض المعركة".
يضيف "حالة بعلبك الهرمل غير مقبولة ولا أستطيع بالتعبير الكلامي أن أبيّن حجم الأذى والإهمال المزمن الذي لمسته عندما تعاطيت مع تفاصيل المنطقة اليومية. الواقع سلبي أكثر بكثير مما هو واضح للعلن، وحتى الجمهور الرافض لوجودنا يعاني، ويصوت للمتحكمين بلقمة عيشه وهو يدرك جيداً أنه مهمل ومهمش".
ويؤكد حبشي أن اعتماد المقاربة الإنمائية لبرنامجه لا يعني بالضرورة الهرب من الموضوع السياسي، "إن كان هناك وجهات نظر مختلفة في السياسية، إلا أن المسائل الحياتية اليومية لا يستطيع الناس أن يختلفوا عليها، بل يمكنهم التلاقي ومهما كان الخلاف السياسي بينهم يُمكن أن يُدار بالحوار والمنطق الديمقراطي".
"الأهم وجود برنامج اقتصادي تنموي واضح للمنطقة، النواب على اللائحتين المتنافستين يستطيعون الاختلاف سياسياً، لكن بالمنطق التنموي يستطيعون الجلوس مع بعضهم ليجدوا الحلول لمنطقتهم"، على حد تعبيره.
متفائلٌ حبشي بأن المنافسة الحقيقية التي كانت مغيبة طوال السنوات الماضية ستجلب الإنماء إلى هذه المنطقة المحرومة، والدليل أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تكلم للمرة الأولى خارج الإطار السياسي العام عن برنامج إنمائي، وتحدث عن محاربة الفساد "وهذا شيء مشترك بيننا وبينهم بدأ يظهر، لأن الخطاب السياسي المنافس المُهاب الذي له علاقة بحياة الناس هو الذي خلق هذا التحول في خطاب نصرالله"، وفقاً للمرشح ذاته.
ويرى حبشي ألا فائدة من تحويل المعركة في بعلبك الهرمل إلى سياسية، "المطلوب اعتراف حزب الله بأخطائه وبالإهمال الذي سكت عنه طوال 26 عاماً ويضع يده بيد منافسيه لنتساعد في إنماء منطقتنا".