كان القانون الانتخابي الأكثري (على علاّته) يرتكز على المصداقية في التّرشّح للمنصب النيابي (سواء فاز المرشّح أو خسر). وكان المرشّحون يتمتّعون بالحدّ الأدنى من الحسّ الوطني، والحدّ الأعلى من الكرامة الشخصية، فضلاً عن التّفاني في سبيل جعل المنافسة الانتخابية على قدرٍ من المسؤولية والروح الرياضية، حتى جاء القانون النسبي الحالي، والذي سمح بنشوء تحالفات عجيبة غريبة، وولادة عددٍ من اللوائح الملغومة، ومعظمها ولادات قيصرية.
وفي حين كُنّا نأمل بولادة لائحة معارضة واحدة متماسكة تستطيع مواجهة الثنائية الشيعية في منطقة الجنوب الثالثة (النبطية - مرجعيون وحاصبيا - بنت جبيل) إذ بنا نشهد ولادة خمس لوائح "معارضة"، وبدل أن تتوحد المعارضات لمنافسة لائحة الثنائية الشيعية ذات الحظ الأوفر في حصد كافة مقاعد الدائرة، باتت لوائح المعارضة الخمس تقتاتُ من بعضها البعض، في حين تزداد لائحة الثنائية منعةً وتماسُكاً، وكذلك الأمر في دائرة بيروت الثانية مثلاً، حيث تتنافس تسع لوائح، بحيث اختلط الحابلُ بالنابل، وقس على ذلك، إلاّ أنّ أغرب ما شهدته هذه الانتخابات في منطقة بعلبك - الهرمل هو ولادة لائحة اختارت لنفسها إسم (اللائحة المستقلة)، في حين يظهر للعيان مدى تبعيتها للائحة الثنائية الشيعية، ومدى زيف استقلاليتها، حين تقف السيدة سندريلا مرهج (صحافية مرشحة على اللائحة) لتُعطي دروساً في الكرامات والمذّلات والوطنية، وبعد نيلها من المعارضة التي تتصدى لخط المقاومة، تصدح بلغة فصيحة وبليغة لتختصر مشهد الإنتخابات في دائرة بعلبك - الهرمل المُبتلاة بهكذا مرشحين فتهتف:
"لن يُمثّل بعلبك - الهرمل سوى من يحمل صليب الحقّ وسيف المقاومة، "وهذا يُذكّرنا بشعار معانقة الهلال - الصليب والذي طالما تقاتل اللبنانيون تحت ظلاله بلا رحمة ولا محبّة".