في وقت غريب، وعلى خلفية إعتبار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمس المجلس الدستوري الحالي غير صالح، مطالبًا بتعيين أعضاء جدد، قائلاً: "لا يمكننا إجراء الانتخابات النيابيّة والمجلس الدستوري غير صالح، ولا بدّ من تعيين أعضائه قبل الإنتخابات"؛ تساءل الكثيرون عن سبب تعيين اعضاء للمجلس الدستوري في هذا الوقت تحديدًا أي ما قبل الإنتخابات، وهل يعتبر ذلك قانونيًا أم مخالفًا للقانون؟
وفي هذا السياق، توقّف المراقبون عند توقيت إثارة باسيل هذا الموضوع، وتساءلوا نقلاً عن صحيفة "الجمهورية"، عن "سرّ هذه الاستفاقة المفاجئة قبل 18 يومًا على موعد إجراء الانتخابات؟ علمًا أنّ الحكومة، وباسيل عضو فيها، قد أجرت سلّة كبيرة من التعيينات القضائية والديبلوماسية والأمنية، ونَبّهوا من خطورة هذه العملية التي تدخل في اطار التهويل والضغط غير المباشر على رئيس المجلس وأعضائه الحاليين".
وأكّد هؤلاء للصحيفة أنه "لا يجوز اليوم حصول أي تعيينات لها علاقة بالانتخابات النيابية، فإذا أرادت هذه الحكومة المُشارِكة من أذنيها وحتى أخمص قدميها في الانتخابات، بدءًا من رئيسها وصولاً إلى غالبية وزرائها، تعيين أعضاء المجلس الدستوري الذي سينظر في صحة الانتخابات والطعون التي سترفع اليه، فمعنى ذلك أنها ستأتي بمجلس دستوري على قياسها لتعطيل أيّ طعن، وبالتالي سيفقد المجلس أي صدقية".
وأضافوا، "الذريعة بأنّ ولاية المجلس قد انتهت هي باطلة، فأعضاؤه قائمون وفاعلون ومهماتهم لا تتوقف، كذلك، فإنّ تعيين اعضاء المجلس يأتي من الحكومة الجديدة ومجلس النواب الجديد وليس من الطبقة السياسية الحالية، والّا سيشكّل ذلك فضيحة كبرى، علمًا أنه سبق وأن تمّ تعيين هيئة الإشراف على الإنتخابات ورأينا ما هي إنجازاتها، فهي تحوّلت هيئة للإشراف على انتخابات السلطة، علمًا أن لا صفة دستورية لها فيما المجلس الدستوري له الصفة الدستورية العليا" على حد قولهم.
وبدوره، قال النائب بطرس حرب للصحيفة، انّ "المَس بالمجلس الدستوري الآن ومحاولة تعيين اعضاء جدد فيه يدخل في إطار السيطرة على قنوات المجلس"، مشيرًا إلى أنّ "تعيين الأعضاء الجدد يأتي من الحكومة ومجلس النواب الجديد، كذلك هناك آليّة معينة للتعيين والوقت لا يسمح بذلك ابدًا، وبالتالي أيّ تعيين جديد هو في إطار تزوير نتائج الانتخابات".
أما قانونيًا، قال مرجع دستوري وقانوني نقلاً عن الصحيفة: "هناك محاذير لإقدام السلطة على تعيين أشخاص محسوبين عليها ومدينين لها بتعيينهم في مواقع الرقابة والمرجعية المطلوب منها النظر في الطعون، لأنه ينتقص مبدأ دستوريًا وقانونيًا حول فصل السلطات وعدم استغلالها لإمرار مصالح فئوية، فتعيين اعضاء المجلس الدستوري عشية الانتخابات انتقائيًا، يُشكّل في حد ذاته سبباً للطعن في التعيين، خصوصًا أنّ المجلس القائم يستمر في تولّي مهماته حتى انتخاب مجلس بديل أو تعيينه، وفي كل حال، هناك تدابير وإجراءات تحصل في ظروف ملتبسة بعيدة عن التجرد والشفافية، ومن شأنها التشكيك في النيّات المبيّتة لتشويه الانتخابات".