هل استقالة حكومة " كلنا للعمل" أفرجت البلد أم فلجته؟ خطوة غير متوقّعة أقدم عليها الرئيس نجيب ميقاتي، وخصوصاً من حلفائه الذين كانوا يتوقعون منه، في اقصى الحالات، اعتكافا لمدة قصيرة يمرر فيها تاريخ احالة اللواء اشرف ريفي على التقاعد. لكنه فعلها واستقال.
الاكثرية الحالية فقدت بذلك فرصتها في الحكم والسلطة، وقد يكون الخاسر الاكبر فيها " التيار الوطني الحر" الذي لن تسنح له الفرصة ثانية للحصول على عشرة اعضاء في حكومة واحدة. في المقابل، وعلى قول المثل "رب ضارة نافعة" قد تكون هذه الاستقالة، وربما أرادها فعلاً الرئيس ميقاتي، مدخلاً لمرحلة جديدة من الحوار، تجمع الاطراف المتناحرين للتفاهم على قانون انتخاب توافقي، يعبر بالبلد الى بر الامان والهدوء، رغم الاوضاع المصيرية التي تعصف بالمنطقة.
هل تلتقط قوى 14 آذار الكرة؟ وهل تعود الاكثرية اليها؟ وكيف تتحضر للمرحلة المقبلة؟ اسئلة طرحناها على نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" نائب الشوف جورج عدوان الذي يشارك في لجان مشاريع القوانين الجديدة ورسم استراتيجيات المعارضة.
¶ هل أراحت استقالة الحكومة البلد؟
- استقالة الحكومة كانت ضرورية لوقف الانحدار الكبير الذي يحصل في البلد من النواحي الامنية والمالية والاقتصادية وعلى صعيد المؤسسات وما يتعلق بالقضايا الدستورية والقانونية، ولا سيما قانون الانتخاب، وكذلك على صعيد الحكومة وسياستها والوضع الشاذ الذي كان سائدا بين اطرافها من ناحية، وبينها وبين بقية الاطراف من ناحية اخرى. لم نشهد مرة حكومة كهذه تضم هذا الكم من التناقضات. وإن ذهابها يفتح دون ادنى شك الآقاق نحو معالجة جدية للوضع، ويوقف التدهور الدراماتيكي في كل المجالات.
¶ كيف انعكست هذه الاستقالة على الاكثرية وعلى "حزب الله" خصوصا؟
- الكل يعرف ان الاكثرية تشكلت بشكل غير طبيعي. وتأليف هذه الحكومة كان يراد منه غطاء سياسي ما لهذه الاكثرية غير المنسجمة، وبنوع خاص لـ"حزب الله" الذي قبل بأمور كثيرة في مقابل تغطيتها له. كنا نحكي بشهود الزور فصرنا نموّل المحكمة. كنا نحكي باقالة اشرف ريفي ووسام الحسن وسعيد ميرزا، فانتهى الاخير مستشاراً لرئيس الحكومة، وانتهت الحكومة باستقالة ميقاتي من اجل اشرف ريفي الذي كان مطلباً. كل هذه الامور قبلوا بها، لأنه كان مطلوبا من الحكومة تغطية ما محلية ودولية واقليمية. ويدلّ سقوطها على ان هذه التغطية رفعت بعدما فشلت حين بدأ الرئيس ميقاتي يتخذ مواقف مع رئيس الجمهورية وبعض الوزراء بشكل واضح في أمور تتعلق بالاستراتيجيات الكبرى حول ما يجري في سوريا مثلا، وموقف وزير الخارجية عدنان منصور وما ادى اليه من مواقف البلاد العربية الخارجية. كل هذه الامور تدل على أن الغطاء الذي أرادوه من الحكومة، ليس فقط لم يأخذوه، بل انعكس في بعض الحالات سلبا، والان رفع كليا. وما اريد تاليا من تشكيل هذه الحكومة لم ينجح، وانتهت مفاعيله. وقد تكرس بالامس فشل الاكثرية التي تحكم.
- ليس همنا الاول اليوم ان نشكل حكومة لأن الفريق الآخر فشل، وفي البلاد الديموقراطية حين تفشل الاكثرية تأتي المعارضة، بل همنا انقاذ الدولة لانهم سلمونا البلد على شفير الهاوية ونحن في مرحلة دقيقة. أولوياتنا هي الآتية:
1- على الصعيد الدستوري : هناك مجلس نواب ستنتهي ولايته في حزيران المقبل، وهناك حكومة مستقيلة، وفراغ على رأس الاجهزة الامنية . كل هذه مؤشرات خطرة، في ظل وضع امني في طرابلس وغيرها على كف عفريت، والوضع في سوريا ممكن ان يتفاعل مع الوضع اللبناني في كل لحظة في ظلّ هذه الظروف. ومن الضروري ابقاء المؤسسات قائمة في الدولة ومنع تفريغها. لذلك نعتبرتشكيل حكومة اليوم اولوية، لا ان تبقى حكومة تصريف الاعمال.
2- التفاهم على قانون انتخابات واجراؤها، ولو بتأخير تقني.
3- الوضع الامني.
4- عدم ربط لبنان بالازمة السورية بأي شكل.
¶ ماذا بعد الاستقالة؟ وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها؟
- يجب المحافظة على دستورية الامور، اي يجب اولا اجراء الاستشارات الملزمة وان تؤدي الى تكليف رئيس حكومة.
¶ ما هو شكل الحكومة المطلوب؟
- هذا الموضوع يتطلب التشاور على صعيد الحزب ومع الحلفاء، اي نوعية الحكومة واي طريق نسلك .اجراء الانتخابات يحتم حكومة حيادية، وينطلق برنامجها من "اعلان بعبدا"، لأن الجميع موافقون عليه ويؤمن الحياد والنأي بالنفس وغيرها.
¶ هل تعتقد ان التمديد للمجلس النيابي أمر لا مفر منه؟
- الحديث عن تمديد تقني أمر منطقي، لأنه لا يمكن اجراء انتخابات في 20 حزيران الاّ على اساس قانون الستين، وهذا أمر غير وارد، وخصوصاً بعد الاشكالية الجديدة التي حصلت في شأن تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات، اضافة الى ان الاكثرية الساحقة لا تريده، ولم تحصل حتى ترشيحات، وبالتالي سيكون هناك تمديد تقني لبضعة أشهر.
¶ رئيس الجمهورية مصرّ على عدم التمديد لهذا المجلس، وربما الحكومة الحيادية التي قد تؤلّف تشكل هذه الهيئة، وخصوصاً أن هناك آراء أن هذه الهيئة يجب ان تتشكل لاي قانون وليس للستين فقط.
- كل هذه الأمور تهون عندما يشعر الجميع بأن المجلس النيابي دعي الى هيئة عامة خلال الايام المقبلة، وبدأ بعمل جدي لاقرار قانون جديد. اذا تمت مواكبة الحكومة التي ستتشكل بالعمل على قانون الجديد، من هنا اربط حتى قيام الحكومة بتفاهم مبدئي على اقرار قانون انتخابات جديد واجراؤها في وقتها.
¶ هل تعتقد انكم تحررتم من مشروع "اللقاء الارثوذكسي"؟
- المرحلة اليوم بالنسبة الينا في "القوات لبنانية" هي مرحلة التفتيش عن قانون توافقي، لاننا نريد انتخابات، وان تكون بداية مرحلة تهدئة في البلد وليس تكريس الفرز أكثر. وهذا الامر غير متيسّر، بعد تجربتنا، الا بقانون توافقي. نحن في هذه المرحلة الان ندفع في هذا الاتجاه.
¶ سبق ان بحثتم على مدى أشهر في اللجان وغيرها ومع كل الاطراف في صيغ عدة ولم تنجحوا. ما الذي سيتغير الآن؟
- الوقت أصبح ضاغطاً اكثر. وهناك مؤشرات عدة منها أن "تيار المستقبل" تقدموا في طروحاتهم، في السابق كانوا في مكان واصبحوا اليوم في مكان آخر. اصبحوا على خطوات صغيرة من المطروح توافقياً. المنطلق كان مشروع الرئيس بري، مع بعض التعديلات عليه. الفريقان اللذان كانا يرفضان النسبية بالمطلق هما "المستقبل" والحزب الاشتراكي اللذان اصبحا قريبين جداً من طرح الرئيس بري، والذي كلما تقتربين منه تكونين عمليا تقتربين من طرح 8 آذار، لأنه من الصعب جدا ان يرفض الآخرون مشروعا طرحه الرئيس بري. من هنا اقول اننا اليوم اقرب مما كنا عليه منذ شهرين او اسبوعين. لم نصل، لكننا اقرب. نحن كـ"قوات" نريد الدفع في اتجاه هذه الفرصة، لاننا نريد انتخابات، وان تكون مدخلا لتهدئة البلد، وبالتالي لعدم استثناء احد، وطبعا ان تكون مدخلا لتصحيح التمثيل. وهذه القوانين مع بعض التعديلات عليها تقترب من التصحيح، بحيث يمكن التكلم بنحو 56 نائبا يأتي بهم المسيحيون، وسائر المكونات تقبل بالامر الى حد ما به، فتقتربين الى حد مما تريدينه. لا تأخذين ما تريدين لكنك تقتربين. وعندما نتكلم بتوافق وشأن وطني، على كل طرف ان يقدم تضحية ما تكون مقبولة ومعقولة.
اجتماع بكركي ¶ الجميع كانوا في اجواء استقالة الحكومة. فما معنى حصول اجتماع بكركي؟ وماذا حصل في هذه الاجتماع؟
- الاجواء كانت لدى 8 آذار حصول اعتكاف لا استقالة، يستمر حتى آخر الشهر، تاريخ تقاعد اللواء اشرف ريفي، ثم يعود ميقاتي عن الاعتكاف بعد ان يكون سجل موقفا في هذه المسألة. هذا ما قيل. لم يكن هناك جوّ لدى الفريق الاخر باستقالة ميقاتي. كان هناك كلام عن استقالة، لكن لم يكن هناك شعور بأنها ستحصل.
اجتماع بكركي انقسم الى شقين: الاول عرض فيه البطريرك ما حدث في روما. وتبين ان كل ما سرّب الى الاعلام لم يكن مرتبطا بالحقيقة. ولم يكن هناك ورقة، بل دار حديث عن افضل طريقة لتمهيد الطريق لتسوية: هل الافضل سلوك طريق حل قصة المجلس النيابي مع مجلس الشيوخ معا، او سلوك طريق الذهاب الى انجاز قانون انتخابات انطلاقا من مشروع الرئيس بري؟ هنا كان رأيان: واحد يقول انه لم يعد هناك وقت لندخل في تسوية تتعلق بمجلس الشيوخ ومجلس النواب، ونحن كنا من هذا الرأي، وانه يجب اجراء الانتخابات والتفاهم على قانون.
والثاني، لنفترض اننا سنذهب مباشرة الى مقاربة قانون الانتخاب كيف نقاربه؟ وهنا ايضا كان رأيان، واحد يقول انه ليس هناك حتى اليوم طرح آخر جدي، وبالتالي يجب ان نبقى على "الارثوذكسي"، ومن لديه طرح آخر فليأت به الى المجلس في جلسة "الارثوذكسي" ونصوت عليه، ولكن ما دام الآخرون لم يقدّموا طرحاً اخر، فلماذا لا نقف عند الارثوذكسي؟ وثمة طرح آخر يقول اذا كنا نريد تحريك الامور، ونريد قانون انتخاب، فيجب ان يكون لدينا سعي للتوافق انطلاقا من مشروع الرئيس بري مع بعض التعديلات، لنشجّع الآخرين على ان يقتربوا الى التوافق. وجاءت استقالة الحكومة، فاتفقنا على ابقاء الاجتماعات مفتوحة لنرى تطور الامور ونلتقي مجدداً.
¶ هل تعتقد انه بعد استقالة الحكومة نسفت كل هذه الافكار؟
- اعتبر ان الاولوية ستكون لموضوع ربط الحكومة باجراء الانتخابات: هل نربطها بقانون الانتخابات واجرائها، او بخريطة طريق أخرى كتسوية؟
¶ ماذا حصل في الخلوة مع العماد عون؟
- الدردشة تناولت حول نقطة واحدة طرحتها عليه: لماذا لا نقارب توافقا ما معقولا يعطي صحة التمثيل، وعندها فليتحمل من يرفض مسؤولية الرفض، لأن رفض هذا الامر غير رفض "الارثوذكسي".
¶ هو دائما يقول انه طرح "الارثوذكسي" ومن لديه طرح آخر فليعطه.
- اعطينا الطرح المختلط. وأقولها من الاخر، اذا اردنا التوافق على الانتخابات فيجب ان ننطلق من المختلط وان نقترب من مشروع الرئيس بري، مع ادخال بعض التعديلات والتحسينات لأن هناك موضوع صحة التمثيل.
¶ صار معروفا أن الجميع تقريبا موافقون على المختلط، وتبقى مسألة تقسيم الدوائر والنسب؟
- اصبحنا متفقين تقريبا على الدوائر. والرئيس بري أوجد حلا لمسألة بعبدا ضمن المنطق العام، من دون استثناء، وأترك له الافصاح عنه.
may.abiakl@annahar.com.lb