بدأ العد العكسي، و 17 يومًا فقط على موعد الإنتخابات النيابية المقبلة في 6 ايار 2018، في وقت لم تحل فيه الأطراف السياسية خلافاتها بعد، على الرغم من تشكيل اللوائح وإطلاق الحملات الإنتخابية، فأخذت الأحزاب اللبنانية كافةً ومن دون إستثناء تصوب مدافعها ضد مرشحي اللوائح الإنتخابية المعارضة لها، فلم تترك أية وسيلة إعتداء إلا واستعملتها من شتم، تمزيق صور، دفع رشاوى، تشويه سمعة، فبركة ملفات، ضرب، إعتداءات على المرشحين المعارضين، وصولاً إلى محاولة القتل....)
وكل تلك الأساليب المعتمدة تعني تخوّف الأحزاب من الجهات المعارضة المنافسة لها، ومن وصول تلك الجهات إلى المجلس النيابي وسحب الكرسي من المرشح التابع للحزب، في وقت كثُرت فيه ظاهرة الإعتداء على المرشحين في لوائح المعارضة، كوسيلة لإخضاع الطرف المعارض لسلطة الأحزاب، أو لإيصال رسالة معينة عبر الإعتداء والتهديد، ما يدفعنا أن نسأل لماذا تخشى السلطة والأحزاب من المعارضة؟
سؤالٌ واضحٌ، وأجوبته أوضح وعديدة، وبكل بساطة تتخوّف الأحزاب من وصول معارضيها إلى الكرسي النيابي، والسطو على ممتلكاتها التي تتربع على عرشها منذ مدة طويلة جدًا، فالمرشح المعارض بحد ذاته وخصوصًا الذي يمتلك حظوظًا كثيرة للفوز، يشكل مصدر رعب لدى الأحزاب التي تحاول بدورها وبشتى الوسائل قمع ذلك المعارض والحد من إمكانياته، وبالتالي تشويه صورة "الديمقراطية" التي من المفترض أننا نعتمدها في لبنان!
وعلى سبيل المثال، ما حصل مع رئيس المركز العربي للحوار والدراسات الشيخ عباس الجوهري هذا الشهر تحديدًا يوم الإثنين الواقع في 2 نيسان من هذا العام، إثر تعرض سيارته إلى اطلاق نار في مدينة بعلبك قرب مسجد الإمام علي (ع) حيث المربع الأمني (لحزب الله)، من قبل عنصرين ملتحيين كانا يظنان أن الشيخ في السيارة، وقاما بتوقيف السيارة بالقوة، وترجلا من سيارتهما، وسحبا السلاح على سائق الشيخ، ووجها الشتائم له وأطلقا النار بين قدميه كمحاولة للتهديد، علمًا أن الجوهري كان قد ترشح سابقًا للإنتخابات النيابية في دائرة بعلبك - الهرمل في وجه الثنائي الشيعي كمعارضًا ومدافعًا عن منطقة بعلبك - الهرمل جراء ما تتعرض له من حرمان وفقر، ثم سحب ترشحه دعمًا للائحة الكرامة والإنماء، هذا عدا عن محاولة تلفيق الإتهامات، والفبركات الكاذبة له خلال فترة ترشحه كمحاولة لتشويه سمعته، ومنعه من الترشح، في وقت يختفي فيه دور الدولة المسؤولة عن حماية المعارضين.
ومن جهة أخرى، وخلال الأيام الأخيرة، إحتدت المعركة الإنتخابية في دائرة "بيروت الثانية"، ووصلت إلى مرحلة الإشكالات الأمنية بين مناصري اللوائح المتنافسة، لا سيما بين جمهور تيّار "المستقبل" ومناصري بعض اللوائح التي شكّلتها شخصيات سنيّة بيروتية، ووصلت حدة الإشكالات إلى العراك بالأيدي والضرب، خصوصًا ما حصل الأسبوع الماضي في منطقة طريق الجديدة، حيث هاجم عدد من شبابها المرشّح عن المقعد الدرزي رجا الزهيري، وحصل احتكاك وتدافع معه ومنعوه من الدخول لزيارة أحد رفاقه في لائحة "كرامة بيروت".
وبعدها وقع إشكال جديد في منطقة كركاس، بين مناصري "المستقبل" ومؤيدين للمرشّح بلال بدر (المرشح عن المقعد السني في لائحة "بيروت الوطن")، والذي اتهم تيار المستقبل، "بالوقوف وراء هذا الإشكال، والسعي إلى تخويف الناخبين كي لا تحصل اللوائح المنافسة للتيار على الحاصل الانتخابي" على حد إعتباره.
أما في الجنوب، شهد الأتوتستراد الجنوبي، وغيره من المناطق الجنوبية تمزيق صور لمرشحين معارضين بهدف قمع الأصوات المعارضة.
للأسف، لازالت الأحزاب تمارس قمعها في وجه معارضيها، في وقت يغيب فيه دور الدولة اللبنانية المسؤولة عن حماية الجهات المعارضة، فهل ستشهد الأيام المقبلة إعتداءات جديدة؟