بعدما تجلى الإهمال والحرمان والفلتان الأمني بأبشع الصور وأسوأ المظاهر في منطقة بعلبك الهرمل، وبعدما دخل الجوع والفقر والبؤس إلى كل حي من أحياء مدن وقرى وبلدات هذه المنطقة من أوسع الأبواب والمسجلة تاريخيًا على رأس قائمة المناطق الأكثر حاجة، إلى الخدمات الملحة التي يحتاجها المواطن في تفاصيل حياته اليومية والتي لم تطالها سياسة الإنماء المتوازن بين كافة المناطق اللبنانية، فإن المواطن في هذه المنطقة لم تعد تعنيه الاصطفافات المذهبية والواجبات الحزبية والانتماءات العقائدية والمبادئ بقدر ما بات يعنيه تأمين لقمة العيش له ولأسرته وتحسين وضعه المعيشي المتردي وتوفير الأمن والاستقرار في ربوع هذه المنطقة المنكوبة والموبوءة بأمراض الفوضى وتفشي السلاح المتفلت وغياب الدولة ومظاهر الفلتان المنتشر في كل مكان و في كل زاوية، وبالتالي لم تعد تحرك مشاعر هذا المواطن الخطابات الرنانة والشعارات البراقة والوعود الفارغة والدعوات المشحونة بالأحقاد الدينية الدفينة واستحضار الصفحات السوداء من التاريخ والمليئة بالتعصب والعداوة والملطخة بدماء الجهل والتخلف والتي تستخدمها القوى السياسية والحزبية القابضة على مفاصل السلطة عند أي استحقاق دستوري وخصوصًا في المواسم الانتخابية للتجييش وإثارة النعرات.
إقرأ أيضًا: إفراغ القانون الجديد من إيجابياته
واليوم وفي مشهد الانتخابات النيابية حيث تتزاحم اللوائح الانتخابية ويكثر تعداد اللاهثين للحصول على كرسي من مقاعد المجلس النيابي ويتنافس المرشحون ليس مباهاة بتاريخ مجيد ومشرف يمكن أن يستند إليه أكثرية المرشحين وخاصة النواب القدامى منهم كي يكون موضع ثقة الناس ومقبولًا في مجتمعه، بل يبحث عن تهمة لإلصاقها بالطرف المنافس له وينقب عن أخطاء خصومه لإلقاء الأضواء عليها والتشهير به.
إن أكثر ما يهم المواطن التخفيف من حدة الأزمات والمشاكل التي يعاني منها والبحث عن فرصة عمل للحد من طاعون البطالة المتفشي في الأوساط الشعبية وخاصة بين الشباب، وأكثر ما يعنيه هو إعطاء وكالتهم النيابية لمكونات تسعى بكل مصداقية وشفافية وضمير حي إلى معالجة مشكلة الكهرباء التي تغيب باستمرار ودون استئذان، وما يترتب عن ذلك من تعطيل للدورة الاقتصادية في البلد ومشكلة المياه الشحيحة وخصوصًا في موسم الصيف المقبل مع ندرة الأمطار التي هطلت هذا العام ومشكلة الأمن الغائب ورواج أعمال عصابات التشليح والسرقة، فضلًا عن معالجة الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الاستهلاكية وخاصة المواد الغذائية وعدم ارهاقه بفاتورة الاستشفاء والطبابة وبالأقساط المدرسية للتخفيف من المعاناة التي يعيشها.
إقرأ أيضًا: تحالفات الحزب بعد الإنتخابات
فالمواطن في منطقة بعلبك الهرمل لم يعد بحاجة إلى نواب عن منطقته يتحايلون على الدستور والقانون للتمديد لأنفسهم ولاقرار الزيادة على رواتبهم، ولا يظهرون إلا في مناسبات التعازي والأفراح ويتراسون الولائم العامرة بما لذ وطاب من أفخر أنواع المآكل والمشارب، فيما الغالبية العظمى من أبناء هذه المنطقة يئنون من الفقر و الحاجة لأبسط مقومات الحياة، ولا يريد نوابا جاهلون بالتشريع ومغيبون عن الجلسات النيابية للمطالبة بحقوق منطقة عانت وتعاني على مر عقود من الزمن من الإهمال والحرمان.
وفي هذا المناخ الانتخابي التنافسي ومع هذا القانون الجديد تبدو الفرصة متاحة وبقوة أمام شريحة كبيرة من الناس في هذه المنطقة وتزيد عن نصف عدد السكان للتعبير عن رأيهم وإثبات وجودهم وإيصال مرشحين إلى الندوة البرلمانية يحملون هموم المنطقة وسكانها من بين أعضاء اللائحة المنافسة للثنائي الشيعي، والتي تضم تحالف تيار المستقبل والقوات اللبنانية وآخرين.