انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي صورة لطفل صغير اسمه بيتر يعاني وضعاً صحياً خطيراً جداً، وإجراء جراحة أو تركه على حاله خياران يتهددان حياته. هذا الطفل الصغير معلق اليوم بين الحياة والموت بسبب تشوهات خلقية في قلبه. لم يرَ بيتر شيئاً من هذه الحياة، لم يتسن له ان يعيش طفولته كسائر الأطفال، هو اليوم في العناية الفائقة في المستشفى وحالته الصحية حرجة، قلبه الصغير والضعيف لم يعد قادراً على إبقائه حياً لوقت طويل، الوقت يمرّ وأهله ينتظرون أعجوبة تُنقذ ابنهم، "الكل متكل ع الله" وفق ما أكدت خالته لـ"النهار".
صور بيتر زيادة منتشرة في هذا العالم الافتراضي، طلبات وأدعية تستغيث بأعجوبة لإنقاذ قلبه الصغير. يصعب التصديق ان هذا الجسم الصغير يصارع كل لحظة للبقاء في هذه الدنيا، متمسك بها برغم ضعفه، يتوق الى حضن والدته لكنه عاجزٌ عن حضنه بعدما تدهورت صحته كثيراً واستوجب وضعه في العناية الفائقة.
تشوه خلقي
تشاركنا كارول خالة بيتر وجع العائلة، قائلة: "ولد بيتر وهو الطفل الاول لشقيقتي منذ 3 اسابيع، وبعد مرور 7 ايام بدأنا نشعر ان هناك مشكلة في تنفسه ولونه أبيض ما استدعى إدخاله العناية المشددة. وبعد إجراء كل الفحوص والصور تبين ان بيتر يعاني تشوهات خلقية في قلبه وان قلبه صغير الحجم (30 بدل 60) كأن لديه نصف قلب. لكن هذا ليس كل شيء، تبين ان هناك انسداداً في الشريان الرئيسي وآخر غير موجود أساساً".
لم يكن سهلاً على والديه ان يسمعا ان طفلهما الأول في حالة صحية خطيرة وانه يعيش في نصف قلب. هكذا اندثر كل شيء من امام عيونهما، لم تكتمل فرحتهما حتى خيّم الخوف والحزن على حياتهما بين ليلة وضحاها. وفق كارول "أكد لهم الأطباء انه بحاجة الى إجراء 4 عمليات جراحية لكنها تُشكّل خطراً على حياته وستجعله يتألم كثيراً. وفي حال نجا من الجراحات لن يتمكن من ان يعيش حياة طبيعية كسائر الأطفال كالذهاب الى المدرسة او اللعب . وعند بلوغه 10 سنوات سيتوجب عليه الخضوع الى زراعة قلب".
اعجوبة تنقذه من الموت
احتمالات صعبة تفرض واقعاً أصعب، ليس سهلا ان تترك طفلك يموت أو أن تدخله بعذابات جراحات خطيرة على حياته. بحسب ما أكدت لنا خالته كارول انه "سيتألم كثيراً ويتعذب وهي تتهدد حياته. واستناداً الى نصيحة الطبيب، قرر والداه عدم إجراء الجراحة والإنتظار عسى نشهد أعجوبة تشفيه من هذا العيب الخلقي".
منذ أسبوع دخل بيتر الى العناية المشددة بعدما ساءت حالته كثيراً، يُمنع على احد الدخول اليه، لم يعد ينفع شيء سوى الصلاة له. يتمسك أهله بأعجوبة تُعيد قلبه الى الحياة. في اليوم التالي، أكدت لنا خالته ان "حالة بيتر افضل، استرجع لونه قليلا وبدأت الكلى تعمل وكذلك الكبد وانخفض مستوى الأسيد في جسمه".
بيتر ليس الطفل الوحيد الذي يعاني تشوهات خلقية، كثيرون يواجهون هذه المشكلة إلا ان بعضها يكون بسيطاً وبعضها الآخر اكثر صعوبة.
يشرح الاختصاصي في جراحة القلب عند الأطفال البروفسور عصام الراسي الأسباب الرئيسية التي تُسبب التشوهات الخلقية عند الطفال حديثي الولادة وأبرزها :
* زواج القربى الذي يعتبر السبب الرئيسي لوجود تشوهات خلقية عند الطفل. في لبنان هناك حوالى 20-30% من زواج القربي في حين يصل الى 50% في السعودية.
* مشاكل جينية : اذا كان الطفل يعاني من مشاكل وتشوهات جينية فإن ذلك يزيد من نسبة حدوث تشوه بالقلب.
* أدوية تتناولها المرأة الحامل والتي تسبب تشوهات في القلب عند الجنين. على المرأة التقييد بإرشادات الطبيب النسائي منعاً لحدوث ذلك.
* الكحول : احتساء الكحول اثناء الحمل
* IVF : احتمال الاصابة بتشوهات نتيجة الحقن والعلاجات لانجاب الطفل.
* المرأة التي تعاني السكري.
اذا توافرت احد هذه الأسباب على الثنائي التنيه جيدا وأخذ الحيطة والحذر من خلال إجراء الـEcho حتى نكتشف هذا المرض باكراً واحيانا اجهاض الطفل حتى لا يتعذب.
تشخيص التشوه اثناء الحمل
برأي الراسي "يمكن تشخيص التشوهات الخلقية عند الجنين وهو في بطن والدته، لكن في حال لم تقم الأم بأحد هذه الصور او اذا كانت آلة الإيكو قديمة لا تظهر ذلك او ان الطبيب ليس مطلعاً كفاية على قراءة هذه التشوهات. عادة نشك في وجود تشوه في الأسابيع 14-15 و16 من الحمل ونتأكد منه في الأسبوع 20-22."
ولكن ماذا عن الأعراض؟ وكيف يمكن للأهل ان يكتشفوا ان طفلهم يعاني من تشوهات خلقية قلبية؟ يشدد الإختصاصي في جراحة القلب عند الأطفال ان هناك مجموعة أعراض تظهر على الطفل أهمها:
* نقص الأوكسيجين
* يصبح لونه ارزق
* نفسه سريع
* يعجز عن اكمال طعامه (الرضاعة/ الحليب) ويعرق كثيراً
* يأكل دون ان يزيد وزنه
* إلتهابات متكررة في الرئة
لذلك عندما يلاحظ الأهل احد هذه الأعراض يتوجب عليهم استشارة الطبيب الأطفال وفي حال استمرت يتوجب زيارة طبيب قلب عند الأطفال.
ويشيرالى ان "90% من التشوهات يمكن ان تعالج جراحياً او بالقسطرة ويعود القلب طبيعياً. في حين هناك حوالى 10% يكون جزء مهم من القلب ناقصاً ويستحيل اصلاحه او اضافته. بهذه الحالات نلجأ الى الجراحات ليبقى على قيد الحياة الى حين زراعة قلب جديد. علماً ان 97% من التشوهات الخلقية تُشفى ويعيشون حياة طبيعية، وقلّة نادرة يكون وضعها صعباً".