يُمكن وضع كل الكلام الذي صدر عن رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل في زيارته إلى الجنوب في كفّة ، والكلام الذي قاله بالأخص في رميش ، القرية الجنوبية ، في كفّة أخرى .
فالمستوى التصعيدي في كلام باسيل الذي أدلى به داخل هذه القرية ضمن جولته الجنوبية الإنتخابية ، حمل رسائل سياسية لا تخلو من التحدّي لرئيس مجلس النواب نبيه بري .
وقال باسيل في رميش :"البلدة واجهت وإحتضنت ولا تكافأ بالتهديد بلقمة عيشها إذا قامت بخيارها السياسي الحر. وأنتم لا أحد يستطيع أن يهددكم أو يخوفكم. أنتم محميون بحمايتنا، بحماية رئيس البلاد وحكومتها ونوابها. وهذا الخوف إصطناعي، إصطنعوه لكم. ويجب أن تشاركوا بكثافة في الانتخابات النيابية، كما البلدية، فهكذا نحمل قضيتكم وسنعمل على تعديلات في قانون الانتخاب لمناطق مثل دائرة الجنوب الثالثة وصور- الزهراني”.
هذا الكلام وضعه كثر في إطار التجييش المذهبي من أجل الإنتخابات النيابية المُقَرِّر عقدها في ٦ أيار ٢٠١٨ ، لكنه كلام أيضا لا يبتعد عن السياسة ومرحلة ما بعد الإنتخابات .
إقرأ أيضا : جبران باسيل يتحدّى نبيه بري في الجنوب
فباسيل مُصِّر على إزعاج بري في كل تفصيل صغير أو كبير ، وهو يحاول إستفزازه يوميا في كل الإستحقاقات السياسية للضغط عليه في ملفات عديدة، كون الرئيس بري لا يزال يتصدّى لتبعات تفاهم الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل والذي أنتج التسويتين الرئاسية والحكومية .
ويرى البعض في محاولات باسيل هذه نيّة لديه للضغط على بري لجرّه إلى مفاوضات ثنائية تجمع بينهما ، إذ أن رئيس حركة أمل إلى الآن يرفض إستقبال باسيل ويرفض التعامل معه على أساس أنه رئيس حزب من الصف الأول ، فيرسل بدلا عنه دائما وزير المال علي حسن خليل ، وهذه النقطة بالتحديد تستفز باسيل.
لكن بعيدا عن الحسابات السياسية والإنتخابية ، تبرز الخطورة في كلام باسيل لأهالي رميش بأنه محاولة منه لخلق عدو وهمي إسمه نبيه بري يكون فزّاعة للمسيحيين دائما في المنطقة ، وهذا له تبعات على خط تهديد العيش المشترك في تلك المنطقة الذي عجز حتى العدو الإسرائيلي على نسفه.
إقرأ أيضا : النظام النسبي يشحذ العصب الطائفي .. سقا الله أيام النظام الأكثري
وجاء الردّ سريعا من رئيس بلدية رميش الذي إستنكر كلام باسيل ، كذلك قام نواب من حركة أمل بزيارة القرية ، وهي محاولات لتحصين المُحَصَّن.
وإن كان المرء يجب أن يكون حياديا في قضايا الإنتخابات ومعالجة ملفاتها ، إلا أن كلام باسيل الأخير باسيل في رميش هو تهديد للسلم الأهلي في المنطقة ويجب التصّدي له سياسيا وإعلاميا ، وإبعاد هذه المواضيع الحسّاسة عن السجالات الإنتخابية اليومية .
ويتحمل " حزب الله " المسؤولية الكبرى في هذا الإطار لجهة الضغط على باسيل وكبح جماح الكلام الذي يصدر عنه والسياسة التي يتبعها.