فيما يظهر الخلاف بين التيار الوطني الحر وحركة أمل عند كل اختبار، سياسيا كان أم دبلوماسي او "حياتي"، وآخر تجلياته في مجلس الوزراء "الكهربائي" الخميس الماضي، وقَبله في مؤتمر الطاقة الاغترابية في باريس، وبعدَه أمس في رميش حيث صوّب رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل، على "الحركة" من دون ان يسمّيها (ما استدعى ردودا من كوادرها) وفي المصيلح أيضا التي انتقد منها الرئيس نبيه بري أداء باسيل ووزارة الخارجية، قائلا في كلمة وجهها للمغتربين "إن الاستحقاق الانتخابي يجب أن يشكل فرصة حقيقية لوقف احتفالات التكاذب الوطني وبيع الماء بحارات السقايين، وبيع الأحلام للبنان المقيم والمغترب وتقسيم اللبنانيين تحت مزاعم الطوائف والمناطق، مثل هؤلاء ليس في تاريخهم سوى اللعب على وتر الحساسيات الطائفية والمذهبية التي طالما دمرت لبنان"... يبدو ان التوتر الذي يطبع العلاقة بين الطرفين لن يبقى محصورا بهما، بل سيتوسّع لينعكس في الفترة المقبلة، وتحديدا بعد الانتخابات النيابية، فتورا وتباعدا بين التيار وحزب الله، وبين باسيل والحزب في شكل خاص، وفق ما تقول مصادر سياسية قريبة من الضاحية لـ"المركزية".
غياب الكيمياء بين رئيس "الوطني الحر" و"الاستيذ" ليس وحده ما يؤثر على علاقة ميرنا الشالوحي بالضاحية (الميالة بوضوح لعين التينة)، بحسب المصادر. فثمة جوانب أخرى في ممارسات ومواقف باسيل، تكاثرت في الاونة الاخيرة، أزعجت "حزب الله" الذي بات على شبه قناعة بأن وزير الخارجية تخلى تماما عن سياسة التيار في الرابية بعد وصول العماد ميشال عون الى بعبدا. ومع تقدّم الوقت، تضيف المصادر، تفقد الضاحية تدريجيا الامل في احتمال عودة باسيل الى تموضعه القديم اذ تثبت الوقائع السياسية والاقتصادية كلّها، أنه بات يبدّي تحالفه مع تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري على اي اصطفاف آخر.
انطلاقا من هنا، تكشف المصادر ان "الحزب" في صدد نسج شبكة علاقات جديدة تعوّض له فقدانه التيار الوطني الحر، مشيرة الى ان الضاحية أبلغت حلفاءها في سلسلة لقاءات عقدتها معهم، انها ستسعى في الفترة المقبلة الى توطيد علاقاتها مع قوى مسيحية أخرى، تربطها بها أصلا تحالفات سياسية واستراتيجية اليوم، بعد تلاشي رهانها وتعويلها على غطاء التيار الوطني الحر.
وتلفت المصادر الى ان هذا المسار الجديد يُتوقع ان ينطلق في اعقاب 6 أيار، اذ يرجّح "الحزب" أن تفرز الانتخابات النيابية حالات سياسية جديدة، في الشارع المسيحي خصوصا، ستؤدي الى تبدل المعطيات القائمة اليوم وقد تسهم في تغيير الصورة المرسومة عن تمثيل الشارع المسيحي، فيكبر حجم كتل سياسية كالمردة مثلا، فيما يتقلّص أحجام أخرى، كالتيار الوطني الحر. وسيؤثر المشهد الجديد، بلا شك، على الواقع السياسي.
وتذهب الضاحية أبعد في مقاربتها للمرحلة المقبلة. فقد أشارت امام حلفائها ايضا، دائما بحسب المصادر، الى أن الارقام والحصص التي سترسو عليها بورصة الانتخابات المنتظرة، ستفعل فعلها بقوّة في موقفها من الاستحقاق الرئاسي المقبل، اذ هي ستبني عليها في شكل كبير، في اختيارها مرشّحها الى الانتخابات الرئاسية المقبلة. فتماما كما دعمت الرئيس عون لانه كان الاقوى في بيئته، لن تتردد في الوقوف الى جانب من تراه الأحق في تمثيل المسيحيين على الكرسي الاول في الدولة، آخذة في الاعتبار أيضا طبيعة القانون النسبي وتأثيره على نتائج الانتخابات النيابية.