المحطات الخلافية التي حصلت بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل كثيرة جدا ولا تُحصى ، خصوصا بعد ترأّس باسيل للتيار الوطني الحر .
وإن كان جزء كبير من هذه الخلافات هي إمتداد للعلاقة المتوترة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ، إلاّ أن في بعضها الآخر علاقة بنظرة كل من باسيل وبري للحكم في لبنان ، والمستقبل السياسي الذي يطمح باسيل إلى تحصينه عبر الوصول إلى قصر بعبدا كرئيس للجمهورية بعد إنتهاء مدة ولاية عون.
وفي جديد هذه العلاقة المتوترة ، الزيارة التي قام بها باسيل بالأمس إلى الجنوب اللبناني ، حيث إفتتح مركزا للتيار الوطني الحر على أوتستراد حبّوش - النبطية ، ووعد بإفتتاح مراكز أخرى في قرى قضاء النبطية .
وإختتم باسيل يومه الجنوبي بمهرجان شعبي في مرجعيون للائحة " الجنوب يستحق " المكونة من تحالف التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والحزب الديمقراطي اللبناني في دائرة الجنوب الثالثة .
مرّ يوم باسيل في الجنوب بهدوء من دون أي إشكال مع أنصار حركة أمل ، إلا أن هؤلاء بدا عليهم الإنزعاج من الزيارة واكتفوا بالتعبير عن ذلك عبر وسائل التواصل الإجتماعي .
فيما لم يصدر حتى الآن أي تعليق من حركة أمل حولها.
إقرأ أيضا : مجلس الشيوخ يحول الصراع في لبنان إلى شيعي - مسيحي !
لكن زيارة باسيل ليست عادية ، فهي تحمل في طيّاتها تحدّي كبير وجريء لبري في الجنوب ، الذي يُعتبر معقله الأساسي، وتكتسب طابع التحدّي كونها جاءت بعد محطتين زمنيتين شابها التوتر والنزاع بين " أمل " و " التيّار ".
الأولى منذ أشهر ، عندما وصف باسيل بري ب "البلطجي " ونتج عن ذلك نزول لمناصري الحركة إلى الأرض ليعبّروا عن غضبهم بطريقتهم الخاصة .
والثانية حصلت منذ أيام ، عندما حصل سجال داخل الحكومة بين الوزير جبران باسيل والوزير علي حسن خليل وتبادلا التهم بالسرقة.
فباسيل وصف بري ب "البلطجي " ، ونعت خليل ب " الحرامي " ، ثم توجّه بعدها إلى الجنوب ، وإلى مرجعيون بالتحديد دائرة خليل ، وتباهى أمام الجميع بقوته الإنتخابية في الدائرة ، وهذا تحدّي غير مسبوق ورسالة سياسية قوية لبري.
ولا يُخفى على أحد أن باسيل يطمح إلى خرق لوائح بري في دائرتين بالجنوب في الإنتخابات النيابية المُقَرِّر عقدها في ٦ أيار ٢٠١٨ ، الأولى في دائرة الجنوب الثانية حيث يترشّح الرئيس بري وعين باسيل على المقعد الكاثوليكي الذي يشغله حاليا النائب عن كتلة التنمية والتحرير ميشال موسى ، والثانية في دائرة الجنوب الثالثة حيث يسعى للحصول على المقاعد الثلاثة للدروز والأرثوذكس والسنة عبر تحالفه مع تيار المستقبل والحزب الديمقراطي اللبناني .
وفي هذه الدائرة بالتحديد ، والتي تُعتبر ملعب الوزير علي حسن خليل ، يسعى باسيل جاهدا إلى إسقاطه في الإنتخابات أو بالحدّ الأدنى تخفيض عدد الأصوات التفضيلية التي سيحصل عليها ، لإظهاره أمام الرأي العام بأنه فاز بعدد قليل من الأصوات .
إقرأ أيضا : الازمة بين بري وباسيل على اشدها
بالمقابل ، يُدرك الرئيس بري حقيقة نوايا باسيل ، وهو يعمل على رفع نسبة الإقتراع في هذه الدوائر وتوزيع الأصوات لضمان عدم حصول أي خرق ، لأن أي خرق قد يحصل في هذه الدوائر هو مكسب سياسي كبير لباسيل .
ويلعب بري أيضا في ساحة باسيل الجزّينية ، ففي دائرة الجنوب الأولى ( صيدا - جزين ) ، عمل رئيس حركة أمل على حياكة تحالف بين المرشح إبراهيم عازار ورئيس التنظيم الشعبي الناصري المرشح أسامة سعد ، ويطمح للحصول على مقعدين من أصل ٥ في هذه الدائرة .
بالمحصّلة ، تبدو أن الكيمياء بين باسيل وبري لن تجد طريقها نحو الحلّ ، فالأول يعمل جاهدا لقيام التيار الشيعي الثالث وعدم إيصال بري لرئاسة المجلس بأصوات تفوق أصوات المصوّتين لعون لرئاسة الجمهورية ، والثاني أي برّي ، يتعامل بهدوء لعرقلة قطار طموحات باسيل نحو الهيمنة على مفاتيح السلطة في البلد والوصول إلى قصر بعبدا .