تمهيد: الضربة الأميركية
وأخيراً نفّذ التحالف الغربي الثلاثي المكوّن من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا هجوماً صاروخياً على مواقع عسكرية سورية، بما فيها بعض المراكز المفترضة لإنتاج الأسلحة الكيماوية، وبعض المطارات والمواقع العسكرية الحيوية في العاصمة السورية ومحيطها، وذلك خلال ساعاتٍ محدودة، مُخلّفةً جملة من التحليلات والاستنتاجات الأولية.
أولاً: التحليلات
تُجمع معظم التحليلات العسكرية والإستراتيجية على أنّ استعمال السلاح الكيماوي من قبل النظام لن يمرّ دون حسابٍ أو عقاب، كما حصل في مراتٍ عدّة سابقة، مع الحرص على أن يبقى الهجوم ذو طابع محدود ورادع فقط، آخذاً بعين الاعتبار عدم الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع حلفاء سوريا، وعلى الأخصّ روسيا، يليها إيران والميليشات المشاركة في الصراع السوري الدامي.
إلاّ أنّ أهم دلالات هذه الضربة العسكرية، هي عودة الولايات المتحدة وحليفيها إلى مسرح المواجهة في سوريا بقوّة، مع إعادة الاعتبار إلى أنّ الحلول المستقبلية المتوخاة للأزمة السورية لن تتُمّ دون حضور الولايات المتحدة الأميركية، ومُراعاة مصالحها في منطقة الشرق الأوسط برُمّتها.
إقرأ أيضا : إتفاق الربع ساعة الأخير ينقذ النظام و روسيا ترضخ
ثانياً: الاستنتاجات
يمكن بدايةً استنتاج بعض الحقائق المرّة التي أفرزتها هذه الضربة الجوية، ولعلّ أولّها تبيان مدى تعقُّد الأزمة السورية، ودخولها مرّة أخرى في أنفاق مظلمة مع تعثّر مفاوضات جنيف، وتزايد عدد اللاعبين الإقليميّين والدوليّين في سوريا المنكوبة، خاصةً بعد الدخول التركي واحتلاله مساحاتٍ واسعة في الشمال السوري.
وتتجلّى مرارة نتائج هذه الضربة في ضمور النظام السوري وانعدام فعاليته، مع تبعيته الكاملة لحلفائه الروس والإيرانيّين، ممّا يجعل الوضع العربي بمجمله في مرمى التدخلات الإقليمية والدولية، ممّا يُفاقم الخسائر الجسيمة في العمران والبشر، ويضيف مكاسب مجانية لإسرائيل، ومكاسب إضافية للدول الإقليمية والدولية الطامعة بأرض العرب ومواردهم وخيراتهم.