43 عامًا، مرت كأنها الأمس، 43 عامًا على إشتعال شرارة الموت، والقتال الحقيقي بين اللبنانيين، 43 عامًا على إندلاع الحرب الأهلية في لبنان، فظل تاريخ 13 نيسان 1975 تاريخًا لا يُنسى، مرسومًا في شيبة أبائنا وأجدادنا الذين دفعوا ثمن حرب تلطخت بالدماء، ففي مثل هذا اليوم ترك الأخ أخيه، والإبن أمه، ولم يعلموا أن هذا اليوم سيكون محطة لوداعهم، وأن "بوسطة عين الرمانة" ستحصد أرواحًا وجثامين تخطت ركابها، وتلتها أحداث حصدت الأرواح اللبنانية على الأرض، وغيّبت مفقودين عن أهالين مازال مصيرهم مجهول حتى الآن.
بداية الحرب الأهلية
يتفق الكثيرون على أن الحرب الأهلية بدأت في 13 نيسان 1975، بعد محاولة اغتيال مؤسس ورئيس حزب الكتائب بيار الجميل، والتي قام بها مسلّحون، وأدت إلى مقتل مرافقه جوزيف أبو عاصي، وأنطوان ميشال الحسيني.
وردًا على محاولة الإغتيال، حصلت حادثة "عين الرمانة " التي هوجمت فيها إحدى الحافلات المدنية، وكان يتواجد فيها ركاب فلسطينيين ولبنانيين مما أدى إلى مصرع 27 شخص.
وبعدها اندلعت الإشتباكات، وإنقسم اللبنانيون حسب الطائفة، وراحوا يقتلون أنفسهم تبعًا لبطاقات الهوية (التي كانت آنذاك تُدّون مذهب حاملها)، خصوصًا بعد أن أقدمت القوى المسيحية في ذلك الوقت على قتل المئات من الفلسطينيين واللبنانيين المسلمين بناء على بطاقات الهوية. وانقسمت العاصمة بيروت إلى منطقتين عُرفتا بـ"المنطقة الشرقية": وأغلب سكانها مسيحيون لكنها محاطة بمخيمات الفلسطينيين، و"المنطقة الغربية": التي كانت مختلطة لكن أكثرية أهلها مسلمون، وسُمي الخط الفاصل بين المنطقتين "الخط الأخضر".
تدخل الأطراف الخارجية
عدا عن الوجود الفلسطيني في لبنان، تدخلت أطراف خارجية لاسيما (سوريا) واسرائيل في الحرب الأهلية، وبعد أن نفذت المناضلة الفلسطينية دلال المغربي يوم 11 آذار 1978عملية على حافلتين إسرائيليتين قرب تل أبيب، مما أسفر عن مقتل 37 إسرائيليًا، غزت القوات الإسرائيلية في 14 آذار تحديدًا، ما يقارب 10% من جنوب لبنان حتى نهر الليطاني بحجة إزالة قواعد منظمة التحرير الفلسطينية، وإنشاء منطقة عازلة بعرض عشرة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، وذلك في أعقاب العملية التي قامت بها المغربي.
إجتياح إسرائيل
في عام 1982، إجتاحت إسرائيل لبنان، بحجة قيام منظمة أبو نضال (المنشقة عن حركة فتح الفلسطينية) بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، وبدأت بقصف مواقع تابعة لمنظمة التحرير في بيروت ما أدى إلى مقتل 100 فلسطيني، ثم ردت فتح بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على شمال إسرائيل في 6 حزيران. وبعدها بدأت إسرائيل بالغزو البري للمناطق الجنوبية اللبنانية، إلى أن وصلت قوّاتها إلى بيروت في 15 حزيران.
وفي 23 آب انتُخِب بشير الجميل رئيسًا للجمهورية تحت الاحتلال الإسرائيلي، ثم اغتيل الجميل في 24 أيلول 1982، وانتخب أخيه أمين الجميل خلفًا له في 22 أيلول.
حرب المخيمات
ما بين 1985-1986، اشتعلت "حرب المخيمات"، وسيطرت حركة أمل على بيروت الغربية، وفي نيسان 1985 هاجمت حركة أمل بالتعاون مع الحزب التقدمي الاشتراكي القوى السنية القريبة من الفلسطينيين.
وسياسيًا، وفي 22 أيلول 1988، انقسمت السلطة التنفيذية إلى حكومتين: أولى برئاسة سليم الحص (رئيس الوزراء)، وثانية برئاسة ميشال عون (قائد الجيش)، وتدهورت الأوضاع إثر إعلان عون بداية "حرب التحرير" ضد الوجود (السوري) في لبنان.
اتفاق الطائف ونهاية الحرب
في 30 أيلول، عُقد مؤتمر في مدينة الطائف السعودية لإعداد ومناقشة وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، وذلك بحضور 62 نائبًا لبنانيًا يُمثلون الأحزاب الرئيسية المُتقاتلة: حركة أمل، والحزب التقدّمي الاشتراكي، والقوات اللبنانية، وحزب الكتائب.
ووقّع المجتمعون على وثيقة "اتفاق الطائف" التي أنهت الحرب الأهلية اللبنانية، وانتخب مجلس النواب رينيه معوّض رئيسًا للجمهورية، وفي 22 تشرين الثاني اغتيل معوض، وخلفه إلياس الهراوي رئيسًا للجمهورية، وفي آذار 1991 صدر قانون العفو عن كل الجرائم التي حصلت منذ 1975.
أحداثٌ كثيرة طالتها الحرب الأهلية لم يتم ذكرها، إلا أن تلك الحرب حصدت أرواحًا، وهجّرت اللبنانيين، وفرّقت الكثير منهم عن أهاليهم، وخلّفت وراءها 150 ألف قتيل، و300 ألف جريح ومعوق، و17 ألف مفقود، وهجّرت 21.8% من مجموع السكان في لبنان، بعد أن دمّرت إقتصاده بخسارة بلغت بنحو 25 مليار دولار أميركي.