نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على إمكانية إصدار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أوامره بشنّ هجوم عنيف في سوريا، ردا على الهجوم بالغاز السام الذي نُفّذ في دوما.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب ألغى رحلته المقررة خلال النصف الثاني من هذا الأسبوع لحضور مؤتمر منظمة الدول الأمريكية في مدينة ليما ببيرو ومدينة بوغوتا بكولومبيا. وحيال هذا الشأن، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة هاكابي ساندرز، بأن ترامب لن يغادر البلاد؛ من أجل صياغة رد فعل مناسب على ما فعله نظام الأسد في سوريا.

والجدير بالذكر أن يوم السبت الماضي شهد الهجوم الذي شنّته قوات النظام السوري بالغاز السام على المعارضة السورية، المتمركزة في مدينة دوما في ريف دمشق. ويوم الاثنين، اجتمع ترامب مع مستشاريه في البيت الأبيض؛ من أجل دراسة الطريقة المناسبة للرد على الهجوم الكيميائي، حيث أكد ترامب أنه سيكون "ردا قاسيا".

وأكدت الصحيفة أنه بعد 48 ساعة من هذا الاجتماع، صرح ترامب بأن "الولايات المتحدة تمتلك عدة خيارات عسكرية ضد النظام السوري، وستعلن عنها قريبا جدا، وفي الوقت المناسب. كما من المحتمل أن تعلن عنها بعد تنفيذها". وجاء هذا التصريح بعد أسبوع واحد فقط من إعلان ترامب عن سحب القوات الأمريكية من سوريا على خلفية هزيمة تنظيم الدولة. وفي الأثناء، يسعى ترامب للتنسيق مع باريس ولندن لتنفيذ هجومه المرتقب ضد النظام السوري.

وأردفت الصحيفة بأن العملية العسكرية المتوقعة قد تكون مشابهة للعملية التي قام بها ترامب في السابع من نيسان/ أبريل سنة 2017، بعد ثلاثة أيام فقط من الهجوم بالغاز السام الذي نفذته قوات النظام على بلدة خان شيخون. وفي ذلك الوقت، أطلقت المدمرات الأمريكية المتمركزة في البحر المتوسط، "يو إس إس بورتر" "ويو إس إس روس"، 60 صاروخا نحو قاعدة الشعيرات الجوية السورية. وقد أصابت 59 صاروخا أهدافها، إلا أن حجم الأضرار لم يكن كبيرا؛ نظرا لأن واشنطن أبلغت سوريا وروسيا بالعملية قبل تنفيذها.

وأوردت الصحيفة أن تراجع ترامب عن قراره بالانسحاب من سوريا يدل على أنه يفتقر لقراءة جيدة للواقع؛ إذ إن كل ما كان يفكر فيه عند اتخاذ هذا القرار هو الحصول على تأييد أكبر داخل الولايات المتحدة عند إعادة الجنود الأمريكيين إلى بلادهم. وعندما انتشرت صور القتلى من النساء والأطفال في سوريا جراء استخدام الغاز السام، أراد ترامب أن يظهر في صورة البطل أمام شعبه، خاصة أن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس لم يتبق عليها سوى سبعة أشهر. في المقابل، كان ترامب قد حذّر سلفه، باراك أوباما، في تغريدة له في أيلول/ سبتمبر سنة 2013، من تنفيذ أي هجوم في سوريا ردا على امتلاك الأسد لأسلحة دمار شامل.

وأشارت الصحيفة إلى أن موسكو ودمشق تنكران مزاعم استخدام الغاز السام في سوريا، حيث طالبتا بإجراء تحقيق واسع حول هذه المسألة من قبل خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وبالفعل، أعلنت المنظمة أنها سترسل خبراءها إلى دوما في أقرب وقت ممكن. من جانبها، أعلنت موسكو أن المعارضة هي من تستخدم الغازات السامة؛ بهدف استفزاز المجتمع الدولي لشن هجمات جوية ضد النظام السوري.

وذكرت الصحيفة أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف، حذر من مثل هذه الأخبار الكاذبة في آذار/ مارس الفارط.. أما خلال الأسبوع الماضي، فقد أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنه يمتلك "أدلة دامغة" على أن المعارضة تستخدم الغاز السام من أجل الاستفزاز.

وأوضحت الصحيفة أنه في حال قامت الولايات المتحدة برد فعل عسكري، فمن المحتمل أن تحدث مواجهة مباشرة بين واشنطن وموسكو. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة نفذت العديد من الهجمات الجوية ضد الأسد وحلفائه، إلا أن الوضع الآن لم يعد مختلفا، حيث يتهم ترامب روسيا مباشرة بالضلوع في استخدام الغاز السام، ما أدى إلى توتر العلاقة بين البلدين بشكل أكبر.

مع ذلك، يستبعد الخبير الروسي، أندريه باكليزكي، أن يكون هناك تصعيد بين الطرفين في الوقت الحالي، مؤكدا أن الهجوم بالصواريخ الذي نفذته الولايات المتحدة في سنة 2017 على قاعدة الشعيرات الجوية لم يردع الأسد عن استخدام الغاز السام مرة أخرى. وفي ذلك الوقت، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الهجوم الأمريكي كان مجرد مسرحية.

وأضافت الصحيفة أن أي هجوم أمريكي لن يغير من الواقع شيئا، بل سيزيد الوضع تعقيدا، في ظل التحذيرات التي تطلقها روسيا للولايات المتحدة. وفي الحقيقة، ستشهد الأوضاع تصعيدا في سوريا يغلب عليه التعاون بين واشنطن وتل أبيب، من أجل تنفيذ هجمات جوية بصورة منتظمة ضد دمشق.

ويؤكد الخبير السياسي الروسي، ليونيد إيساييف، أنه من المستبعد أن يحدث أي تصعيد بين موسكو وواشنطن؛ لأن روسيا لن تدافع عن قوات الأسد في حال استهدفتها الضربات الأمريكية.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن ترامب أجرى اتصالا مع رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، واتفق الطرفان على ضرورة إدانة الأسد بسبب الانتهاكات التي يقوم بها، كما يجب التصدي لاستخدام الأسلحة الكيمائية في سوريا مستقبلا.