بعد الغارة الإسرائلية على مطار "تي4" في سوريا وما حملته من رسائل مترافقة مع تصعيد اللهجة الأميركية، سؤال واحد على كل شفة ولسان على الساحة اللبنانية: هل تجري الإنتخابات النيابية في موعدها في أيار، أم أن التهديدات تُترجم عملًا عسكريًا، البعض يقول بأنه سيكون محدودًا في الزمان والمكان والبعض الآخر يتوقع أن يكون شاملًا، فتطير الإنتخابات ويطير معها مؤتمر "سيدر"؟
المتفائلون ومن بينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، يقولون أن لا شيء يمكن أن يؤثر على سير العملية الإنتخابية، وأن الإجراءات اللوجستية المتخذة تؤشر إلى أن أي عمل أمني، أيًّا كانت طبيعته، لن يلغي الإستحقاق النيابي، الذي ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر، وهم باتوا مهيأون له وجاهزون لخوضه، أيًّا تكن النتائج المتوقعة، وإن كان البعض الآخر، الذي يشعر بأن قانون النسبية سيخّفض نسبة تمثيله في الندوة البرلمانية، يرى أن تأجيل هذه الإنتخابات يمكن أن تصب في مصلحته، وهو يقول في سرّه: "شحمة على فطيرة".
أما كلام المشنوق، وهو يُفترض أن يكون مبنيًا على معلومات وتقارير مخابراتية وديبلوماسية وليس مجرد تحليلات، فأتى ليبدّد أحلام البعض بإمكانية التأجيل، وهو قال بالحرف:" ليس هناك أيُّ تخوُّفٍ من أيِّ عملٍ أمني يمنع إجراء الانتخابات"، لافتاً إلى أنّ "الملعب الآن هو سوريا وليس لبنان".
أما المتشائمون الذين يقرأون في الكتاب الأميركي فيستندون إلى ما يرد من أخبار إعلامية غربية، والتي تتحدث عن جدّية الإدارة الأميركية بتوجيه ضربة قاسية لسوريا قد تشمل المواقع الإيرانية فيها ومواقع "حزب الله"، ما يستلزم ردًّا مباشرًا منهما، من دون تحديد وجهة هذا الردّ، لا في المكان ولا في الزمان.
وما يجعل هذه الفئة من اللبنانيين واثقة من توقعاتها ما نقله الإعلام الغربي من معلومات عن جهوزية المدمرة الأميركية "دونالد كوك"، التي أبحرت من لارنكا في اتجاه شرق المتوسط يوم الإثنين الفائت، وهي الوحيدة المتوافرة بشكل فوري لتنفيذ الضربة، مع أنّ السفينة الحربية الأميركية "أيو جيما" التي زارت حيفا الشهر الفائت تبحر حالياً في بحر العرب، ما يعني أنّها تبعد أياماً عن سواحل المنطقة من جهة، وأنّ حاملة الطائرات "هاري ترومان" قد ابحرت من الولايات المتحدة في اتجاه الشرق الأوسط أمس الأربعاء، أي أنّها لن تصل إلى المتوسط قبل الأسبوع المقبل.
فما بين المتفائلين والمتشائمين يقف اللبنانيون، الذين ينتظرون الإستحقاق الإنتخابي على أحرّ من الجمر، وهم على أعصابهم مع توالي الأنباء التي تنذر بإمكانية حصول عملية عسكرية أميركية – أوروبية – إسرائيلية، وربما عربية مشتركة، لأنهم يعتبرون أن هذا الإستحقاق هو الفرصة الوحيدة التي تسمح لهم بتجديد الحياة السياسية وتكوين سلطة جديدة، وإن كانت بعض الأسماء من الوجوه القديمة محسومة نتائج عودتها إلى ساحة النجمة.
وعلى رغم التطمينات بأن لبنان محيّد من تأثيرات أي عملية عسكرية على سوريا، فإن إرتباط وضعه بالوضع السوري بعدما دخل "حزب الله" بقوة على الساحة الإقليمية وفرض على لبنان، دولة وشعبًا، خيار ربطه بالأزمة السورية، قد يعزّز الإعتقاد بأن الساحة الداخلية ستتشظى بالحرب على سوريا أقله سياسيًا، مع إحتمال إدخال لبنان في لعبة خطرة قد تؤثّر على وضعه الداخلي المهزوز أساسًا.