يدرك أنصار الحزب الشيوعي في لبنان أن حزبهم المفضل بعد ثلاث وتسعين سنة على تأسيسه، لن يكون مُمَثلاً في البرلمان اللبناني، في ظل قانون انتخاب شوّه النسبية وفرّغها من مضمونها ووزع الدوائر على مقاس الأحجام التمثيلية لقوى السلطة.

ويعلم الشيوعيون تماماً أنهم يخوضون المعركة الانتخابية من دون الالتفات إلى ميزان القوى المعطل لصالح الطبقة الحاكمة، إنما يخوضونها من باب أنها معركة سياسية، لا تنحصر في السادس من أيار، بل يُستكمل نضالها إلى ما بعد هذا التاريخ.

يخوض الحزب الشيوعي اليوم الانتخابات النيابية بثمانية مرشحين موزعين على خمس دوائر، وهم كل من رائد عطايا، ولينا الحسيني عن المقعد الشيعي في صور ـ الزهراني (لائحة معاً نحو التغيير). هلا بو كسم عن المقعد الارثوذكسي، وعلي الحاج، وأحمد مراد عن المقعد الشيعي في النبطية ـ بنت جبيل ـ مرجعيون وحاصبيا (لائحة صوت واحد للتغيير). 
زويا جريديني عن مقعد الروم الارثوذكس في الشوف ـ عاليه (لائحة كلنا وطني). محمد المقداد عن المقعد الشيعي في كسروان ـ جبيل (لائحة كلنا وطني). وسهام أنطون عن مقعد الروم الكاثوليك في بعلبك ـ الهرمل (لائحة الإنماء والتغيير).

وعن تحالفات الشيوعي، يؤكد عضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات السياسية في الحزب الشيوعي الدكتور حسن خليل لـ"ليبانون ديبايت" أن تحالفات الحزب في الدوائر الخمس كانت مع قوى الاعتراض الوطني الديمقراطي اللاطائفي بوجه كل لوائح السلطة وأحزابها.

أما في الدوائر العشرة المتبقية للحزب الشيوعي "قوة تجيريية سيتم استعمالها لدعم قوى الاعتراض التي تشبهنا ونتقاطع معها على نفس البرنامج والخيارات". ويشير خليل إلى أن النقاش حول هذا الموضوع يجري حالياً في الهيئات الحزبية للشيوعي، على أن يصدر قراراً مركزياً حول كيفية التصويت في الانتخابات.

هل من حظوظ للشيوعي في هذه الانتخابات؟ يجيب خليل "لم نقارب يوماً موضوع الانتخابات النيابية على قاعدة الوصول للمجلس أو عدمه. بالتأكيد نطمح للوصول من موقعنا الوطني المستقل، لكننا نعتبر هذا الاستحقاق كمعركة سياسية في وجه هذه السلطة السياسية وأحزابها، واستكمالاً للمواجهة التي خاضها الحزب وقوى الاعتراض الوطني الديمقراطي المدني على امتداد السنوات الست الماضية منذ تحرك إسقاط النظام الطائفي وصولا لهيئة التنسيق النقابية، للتحرك ضد النفايات والحراك البلدي...".

لا ينفي خليل أن حظوظ الشيوعي في الخرق لا زالت معلقة على خشبة قوانين الانتخاب العرجاء، ويرى في القانون الجديد أنه "من القوانين السيئة التي مرّت على لبنان، لأنه شوه النسبية وفرغها من مضمونها، ويغذّي الخطاب المذهبي والطائفي بتركيبته".

لكن هذا لا يعني الاستسلام للأمر الواقع بل "سنخوض الانتخابات على هذا القانون وسنبقى دائما ننادي بقانون وطني قائم على اعتماد النسبية دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، والنضال مستمر باتجاه تشكيل معارضة وطنية ديمقراطية لا طائفية تشكل ببرنامجها وسلوكها وقواها بديلا لهذا النظام السياسي الموجود، الذي يشكل مشكلة البلد الأساسية. ولن ننسى أن أحد المداخل الأساسية لتغيير هذا النظام هي الانتخابات".

ورداً على سؤال حول عدم تمكُّن الشيوعي من إثبات وجوده في السلطة بعد كل هذه السنوات من النضال، يقول خليل "المشكلة تكمن في السلطة السياسية والأنظمة التي تضعها لتجدد لنفسها، أما الحزب الشيوعي بتركيبته وانتشاره يتمثّل من القوى الناخبة الكبرى في البلد، لكن قوة الحزب الوطنية مشتتة بسبب القوانين المفصلة على مقاس الطبقة الحاكمة والمتحكمة بالبلد وثرواته وخيراته"

ويضيف "وإن لم يصل الحزب لمجلس النواب، لكن نضالاته بارزة في الشارع، في المقاومة حررنا الأرض، في النقابات استطعنا أن نفرض تقديمات اجتماعية كبيرة، واستطعنا إقرار زيادة في أجور الموظفين في القطاع العام، وفي المناطق التي حالفنا الحظ بالوجود في بلدياتها قدمنا سلوكاً آخر مختلف تماما عن السلطة".

ويؤكد أنه كان للشيوعي في الأمكنة المتحررة من السلطة السياسية والزبائنية التي تعتمدها في العلاقة بين الدولة والمواطن، حضوره الوازن والفاعل، "هو من الشعب ومنتشر ولامس قضايا الشعب ودافع عنها على امتداد 93 عاماً من النضال".