كشفت مصادر فلسطينية قريبة من حركة الجهاد الإسلامي، أن الأمين العام للحركة رمضان شلح الذي يخضع للعلاج في مستشفى “الرسول الأعظم” التابع لحزب الله بالضاحية الجنوبية في لبنان، دخل في غيبوبة، عقب إصابته بجلطات قلبية متتالية، أجرى على إثرها أكثر من جراحة في القلب.
وقالت المصادر لـ”العرب” إن الوضع الصحي لأمين عام الحركة “حرج للغاية”، وهذه ليست المرة الأولى التي ينقل فيها إلى المستشفى، فقد سبق أن أصيب بوعكة صحية مفاجئة خلال تواجده بسوريا مطلع مارس.
وعقد عدد من قيادات الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، الثلاثاء، اجتماعا لتدارس الحالة الصحية لأمين الحركة، وإمكانية اختيار خليفة له، بعد تأكيد الأطباء أنه “حتى لو عاد إليه الوعي بعد العملية الجراحية، فإنه لن يستطيع مزاولة مهامه مرة أخرى”.
وأمام الحديث عن الوضع الصحي الحرج لشلح، اضطرت حركة الجهاد إلى الخروج عن صمتها، والتأكيد أنه خضع مؤخرا لعملية جراحية في القلب، وأن وضعه مستقر.
وظل تدهور حالة شلح طي الكتمان، في محاولة لتجنب التركيز على مستقبل الحركة حال غياب أمينها العام، وما يمكن أن يسببه ذلك من خلافات وربما انشقاقات داخلية، في ظل رفض جهات الارتماء في أحضان طهران.
وتولى شلح منصب أمين عام الحركة عام 1995، خلفا لأمينها العام السابق فتحي الشقاقي، الذي اغتالته إسرائيل في مالطا، وأدرجت الولايات المتحدة شلّح (60 عاما) ضمن قائمة المطلوبين لديها.
متابعون يرون أن إيران ربما تضطر إلى التلويح بوقف الدعم لحركة الجهاد خلال الفترة المقبلة في حال جرى اختيار أمين عام لا يتفق مع سياستها
ويرى مراقبون أن خضوعه للعلاج بمستشفى الرسول الأعظم التابع لحزب الله، وإشراف فريق أطباء إيراني على متابعة حالته الصحية، يعكس عمق العلاقة بينه وطهران.
ويبرر إصرار حزب الله أن يكون علاج شلّح تحت رعايته، كنوع من الحماية له ضد أي محاولة لاغتياله.
وظلت الحركة ترتبط بعلاقات وثيقة مع طهران التي تخصص لها تمويلا سخيا، لكن العلاقة بينهما اهتزت بعض الشيء بعد اندلاع الأزمة السورية حينما رفضت الحركة إظهار أي موقف واضح داعم لبشار الأسد، وتدخل حزب الله في الوساطة بين الطرفين تمخضت عنها زيارة وفد من الجهاد لإيران في مايو 2016.
وقال البعض، إنه في ظل الحديث عن تدهور الوضع الصحي لرمضان شلح، فإن حركة الجهاد لن تنتظر طويلا لاختيار من يخلفه عبر انتخابات داخلية، لكن الأمين الجديد لن يأتي سوى برضاء من طهران.
وتخشى إيران من إجراء انتخابات شفافة داخل الجهاد الإسلامي لاختيار أمين عام وسط استمرار وجود قاعدة جماهيرية تتحفظ على العلاقة معها، لأنها جعلت عناصر الجهاد في مرمى النيران مع قوى إقليمية أخرى تعتبر طهران خطرا داهما على استقرارها.
وعلمت “العرب” أن القيادي زياد النخالة نائب الأمين العام، الأقرب لخلافة شلح، في المنصب، لكن إيران تتحفظ على ذلك، لأنه من المعارضين للتقارب المفتوح معها، ويميل نحو أن تكون للحركة علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الإقليمية.
وتدور مشاورات داخل الحركة حول تولي محمد الهندي منصب نائب الأمين العام.
وقال أسامة عامر، الباحث في الشؤون الفلسطينية لـ”العرب”، إن أزمة حركة الجهاد تكمن في ارتباطها التاريخي بشخصية القائد، ما جعلها أكثر تقاربا مع إيران وحزب الله، ويمكن أن يكون ذلك منبع خوف طهران، من تغير السياسة المؤسسية بالحركة.
ويرى متابعون أن إيران ربما تضطر إلى التلويح بوقف الدعم لحركة الجهاد خلال الفترة المقبلة، في حال جرى اختيار أمين عام لا يتفق مع سياستها، أو تكون له بعض الميول الرافضة للتقارب معها.
وتعيش الحركة أزمة مالية بعدما قررت إيران خفض الدعم المقدم لها منذ تصاعد الخلافات الداخلية، واتساع نفوذ الرافضين للتقارب معها، بعد تراجع دور شلّح، وكان آخر ظهور له في نوفمبر 2017 حينما قدم العزاء لقاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بوفاة والده في طهران.
ويقول مراقبون إن مصير الحركة ينذر بالمزيد من الشتات، ما يضع خيارا واحدا أمام طهران، بأن تكون حركة “الصابرين” المنشقة عن الجهاد الإسلامي، البديل الأمثل لها، حتى وإن كانت شعبية الحركة ضعيفة ولا تكاد تمثل قيمة في الشارع الفلسطيني.
ويبني هؤلاء وجهة نظرهم، على قرب انهيار علاقة إيران بالجهاد الإسلامي، أن التيار السلفي الرافض لوجود علاقة مع طهران داخل الحركة في تزايد مستمر، وهو ما يشي بأن حقبة التحالف بصدد كتابة آخر سطورها مع رحيل رمضان شلّح عن منصبه الحالي.