ستة وعشرون يومًا باقية على الإنتخابات النيابية المقبلة في 6 أيار لهذا العام، أيامٌ قليلة تفصلنا عن الإستحقاق الإنتخابي، والأنظار مشدودة ومترقبة إلى المجلس النيابي الجديد، متسائلةً عن هوية أعضائه المتنافسين على الكراسي، في وقت يأمل فيه الكثيرون وصول حركات المجتمع المدني إلى الكراسي النيابية، لكن للأسف كما الأحزاب فشل المجتمع المدني في تشكيل لوائح إنتخابية موحدة في كل لبنان، حيث أن بعض المناطق تتنافس فيها أكثر من لائحة تابعة للمجتمع المدني، واللافت أن تلك اللوائح المدنية فشلت في التعاون فيما بينها، وباتت تتنافس ضد بعضها مع أنها تابعة للمجتمع المدني، فما هو سبب فشل المجتمع المدني في تشكيل لوائح إنتخابية موحدة في كل لبنان؟
للمجتمع المدني تجارب سابقة في الانتخابات، وحظوظ كانت قليلة في الفوز، رغم الجهود اللافتة، والتحركات الميدانية المؤثرة، عدا عن الوجوه الشابة، والبرامج الطموحة المختلفة عن برامج الأحزاب السياسية التقليدية.
واليوم يحظى المجتمع المدني بحظوظ أوفر للفوز نظرًا لإجراء الإنتخابات النيابية وفقًا لقانون جديد لأول مرة، ولكن اللافت أن المجتمع المدني بجميع تياراته وحركاته لم يتحالف مع بعضه ضمن لائحة واحدة في كل لبنان، بل ذهب البعض إلى التحالف مع أطراف وتيارات حزبية، بينما فضل البعض الآخر تشكيل حزب سياسي جديد مثل حزب سبعة؛ الذي يضم أفراد من المجتمع المدني وشخصيات إعلامية، ويُعرف عن نفسه بأنه "حزب لبناني جديد، يحمل اسم "سبعة"، وهو نقيض لسائر الأحزاب اللبنانية التقليدية، برفضه الطائفية، الفساد، التبعية وغيرها من التقاليد التي تتبعها الأحزاب.."
ومؤخرًا شهد هذا الحزب إنتقادات واسعة إتهمته باستغلال المجتمع المدني، على إعتبار أن بعض أفراده المرشحين هم اصلاً محزبين، في وقت يحاول فيه الحزب أن يروّج لنفسه على أنّه وُلد من رحم المجتمع المدني، لكن بعض المرشحين ضمن لوائحه هم شخصيات إعلامية كانت تعمل لخدمة الأحزاب، أوشخصيات أخرى تنتمي لأحزاب سياسية، عدا أن الكثير من منظمات المجتمع المدني إتهمت "حزب سبعة" بأنه "حزب قد تأسس من قبل السلطة للتشويش على المجتمع المدني الحقيقي وخلق شرخ في هذا المجتمع" .
ومن جهة أخرى، إختار مؤسس الحملة المدنية "مواطنون ومواطنات في دولة"، الوزير السابق شربل نحاس خوض الإنتخابات دون التحالف مع بعض الأطراف التابعة للمجتمع المدني، مُطلقًا لائحة «كلنا وطني» في دائرة المتن الشمالي، وتضم كل من: فكتوريا الخوري زوين ونادين موسى وأديب طعمة وإميل كنعان عن المقاعد المارونية وجورج الرحباني عن المقعد الأرثوذكسي.
وعلى الرغم من أن مجموعات الحراك المدني كانت تسعى مسبقًا إلى الإنضواء تحت تحالف «كلنا وطني»، بعد سلسلة لقاءات واجتماعات، حيث ضم التحالف في ذلك الوقت حوالي 11 مجموعة هم: (طلعت ريحتكم - بعلبك مدينتي - حزب سبعة - لقاء الهوية والدستور – حقي - لقاء الدولة المدنية - حراك المتن الأعلى - المرصد الشعبي لمحاربة الفساد – متحدون – صح - وحركة لبلدي).
إلا أن مجموعات أخرى تابعة للمجتمع المدني انضوت في لوائح منافسة لتحالف «كلنا وطني»، وابرزها:
- لائحة تحت اسم «مدنية» في دائرة الشوف وعاليه.
- لائحة تحت اسم «المجتمع المدني» في دائرة البقاع الثانية البقاع الغربي وراشيا.
- اما في دوائر بيروت، لم تشارك حركة «بدنا نحاسب» في تحالف «كلنا وطني»، وانخرطت في لائحة مع «حركة الشعب» التي هي من ضمن «بدنا نحاسب»، وشكلت لائحة «صوت الناس».
ومن جهة أخرى، وفي دائرة بيروت الثانية تحديدًا أسس ابراهيم منيمنة «حركة كلنا بيروت»، بعد الخلاف الحاصل داخل «بيروت مدينتي» حول المشاركة في
الانتخابات النيابية.
يطمح المجتمع المدني بوصول عدد لا يُستهان به من مرشحيه إلى المجلس النيابي، وخرق لوائح الأحزاب والسلطة، لكن مقابل الخرق المدني، استطاعت أحزاب السلطة خرق المجتمع المدني، عبر العمل على تفكيكها والإحالة دون تحالفها مع بعضها البعض من جهة، وعبر تجريد تلك الحركات من صفتها المدنية والتحالف معها بغية تحقيق المصالح من جهة أخرى.