خرق الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء اللبنانية، وقصف مطار طيفور العسكري السوري في حمص، الأمر الذي أدى إلى سقوط ضحايا عسكريين ايرانيين وروس، وسط احتدام المواجهة في سوريا، وفي ضوء التهديدات الأميركية بالرد على استخدام الأسلحة الكيمياوية، والتحذيرات الروسية من الرد العسكري.
ولم يقتصر هذا الخرق على الجو، بل على الأجواء الانتخابية، في ظل احتدام الإشكالات والاتهامات وإعلان ما تبقى من لوائح، في إشارة غير مسبوقة على ربط مصائر الوضع اللبناني، باقتصاده واستقراره بنتائج الانتخابات، والدور المفصلي فيها للصوت التفضيلي، الذي ادخل القانون الارثوذكسي في صلب التشريع الانتخابي، وليحول الاشتباك بين اللوائح إلى اشتباك داخل اللائحة الواحدة.
وإذا كانت دعوات رؤساء التيارات الكبرى والأحزاب إلى الجمهور للاقتراع بكثافة لرفع حاجز «الحاصل الانتخابي» الذي من شأنه ان يحمي اللوائح الكبرى التي يشعر المعنيون بها بأنها مهدّدة، بفعل كثرة اللوائح والمرشحين عليها.. فإن الحملات لم تنفك تستهدف اللوائح المستقلة، لا سيما في عدد من الدوائر، كبعلبك - الهرمل وبيروت وكسروان - جبيل.
وفيما طالب الرئيس سعد الحريري الذي عاد إلى بيروت من باريس بعد اختتام مؤتمر «سيدر» والمشاركة في مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي عقد في باريس بكثافة الاقتراع، وان التنافس في بيروت هو بين لائحة المستقبل ولائحة حزب الله، متهماً لوائح تترشح، وهي تحمل «زوراً راية الوفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري» وهدفها الحقيقي تشتيت أصوات الناخبين لصالح لائحة حزب الله، رأت لائحة «بيروت الوطن» انه لا يجوز الزج بنتائج مؤتمر «سيدر» في البازارات الانتخابية.
وكان الحريري غادر إلى باريس أمس، مجدداً، في زيارة لم يُحدّد الهدف منها، الا ان المراقبين توقعوا ان تكون على صلة بلقاء محتمل مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الذي وصل الأحد الماضي إلى العاصمة الفرنسية في زيارة تستمر لايام.
وعززت الغيوم الداكنة فوق سوريا، المخاوف لدى اللبنانيين مع تصاعد القلق الانتخابي في لبنان.
«سيدر»: محاذير
وقبل ان يجف حبر البيان الختامي لمؤتمر «سيدر» الذي انعقد في العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة الماضي، أو المواقف الداعمة التي عبر عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، نيابة عن مجموع ممثلي 50 دولة أو منظمة دولية شاركوا في المؤتمر، كان اللافت للانتباه دخول هذا المؤتمر في «البازار الانتخابي»، بغرض توظيف المبالغ المالية الكبيرة التي حصدها لبنان في هذا المؤتمر، كل في اتجاه ما يخدم مصالحه الانتخابية، سواء بالنسبة للنواحي الإيجابية منه، على صعيد النهوض الاقتصادي أو بالنسبة لمحاذير زيادة الدين العام التي سترتبها القروض المالية ولو بفوائد متدنية، فيما لو ذهبت هذه القروض في جيوب المنتفعين، على غرار ما حصل في تجارب سابقة.
وإذا كان المؤتمر بوقائعه ونتائجه قد أمن للبنان قروضاً ميسرة على مدى بين ثلاث سوت سنوات بلغت قيمتها 11 مليار دولار ونيف وهبات بقمية 860 مليون دولار، لدعم هذه القروض ولكن بشروط صارمة للاصلاح، ما وصفه الرئيس نبيه برّي «بالحضن العالمي» واعتبر الرئيس سعد الحريري، بأنه «ثمرة التوافق السياسي»، فإن برّي نفسه أضاف على ذلك ان العبرة تبقى بالتنفيذ»، والتنفيذ هنا بحسب مصادر رسمية واقتصادية مقرون حكما برزمة الاصلاحات البنيوية في الادارة والمالية العامة وادارة الدين العام وفي قطاع الكهرباء اساسا ووقف الهدر في الانفاق، لتحقيق خفض في نسبة العجز المالي بقيمة 5 في المائة.
وهذه الشروط مرتبطة بحصول توافق سياسي داخلي كامل على كل الرؤى الاقتصادية والمالية ومشاريع الاستثمار التي ناقشها المؤتمر، لكن الخلاف واقع اصلا بين القوى السياسية ومكونات الحكومة حول الرؤية لكيفية مقاربة ومعالجة الازمات المالية والاقتصادية البنيوية والادارية التي يعيشها لبنان.
عدا عن إن صرف المال الذي منحه المؤتمر للبنان وهوبمثابة قروض ولو بفوائد متدنية، سيكون باشراف مباشر من الدول المانحة لمعرفة طبيعة المشاريع وطرق الانفاق، ما يعني ان اول واهم شروط المؤتمر هو مراقبة اداء الحكومة اللبنانية في انفاق الاموال وتنفيذ المشاريع، وهو ما تحدث عنه البيان الختامي، الذي شدّد على ضرورة «وضع آلية متينة لمتابعة أعمال المؤتمر وضمان تنفيذ الالتزامات والاصلاحات والوعود»، وكذلك ضرورة «احترام المعايير الدولية  على صعيد الشفافية والمساءلة ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب»، وانه سيجري من أجل ذلك «تطوير آلية التنسيق بين الجهات المانحة والسلطات في بيروت، وانه سيجري تنظيم اجتماعات متابعة بشكل دوري مع كبار الموظفين في العواصم والمقار الرئيسية، وسيتم تطوير موقع الكتروني يخصص لضمانة شفافية التمويل وتنفيذ المشاريع».
ولوحظ ان البيان أيضاً لفت إلى ان الدول والمنظمات الشريكة تعول على العمل مع الحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، من أجل تنفيذ برنامج الاستثمار في البنى التحتية وبرنامج الإصلاحات، من خلال وضع جدول زمني محدد للاصلاحات، وانه لهذا الغرض سيعقد اجتماع على مستوى كبار الموظفين في العواصم والمقار الرئيسية بعد فترة وجيزة من تشكيل الحكومة الجديدة».
ملاحظات انتخابية
وفي المقابل، صدر الكثير من الملاحظات حول المؤتمر ونتائجه عن سياسيين وخبراء اقتصاديين، تركزت على خطورة زيادة الدين العام من 80 مليار دولار الى اقل بقليل من مائة مليار، وتركزت الملاحظات والتساؤلات ايضاً على تنفيذ المشاريع الاستثمارية بشفافية ودقة تؤمن الهدف المطلوب، وعلى قدرة لبنان على الايفاء بالديون التي ستترتب عن المؤتمر ولوكانت بفوائد بسيطة ومتدنية.
وقد عبر عن جانب من هذه الملاحظات الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، في أثناء اطلالته الانتخابية في مدينة النبطية غروب يوم الأحد الماضي، عندما حذر من الذهاب إلى كارثة بوصول الدين العام إلى 100 مليار دولار، معتبرا بأننا امام وضع مالي استثنائي يتطلب ان ننتخب نوابا يكون لهم موقف جدي لعدم تمرير أي مشروع من أجل أي شخص أو جهة مكسورة ماليا أو محتاجة للمال»، وفي إشارة سريعة معارضة لنتائج مؤتمر «سيدر».
«بيروت الوطن»
وهذا التوظيف الانتخابي لمؤتمر «سيدر»، دفع «لائحة بيروت الوطن» إلى التحذير منه، في خلال اجتماعها الأسبوعي مساء أمس، حيث بحثت تطورات النشاطات الإنتخابية ، وما يرافقها من تجاوزات من قبل مرشحي السلطة، والإجراءات الواجب إتخاذها لمواجهة التعديات التي تمارس ضد بعض أعضاء اللائحة.  
وتوقف المجتمعون عند وقائع مؤتمر «سيدر ١»، والضجة المفتعلة حول النتائج التي أسفر عنها ، والتي تبين أن معظم القروض والهبات التي بلغت ١١ مليار دولار ، هي مجرد وعود مشروطة بتحقيق إصلاحات جدية ، مالية وبنيوية ، فضلا ً عن ربطها بنتائج دراسة الجدوى لكل مشروع ، من المشاريع التي قدمها الوفد اللبناني للمؤتمر، مما يعني أن المسألة قد تبقى في إطار الوعود، إذا لم تتعامل الحكومة اللبنانية مع هذه المعطيات بالجدية اللازمة. 
وأعتبرت اللائحة أن المجتمع الدولي أعرب في مؤتمر باريس  عن تضامنه مع لبنان، شعباً ومؤسسات ، لتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الوضع الإقتصادي اللبناني ، ولا يجوز توظيف هذا المؤتمر ونتائجه في البازارات الإنتخابية. 
وكانت اللائحة عقدت لقاء في منزل الكابتن عماد حاسبيني، لفت خلاله رئيس اللائحة الزميل صلاح سلام إلى ممارسات فيها ملامح لتزوير الانتخابات، داعيا إلى تدارك هذا الأمر، وهناك حالة من التسيب والفساد وغياب الرقابة، مشددا على ان الحل هو في يد المواطن البيروتي من خلال اقتراعه وإيصال المرشح الذي يسعى للعمل والمواجهة، وان هذا الأمر يجب ان يترجم في صناديق الاقتراع في 6 أيّار.
هجوم انتخابي
على ان الهجوم الانتخابي الذي باشره السيّد نصر الله لدعم اللوائح الانتخابية المشتركة بين حزب الله وحركة «امل» غروب الأحد، وسيتابعه بشكل اسبوعي من الآن وحتى موعد الاستحقاق. لم يستو عند الجانب المالي الذي يزعج خصومه، ولا سيما تيّار المستقبل، بل تعداه إلى الجانب السياسي، عندما اتهم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بالتخطيط لصدام بين الجيش والمقاومة، سواء عبر مصادرة الجيش لشاحنات الأسلحة التابعة للمقاومة أثناء حرب تموز 2006، أو عبر إعطاء تعليمات للجيش لإزالة شبكة الاتصالات التي انشأها الحزب قبل احداث 7 أيّار 2008 وهو ما نفاه المكتب الإعلامي للرئيس السنورة، مؤكدا ان كل هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة على الإطلاق، موضحا ان قيادة الجيش اللبناني كانت أصدرت بيانا أثناء حرب تموز أكّدت فيه انها لم تتلق امرا من رئيس الحكومة بمصادرة سلاح المقاومة، كما ان رئيس الحكومة آنذاك لم يعقد أي جلسة أو جلسات وقتذاك مع ممثلي حزب الله في موضوع نقل السلاح والذخائر إلى الجنوب.
كما ان قرار الحكومة في جلسة 15 أيّار 2008، لم يتضمن على الإطلاق امرا للجيش بالتصادم مع حزب الله من أجل تلك الشبكة التي لا تزال قائمة إلى الآن وتوسعت بعد ذلك توسعا هائلا لتشمل مناطق مختلفة من لبنان».
..واحتدام انتخابي
في هذا الوقت، احتدمت حمى المعارك الانتخابية وبدأت تتحوّل إلى صدامات وعراك وإطلاق نار كما حصل في فندق «كراون بلازا» بالحمرا والبقاع ومنطقة عنايا- مشمش في جبيل، وسواها، فيما استقر الخطاب السياسي والتحريضي، حيث يتوقع مشتغلون في ماكينة مرشّح شمالي بارز تصعيد الخطاب الانتخابي السياسي والطائفي والمذهبي كلما اقترب موعد الانتخاب في حين ردّ مرجع سياسي حماوة المعركة وتصعيد الخطاب الانتخابي الاستفزازي إلى قانون الانتخاب إلى وصفه «بالمسخ الذي جاء ليخدم طرفا أو اثنين من الأطراف السياسية لكنه اضر بالكل، واضطر القوى السياسية إلى استعمال كل الأسلحة الخطابية التحريضية والتخوينية والالغائية».
وفي هذا السياق، كان لافتا للانتباه، هجوم الرئيس الحريري على اللوائح الانتخابية المتنافسة في بيروت الثانية، وخص في هجومه المرشحين الذين قال انهم يدعون الوفاء لرفيق الحريري ويحملون راية مسيرته، مشيرا إلى انه لو كانت هذه اللوائح لمصلحة بيروت لا مشكلة معهم، لكن هؤلاء يخدمون حزب الله وهدفهم تشتيت أصوات الناخبين واصوات البيارتة لمصلحة لائحة حزب الله ودعا إلى التصويت بكثافة للائحة تيّار المستقبل لإفشال مخططات هؤلاء ومشاريعهم، معتبرا ان واجب كل واحد هو الاقتراع وعدم التهاون والتراضي لأنه كلما ارتفعت نسبة الاقتراع كلما تمت المحافظة على قرار بيروت وقطعتم الطريق امام الآخرين لمصادرته».
واوفد الحريري مستشاره الوزير غطاس خوري إلى معراب حيث التقى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في حضور وزير الإعلام ملحم الرياشي.
وعرض المجتمعون المسجدات السياسية والانتخابية.
.. وهجوم أرسلان
في هذا الوقت، شكل هجوم رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين طلال أرسلان على رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، مادة لدفع الصراع على زعامة الجبل إلى ذروته، خاصة وان الهجوم تمّ بشكل غير مسبوق منذ سنوات عديدة، على الرغم من ان جنبلاط كان دائماً يحفظ لارسلان معقده النيابي في لوائحه الانتخابية، لكن تحالف الأخير مع «التيار الوطني الحر» شكل بحد ذاته عنصرا لتفجير الصراع بين أبناء الطائفة الواحدة، مما يؤشر إلى حدة غير مسبوقة في انتخابات دائرة الشوف عالية.
وكان أرسلان وجه الى جنبلاط رسالة مفتوحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ضمنها انتقادات نارية، سواء على صعيد وحدة الطائفة وعقد اجتماع درزي للنواب لبحث الوضع الاجتماعي في الجبل، أو على صعيد معاناة وألم النّاس ووقف الهجرة، الا انه لم يكن يلقي اذاناً صاغية، كما اتهمه بأنه يصور نفسه ضحية على باب كل استحقاق، وانه في كل مرّة يخترع خصوماً وهميين لتشد بهم العصب المهتريء حتى اوصلت نفسه لمكان لا تحسد عليه».
لكن جنبلاط لم يشأ الرد مباشرة على أرسلان واكتفى بتعليق من بضعة سطور عبر «تويتر» قال فيه انه لا يريد الدخول في مساجلة مع أمير الوعظ والبلاغة والحكم، اما وانني على مشارف الخروج من المسرح اتمنى له التوفيق مع هذه الكوكبة من الدرر السندسية والقامات النرجسية.
وختم «انتم كما قال جبران (خليل جبران) في النور المظلم ونحن في العتمة المنيرة».
في غضون ذلك، توالت مهرجانات اعلان اللوائح في اكثر من منطقة.ومن ابرز اللوائح التي اعلنت امس، لائحة «عنا القرار» في دائرة كسروان- جبيل التي تضم تحالف حزب الكتائب وفارس سعيد وفريد هيكل الخازن، فيما اعلن تحالف هيئات المجتمع المدني في احتفال أقيم في «فوروم دو بيروت» تسع لوائح بأسم «كلنا وطني» ضمت 66 مرشحا في دوائر: بيروت الاولى والثانية، والشمال الثانية والثالثة، وزحلة، وبعبدا، وكسروان- جبيل، والشوف- عاليه.
اضراب الجامعة
نقابياً، مع انتهاء عطلة الاعياد، يبدأ أساتذة الجامعة اللبنانية اليوم وفي مختلف الكليات والفروع، إضرابهم التحذيري حتى نهاية الاسبوع، والذي اعتبرته رابطة الاساتذة المتفرغين الانذار الاخير قبل اضطرارها لاعلان الاضراب المفتوح، وذلك رداً على الإخلال بالوعود التي قطعتها لجنة المال والموازنة والهيئة العامة لمجلس النواب بالحفاظ على صندوق تعاضد الأساتذة في الجامعة، ورفضاً للمساس بالصندوق الذي مضى على إنشائه أكثر من 25 عاماً. 
وينفّذ الاساتذة اعتصاماً اليوم عند الساعة الحادية عشر ظهرا امام قصر الاونيسكو، استنكاراً لاستهتار أهل السلطة بمختلف أطرافها وقواها السياسية وطريقة التعامل مع الجامعة اللبنانية ومطالب أساتذتها والذي تجلى بالجلسة الأخيرة للجنة المال والموازنة وجلسة الهيئة العامة لمجلس النواب، والضرب بعرض الحائط كل الوعود الواضحة والعهود التي أُعطيت للهيئة التنفيذية ولمجلس الجامعة من أطراف مختلفة والتي لاقتها الهيئة بإيجابية لافتة، حرصاً منها على المصلحة العليا للجامعة وحفاظاً على مصالح الطلاب.