تشهد دائرة بيروت الأولى (الأشرفية) منافسة انتخابية من الأكثر حدة، وتتسابق 4 لوائح للفوز بمقاعدها الثمانية مع إقرار الجميع بصعوبة أن تتمكن إحداها من احتكار تمثيلها في البرلمان، من دون استبعاد حصول مفاجآت غير محسوبة من خارج اللائحتين المكتملتين: الأولى المدعومة من تحالف الوزير ميشال فرعون وأحزاب «القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«الرامغفار»، والثانية من ائتلاف «التيار الوطني الحر» و «تيار المستقبل» وحزبي «الطاشناق» و «الهنشاك»، في مقابل لائحتين غير مكتملتين الأولى تضم تحالف «حزب - 7 - والحراك المدني وزياد عبس المنشق عن «التيار الوطني» والثانية من النائب سيرج طور سركيسيان والصحافية ميشيل جبران تويني وشخصيات من المجتمع المدني. وتتميز هاتان اللائحتان بحضور نسائي لافت.
وتراهن اللوائح الأربع على رفع منسوب الاقتراع لضمان تجاوز الحاصل الانتخابي (7 آلاف صوت) على رغم أن تقديرات الماكينات الانتخابية لهذه اللوائح تتوقع أن يبقى تحت هذا السقف وتحسب ألف حساب للصوتين الشيعي والسني في الأشرفية، خصوصاً الأخير، إذ إن عدد الناخبين من الطائفة السنية يبلغ أكثر من 12 آلف ناخب.
والمبارزة في هذه الدائرة مسيحية - مسيحية بامتياز لأن لا تمثيل نيابياً للمسلمين فيها، ويعتبر «المستقبل» الذي يدعم مرشح «الهنشاك» الأقوى في الأشرفية، من دون أن نتجاهل قدرة الوزير فرعون على كسب تأييد عدد لا بأس به من الناخبين السنّة.
ويمكن القول إن المعركة في الأشرفية ستشهد أكثر من «حرب إلغاء» من جانب «التيار الوطني» الذي يتطلع لاستهداف المرجع الأبرز في الطائفة الكاثوليكية - أي فرعون و «الكتائبي» نديم الجميل و«القواتي» عماد واكيم، وإن كان لا يتحسب لمدى قدرة عبس على حجب مئات أصوات المقترعين عنه، خصوصاً أنه كان حصد المركز الأول في الانتخابات التمهيدية لـ «التيار الوطني» لتسمية مرشحيه، لكن خلافه مع الوزير جبران باسيل أدى إلى انسحابه منه.
وفي هذا السياق قالت مصادر سياسية مواكبة لحماوة المعركة في الأشرفية إن باسيل كان وراء إعطاء أفضلية الترشح للوزير السابق الكاثوليكي نقولا صحناوي وهذا ما انسحب على عدد من المرشحين الذين استبعدوا بقرار من باسيل.
ولفتت إلى أن المعركة، وإن كانت تأخذ بعداً مارونياً - مارونياً، فإنها تجري على أرض أرثوذكسية، الكاثوليك هم رأس حربة فيها، وهذا ما يفسر لجوء «التيار» - كما يقول خصومه إلى تسخير إمكانات بعض المؤسسات الرسمية ووضعها بتصرف مرشحيه في الأشرفية وغيرها من الدوائر.
ورأت أن «التيار الوطني» بدأ يخطط للتخلص من فرعون لمصلحة صحناوي الذي كان من أكثر المتطرفين في استهدافه «المستقبل» ولجوئه فور اغتيال رئيس شعبة «المعلومات» اللواء وسام الحسن إلى حجب «داتا» الاتصالات عن الشعبة ما اضطر «المستقبل» لتوجيه سؤال إلى الحكومة حول أسباب امتناعه عن تزويدها «الداتا».
وكشفت أن فرعون الذي لعب دوراً في إنجاح الائتلاف البلدي في بيروت لمصلحة لائحة «البيارتة» التي فازت بمقاعدها الـ24 وفي قطع الطريق على إقحام الأشرفية في منازلة تتعلق بمجالسها الاختيارية، لقي تأييداً من كبار المعنيين بهذا الائتلاف وتلقى وعداً من العماد ميشال عون قبل أن ينتخب رئيساً بأن يكون المقعد النيابي من نصيبه، وأن صحناوي سيعين وزيراً، لكن سرعان ما انقلب باسيل على هذه التسوية التي دعمت لاحقاً بتأييد فرعون عون لرئاسة الجمهورية.
وقالت المصادر المواكبة إن بعض المرجعيات الدينية تتدخل في الانتخابات وإن «التيار الوطني» يستفيد من تدخلها ظناً منه أنه سيكسب السباق الانتخابي الذي يؤمن له أن يكون المرجع الوحيد لهذه الدائرة مع أن التقديرات الأولية تشير إلى أن المنافسة ستكون محتدمة وأن معادلة غالب ومغلوب لن ترى النور لأن الخروق الانتخابية حاصلة لا محال.
وأكدت أن باسيل يسعى إلى إسقاط فرعون، وعزت السبب إلى أن الأخير لم يكن معه على الموجة نفسها في جلسات مجلس الوزراء، وكانت له مواقف اعتراضية على التعيينات الإدارية، إضافة إلى استئجار البواخر لجر التيار الكهربائي، وقالت إن باسيل حاول «رشوته» بغية كسب تأييده لكنه واجه صعوبة في إقناعه بتعديل مواقفه المعترضة.
واعتبرت المصادر عينها أن معركة الأشرفية تتسم بطابع سياسي وأن لائحة تحالف «الكتائب» و «القوات» و «الرامغفار» وفرعون تتشكل من رموز قيادية أساسية في «قوى 14 آذار» التي لم تعد موجودة ككيان سياسي موحد في مقابل ائتلاف «التيار الوطني» و «الطاشناق» و «المستقبل».
لذلك، فإن معركة الأشرفية تكتسب أهمية خاصة لأنها تشكل واحدة من المرجعيات السياسية، وخصوصاً بالنسبة إلى الكاثوليك، وكانت تتقاسم المرجعية مع زحلة التي تراجعت بعد وفاة رئيس الكتلة الشعبية الوزير السابق الياس سكاف ولا يوجد الآن من هو قادر على استعادة دور عروسة البقاع كواحدة من المرجعيات السياسية للكاثوليك.
وعليه، فإن المنافسة بين اللائحتين الحزبيتين في الأشرفية قد تكون متقاربة وإن الكلمة الفصل تبقى للمرشحين ممن سيحصلون على الحاصل الانتخابي، لكن من غير الجائز شطب اللائحتين الأخيرتين من السابق الانتخابي في ضوء ما يتردد عن أن احتمال المفاجأة يبقى قائماً من قبل لائحة تحالف حزب - 7 مع الحراك المدني، وإن كان الناخبون الكبار في لائحتَي الأحزاب يقلّلون من حظوظ الخرق من خارجهما.