لا تزال القطاعات السياحية تتراجع وعائداتها في انخفاض سنوي مستمر. حقيقة لا يبدو أن موسم الأعياد قادرٌ على تغييرها، ولا حتى الوعود والآمال المعلقة على مؤتمر "سيدر 1". بين الفصحين الكاثوليكي والأرثوذكسي، زمن ربيعي جميل واجازات، فهل نشطت الحركة السياحية الداخلية؟
"لا تحسن في السياحة الداخلية". كان جواب الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي الذي أشار خلال حديث لـ "النهار" إلى أنّه رغم ارتفاع نسبة السياح بين 5 إلى 10 في المئة، إلا أنّ الانفاق السياحي انخفض بنسبة 20 في المئة قياساً إلى العام السابق، لافتاً إلى أنّ الأسباب تعود إلى عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
وشدد بيروتي على أنّه لا يمكن "أن تُخفّض الأسعار أكثر من ذلك"، فقد "أصبحت كلفة غرف الفنادق متساوية مع كلفة الفطور تقريباً"، وفق تعبير بيروتي الذي أمِلَ أنّ "يكون للسياحة الأوروبية إلى لبنان وقعٌ هام يعد بتحسن قطاعات عدة بعد الانتخابات النيابية، خصوصاً أنّ بعض الشركات الأجنبية تقدم حوافز متنوعة لتشجيع الأوروبيين تحديداً على زيارة لبنان".
وتجدر الإشارة إلى أنّ شركتَي Germania وEagle Azzure للطيران تُوفر حسومات على أسعار تذاكرها وعروضات متنوعة، مشجعةً بذلك الأوروبيين على السفر إلى لبنان، الأمر الذي أمل بيروتي أن تقوم به شركة طيران الشرق الأوسط على حد سواء. وأضاف أنّ التوقعات عالية من مؤتمر Visit Lebanon الذي سيُعقد في شهر أيار أيضاً، لجهة جذب السياح إلى البلاد، معتبراً أنّ غياب النشاطات والمؤتمرات يُغيّب لبنان عن خريطة السياحة العالمية.
المواطن وعيد الفصح
"لوين ضاهرين على العيد"، سؤال يطرحه كثيرون لتكون الاجابة سؤالاً رديفاً "شو وضع الجيبة". تقول ماري، ربة أسرة، إنه خلال عيد الفصح فضلت أن تقيم مأدبة غداء في منزلها. فقد كلفتها مائدة لأربعة أشخاص نحو 150 دولاراً أميركياً من ضمنها قالب حلوى منزلي ومشروبات كحولية فاخرة. في حين أنفق زوجها العام الماضي نحو 250 دولاراً على الغداء في مطعم متوسط. "ولم يكن الطعام على ذوقنا" على حد تعبير ماري، والتي قالت إنّ " المشاوي كانت باردة نظراً لكثرة الزبائن والكحول رخيصة".
ايلي العشريني، يحتفل بعيد الفصح مع عائلته في المنزل أيضاً مستمتعاً بالطعام الذي تُحضره والدته. ويقول: "عيد الفصح للعائلة، وليس فقط الأهل بل الأقارب، لذلك فتناول وجبة في مطعم ما قد يكون مكلفاً بشكل كبير، لذلك نُفضل أن نجتمع في منزل واحد". لكن ايلي يخرج بعد غداء العائلة مع حبيبته، عادة إلى السينما حيث يُنفق نحو 50 ألف ليرة لبنانية مقابل تذكرتين لحضور فيلم، والبوشار ومشروب غازي. وتساءل ايلي: "راتبي كشاب لبناني لا يصل إلى 1000 دولار أميركي، فكيف يمكننا أن نساعد اقتصاد بلادنا إن لم يساعدنا أولاً"؟
رانيا وشربل لا يزالان "عريسين جديدين"، وهذا أول عيد فصح يقضيانه معاً وتحت سقف واحد. "أحببنا أن نخرج ونمضي يوم الأحد خارج المنزل، خصوصاً أننا نحاول استغلال كل لحظة مع بعضنا قبل مجيء الأطفال". تناول الزوجان وجبة الغداء في أحد المطاعم المتوسطة في منطقة عجلتون وطلبا النرجيلة أيضاً، فكانت الكلفة نحو 100 دولار أميركي. وأشار شربل إلى أنّهما اختارا المطعم بعد بحث طويل، ورغم أنّ السعر مقبول نظراً إلى تكاليف المطاعم، إلا أنّ فترة الأعياد تتتطلب مبالغ إضافية للملابس وغيرها من التقاليد المتبعة في لبنان.
مطاعم ومأكولات
وفي استطلاع لمطاعم عدة، أكد أصحابها زيادة عدد الزبائن يوم الأحد تحديداً قياساً إلى الأيام العادية، لكن العدد أقل من العام الذي سبقه، لافتين إلى أن نسبة الزبائن تنخفض عاماً بعد عام خلال الأيام العادية وفترة الأعياد أيضاً، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، الأمر الذي أكدّه رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي، موضحاً لـ "النهار" أنّ المطاعم تضم "Formula خاصة بمتناول الجميع، وبكافة الميزانيات يمكن للمواطن اختيار المناسب له"، مشيراً إلى أنّ "نسبة الحركة السياحية كانت مرتفعة أكثر خلال العام الماضي"، وفي رأيه أنّ "عيد الفصح ليس معياراً".
أما ما ينتظره عاملو القطاعات السياحية فهو الانتخابات النيابية في 6 أيار، التي من المفترض أن تشكل بعدها حكومة جديدة تهتم بوضع خطة اقتصادية جديدة للبنان لربما تحقق لهم بعض التقدّم. فهل سيُبصر أملهم النور، أم سيبقى الاقتصاد اللبناني وقطاعاته مكسر عصا لهشاشة الانتظام العام.
(مارسل محمد)