أثار برنامج الاعلامي يحي أبو ذكريا على قناة الميادين موجة من الغضب لطلاب وشيوخ الحوزات العلمية على مواقع التواصل الاجتماعي لاستضافته الكاتب محمد ترحيني الذي أتاحت له قناة الميادين المحسوبة على (حزب الله) بث سموم مخالفة لعقيدة المذهب الشيعي دون رادع يُذكر من قبل المُعد أو المقدم خاصة وأن الاستضافة تأتي على حلقتين متتاليتين كتكريم للكاتب الذي يحمل أفكاراً نقيضة لأفكار الجهة التي تقف خلف القناة أو كتأييد لأفكار غير منسجمة تماماً مع عقيدة المذهب الذي يرعى هذا الاعلام المصطف في محور الممانعة والمقاومة.
إقرأ أيضًا: المقاومة صوت تفضيلي!
هذا الغضب من الكاتب ومن المستضيف ومن القناة ومن الجهة السياسية الداعمة من قبل شيوخ متفرغين للدفاع عن عقيدة المذهب غير مهتمين بعلم الدراية السياسية اذ لا سياسة مهما علت يمكن السكوت عنها اذا كانت مضرة بإيمان المذهب وبخطوطه العريضة وبمبانيه الفكرية واذا كان البعض يهوى السياسة على حساب المذهب فهذا يدفعنا الى القيام بما يلزم لإسكات أصوات التجني على العقيدة بالطلب المباشر الى الجهات المعنية بإقفال البرامج المضرة والغير مختصة بعلوم الدين والإكتفاء بما هي عليه من إختصاص سياسي أو إعلامي خاصة وأن الصرف من السهم الشرعي لتمويل شبكات إعلامية يفرض التزاماً بقواعد العمل لصالح المصدر الديني وعدم التخريب عليه.
يبدو أن النقاش جرى خارج مواقع التواصل الاجتماعي أيضاُ وذهب بعض المنتصرين لمرتكزات المذهب الى ضرورة التنبيه والحذر من مغبة المضي المتعمّد لزعزعة الركائز المذهبية تحت غطاء الاعلام التابع وثمّة من أشار الى خطأ متعمّد لترك الكاتب الترحيني وحيداً في برنامج يحي أبو ذكريا ولو تمّ استضافة مختص للردّ على شُبهات الترحيني لكان البرنامج يعمل وفق معيار التزامي بقواعد العمل الاعلامي الموجب استضافة مختلفين في الأفكار وغير ذلك يكون ترويجاً لأفكار على حساب أفكار كما حال البرنامج الذي روّج لشبهات بواسطة قناة من المفترض أن تكون جهة مكافحة ومنافحة لشُبهة تطال مذهب يغذيها بحليب الدعم اللازم.
طبعاً سمعنا الكثير من الطعن بالحلقة التي استضافت الكاتب الجنوبي محمد ترحيني وتدنى مستوى التطاول على الكاتب نفسه باستحضار ملفه الشخصي من النشأة وحتى الاستقامة ظناً منهم أنهم يسيؤن اليه في حين أن المطلوب مقارعة الفكرة لا اتهام الشخص بسرقة مصادر كتابه ومن ثمّ اتهامه بمبايعة المخالفين من أهل السنة للنيل من مذهب أهل البيت واعتبار دائرة معارفه الشخصية محاطة بجملة أسماء مشبوهة في تعاملها لصالح هدم مباني الأفكار الشيعية.
إقرأ أيضًا: ماذا لو سقط باسيل عن... ؟
لا يختص المدافعون عن العقيدة الاّ بالقدر الذي يسيؤن فيه للشخص تهكماً به وبعائلته وبعلاقاته ولا ينذر أحد منهم نفسه للردّ على الأفكار بما هي أفكار أو شُبهات ويكتفون برفع شعارات رنّانة بحق عقيدة مذهبية تحتاج الى علماء لا الى وعاظ عزاء ومنشدين و "رواديد" باتوا هم حرّاس الهيكل وهذا ما أوهن من مذهب أسّسه جهابذة في علميّ الأصول و الكلام.
ثمّة ايجابية أتاحها النقاش الموضوعي حول الحلقة المذكورة وهي الاعتراض على السياسة التي تُبرر فعل كل شيء لصالح خدمات سياسية و هذا لم يرض بعض المناصرين والملتزمين نهج الولاية طالما أن ذلك يحط من دين العقيدة فحفظ الدين أوجب و الواجبات وترك السياسة تعبث بثوابت المذهب أمرٌ لا يمكن السكوت عنه مهما علا شأن التوظيف السياسي والموظف نفسه وإن كان في قمة المسؤولية.