ورد في الحديث (كيف ما تكونوا يولى عليكم) أي أن الوالي عليكم يمثلكم أو يشبهكم فهو نتاج المجتمع وليس جسماً غريباً عليه والا لكان المجتمع أنتج غيره ليولى عليه، في هذه الأيام لا يوجد حديث يضاهي حديث الانتخابات والمرشحين والسياسة واللبنانيون يعيشون اليوم ذروة العملية الانتخابية.
نعي تماماُ ان السياسة أسلوب عمل لفهم سياسي يضخ افكاراً في إطار المجتمع وفق تجارب ونشاطات، منها (ميدانية) على ارض الواقع، كما تتمثل أيضاً في سياق نظري (مكتوب) يصيغه السياسي من اجل تشكيل رأي عام على مستوى المفاهيم الثقافية والمعرفية ليعبر من خلالها عن افكاره وتوجهاته القائمة على النباهة في ظل تقاليد اكاديمية علمية،ومن خلالها يطرح مشروعه السياسي الذي يتضمن (اهدافه وبرنامج عمله)، والطريق الصحيح لمعرفة السياسي الناجح والذكي والوطني بنفس الوقت إقراره بالتجربة من حيث الاهمية والتطبيق وهذه وسائل لتحديد سلوكه السياسي المنظم، فالتنظيم هنا هو تعبير عن شكل يؤلف إطاراً منظم على المستوى السياسي، وبهدف أساس هو الحفاظ على البرنامج السياسي العام الهادف الى تحقيق الاهداف التي ينشدها التنظيم.
إقرأ أيضًا: هل يبقى التنافس الإنتخابي في بعلبك الهرمل تحت السيطرة؟
فالطبيب اذا اخطأ في عمليته الجراحية يستهدف المريض فقط، ولكن السياسي اذا أخطأ يستهدف شعباً كاملاً، لذلك تحضرني هنا خاطرة تقول ان "المُجرب لا يُجرب" وهذا يعني اننا اذا ما نظرنا الى تجربة بعض نوابنا الذين بلغت مدة ولايتهم الربع قرن، وبدون إخضاع هذه التجربة ولو بإطار الحد الادنى للتقييم لأن النقد والتقييم يهدف الى الانتباه الى الأخطاء والى نقاط الضعف التي سادت من خلال التجربة وبالتقييم تتم عملية التصحيح للخطأ الحاصل، لتحقيق ما يتوخى الناس تحقيقهُ وهي الغاية الكبرى ولمعرفة نشاط أي سياسي طارحاً نفسه لخدمة الناس، والعمل وبذل الجهود لتحسين اوضاع المنطقة، و بالقانون من خلال مشاريع القوانين التي تشكل الاولوية في سياق مهمات النائب وهذه القوانين بالضرورة يفترض ان تنعكس على المواطنين بشكل عام والمواطنين في الدائرة التي يمثلها بشكل خاص، وبهذه الحال يتوجب عليه إقناع الناخبين بمشروعهِ، فمتى ما حصل الاقناع فان ذلك يعني بان لحظة الاعتراف به قد بدأت. ونحن اليوم تفصلنا عن يوم الاقتراع ما يقارب الثلاثون يوماً، يحضرني السؤال التالي ألا تستحق تجربة الربع قرن التي مرت وذهبت سدى أن نحاسب أصحابها، وذلك من خلال صندوق الاقتراع؟!
إقرأ أيضًا: المواطنون ليسوا حطبًا
والانتخاب اليوم مشروع مهم في صياغة وبلورة رأي عام يحاسب من خدع وخادع طوال الفترة الماضية وعلى إمتداد الخمسة وعشرون سنة، نعم فالشعب يريد اليوم واكثر من أي وقت مضى ممثلون عنه يحققون مطالبه الواقعية لا الخيالية، لان الشعب في بعلبك الهرمل بات اليوم يعي تماماً انه على إمتداد المرحلة الماضية كان قد سمع كم هائل من الوعود، ولم يحصل ولو بالحد الادنى منها كما يجب رؤية الموضوع من زاوية أكثر منطقية، اذا كانت فترة الخمسة وعشرون سنة لم تكن كافية لتحقيق التنمية والانماء وإيجاد فرص عمل للشباب الذي لم يعد امامه سبيل الا الهجرة أو الانحراف، فهل الاربع سنوات القادمة ستحلها أم ستكون كسابقاتها من الاعوام وفي هذه الحال إن "المُجرب لا يُجرب" وعلينا كمواطنين ان نتحرر من العاطفة.. وان نحكم العقل، وتجربة ربع قرن كافية وكافية كثيرًا... في كل مجتمعات الكون هناك رؤية امينة من عالم أو مفكر يضع الناس على السلوك القويم للاختيار الصحيح من اجل تحقيق التقدم.. لذا فإن "المُجرب لايُجرب" هي ثقافة يجب ان تسود لفهم السلوك السياسي للعملية الصحيحة انتخاباً وللخروج من وهم الانتخابات الفاسدة ووهم أصحاب الوعود، وأصحاب المصلحة الشخصيةوغيرهم...