مازال المستخدمون لورقة المقاومة يستنزفون رصيدها خدمة لأشخاص لا علاقة لهم بالمقاومة بالمعنى العملي لأن أكثرهم من خارج شرف ساحاتها وهم لم يرشقوا حجراً على عدو وبعضهم احتضنها بعد الفتح وليس قبل الفتح والبعض مشكوك في انتمائه للمنطق الجهادي اذ تفوح منه روائح البرجزة أكثر مما تفوح منه روائح أهل الثغور.
يمعن المعنيون في مصادرة تاريخ المقاومة التي أتاحتها تجارب نضالية كثيرة و ساهم فيها اللبنانيون عموماً والجنوبيون خصوصاً وكل بحسب ظروفه و كل بحسب قدرته، من خلال حشد دور المقاومة في توظيف سياسي انتخابي يحتكر عملية التمثيل لصالح رؤية جهوية لا لصالح مجتمع من حقه اختيار من يراه مناسباً لتمثيله السياسي تماماً كما هو حال التجاذبات القائمة في منطقة البقاع حيث تصرّ الفردية الحزبية على أسماء غير مناسبة بالنسبة للناس ولكنها مؤهلة بالنسبة لمن يرى فيهم خدماً في الهيكل وهكذا بدت صورة المقاومة قاتمة وغير مألوفة في وسط شعبي ضحى من أجلها ودفع بأبنائه صوناً لها ولم يتركها في لحظة اشتباكاتها المتعددة باعتبارها ضمانة يجب التمسك بها.
إقرأ أيضًا: ماذا لو سقط باسيل عن... ؟
هذا الالحاح في الاستنزاف لشرف نضالي يضرّ بالمقاومة ولا يفيدها في شيء فلا معنى لها عندما يتم حصرها بأسماء ولا معنى لها عندما يتم إدخالها كعنصر تحدي واستقوائي بين اللبنانيين لأن هذا ما يجعلها طرفاً في السياسة وخصماً لمنافسيها وهذا ما يفرط من حولها عرى التحالفات الوطنية التي اجتمعت على المقاومة وتفرّقت عن غيرها من العناوين، ويبدو أن من يخيط بمسلة المقاومة يسيء الى استخدام الخيط الشعبي عندما يصنف الناس بين مقاومين وغير مقاومين أي انه يخضع الناس لمنطق الاكراه باعتبار أن للحق طريقاً واحداً هو طريق هذه الأسماء "الحسنى" من اللوائح المعدة سلفاً والمكتوبة بحبر الطاعة لأشخاص فشل أكثرهم لا في النيابة فقط بل في الحقل العام.
في كل إستحقاق دستوري يتم حرق ورقة المقاومة خدمة مجانية لصالح مجموعة تأخذ من المقاومة ولا تعطيها أكثر من مدح يشبه اللغو ولا حاجة له طالما أنه تغني شخصي منفعي يقدم هدايا لسانه على مذبح الفداء والأنكى من ذلك أن البعض منهم لا يتقن حتى فن المدح ولكنه يغطي عيب ذلك بتقديم فروض الطاعة عملياً كيّ يُرضى عنه و يُجدّد له لقيامه الليل وقعوده النهار في خدمة ربه السياسي.
إقرأ أيضًا: العبادي بري العراق
هذا التعاطي السلبي سهّل لصراع خفي بين الناس وبين المقاومة وهذا ما دفع بقيادتها الى الاضطرار الطوعي لنجدة خياراتها النيابية الخائبة بالنزول مباشرة الى الميدان الانتخابي والتواصل مع كل بيت ومع كل عشيرة لضمان الصوت التفضيلي للمقاومة لأن الانتكاس في بعلبك - الهرمل كارثة لمقاومة تتمتع وحدها بقوّة الحضور في ظل حركة منظمة متفرغة تشمل أكثر أهالي منطقة البقاع واذا ما حصل ذلك يعني أن هناك ولادة لمرحلة جديدة في منطقة قدّر لها ان تكون القابلة القانونية الوحيدة للولادات الشيعية.
عندما دقّت قيادة الحزب جرس الخطورة في البقاع بدت ساعة الهزيمة لأن الخيارات السلبية تهدم سقوف القوّة خاصة وأن اللائحة المقابلة متواضعة جداً أمام لائحة المقاومة فاذا كان تواضع لائحة ضعيفة قد دفع بقيادة الحزب الى النفخ في الصور نتيجة لقيام القيامة في بعلبك فماذا لو كان في المنطقة قوّة منافسة كقوّة الحزب؟ سؤال ينبىء عن خوف القوي الدائم من الضعيف و يشير الى ضعف القوّة مهما علت طالما أنها ترتكز على قوّة السلاح ولا ترتكز على قوّة الناس.