زعيم القائمة الوطنية خسر علاقات إقليمية مهمة، ومن الصعب الخروج من الاستقطاب الطائفي وتغيير طبيعة العملية السياسية
 

ترجّح تقارير محلية وتقديرات مراقبين واستطلاعات للرأي، تقدّم القائمة الوطنية بزعامة السياسي المخضرم إياد علاوي، على منافسيها في الأوساط السنية والعلمانية، خلال الانتخابات العراقية العامة المقررة لشهر مايو المقبل.

ولم يكن أكثر المتفائلين، بقائمة علاوي التي تضم رئيس البرلمان سليم الجبوري وزعيم جبهة الحوار صالح المطلك، يتوقع حصولها على 20 مقعدا في البرلمان العراقي المكون من 329 نائبا. لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن علاوي لا يتقدم على منافسيه في الأوساط السنية فحسب، بل ينافس على مراكز متقدمة في جميع الدوائر الانتخابية التي تشترك فيها قائمته.

وطرأ خلال الأيام الماضية عامل إضافي يصب في مصلحة هذه القائمة، متمثّل في نشوب خلافات حادّة داخل القائمة المنافسة لها بشكل مباشر على أصوات السنّة، وهي قائمة تحالف القرار الذي أعلن خميس الخنجر أحد أهم قيادييه انسحابه من الترشّح للانتخابات بعد أن كان على رأس قائمة المرشّحين عن العاصمة بغداد، معلنا ترك مكانه لظافر العاني وهو ما رفضه أحمد المساري زعيم حزب الحق الشريك في التحالف، مؤكّدا أحقّيته بحمل “الرقم واحد” في بغداد.

ورغم أنّ مثل هذه المعطيات ترجّح كفّة علاوي، إلاّ أنّ مطّلعين على الشأن العراقي ينبّهون إلى أنّ توقّع نتائج الانتخابات في العراق يظلّ أمرا نسبيا إلى أبعد حدّ، خصوصا في ظلّ عدم موثوقية استطلاعات الرأي لضعف الوسائل المادية والبشرية المخصّصة لها وعدم توفّر ما يكفي من ضمانات لتحصينها ضدّ التأثيرات الجانبية.

وفي هذا الإطار يقول أحد السياسيين العراقيين “في حال افترضنا أن تلك الاستطلاعات حقيقية فإن أحدا لا يمكنه أن يراهن على ثباتها إلى أن يحين موعد الانتخابات في ظل عمليات تزوير شرعت فيها الأحزاب ذات النفوذ الواسع في السلطة مستفيدة من أموال الدولة. وإذا ما كان علاوي في الدورتين النيابيتين الأولى والثانية قد شكّل رقما في المعادلة السياسية، فإن أداءه الشخصي والبيئة الطائفية التي تحيط به وتجعله بالضرورة جزءا منها، حالا دون بروزه في الدورة الثالثة وهو ما عزز الشعور بأن العمر الافتراضي لتجربته السياسية قد انتهى”.

ويضيف المتحدّث ذاته الذي سبق له أن عمل ضمن الفريق الموسّع لحكومة علاّوي المؤقتة سنة 2004 أنّ “الرجل الذي اكتفى بمنصب نائب رئيس للجمهورية وهو منصب صوري إلى أبعد حدّ، يبدو فاقدا للأمل في تجسيد شعاره بإخراج العراق من نظام المحاصصة الطائفية. فبالرغم من عزوفه عن النهج الديني الذي يتبعه خصومه، فإن قائمته تمثل طرفا في الاستقطاب الطائفي، خاصة وأنها تضم الإخواني سليم الجبوري ذا الصلات الواسعة بنوري المالكي ومن خلفه إيران”.

وعلى مستوى التسوية الأميركية الإيرانية، وهي الأساس الذي يتم وفقه تشكيل المشهد السياسي العراقي -يضيف المتحدّث نفسه- فإن علاوي “فقد الكثير من أوراقه بسبب نجاح الأحزاب الطائفية الحاكمة في تمتين علاقاتها بأطراف لها قدرة على التحكم بآليات تلك التسوية، في حين كان زعيم حركة الوفاق يعيش في عزلة في ظل تعثر صلاته الإقليمية وبالأخص على مستوى الدول العربية التي سبق لها أن دعمته ماليا”.

 
بعض المعطيات الأولية تظهر تصاعد حظوظ قائمة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إيادي علاوي في استقطاب العدد الأوفر من أصوات الناخبين السنّة في انتخابات مايو القادم، وتشكيل كتلة وازنة في البرلمان الذي سينتج عنها، لكنّ تلك المعطيات تظلّ مؤقتة ونسبية إلى حدّ كبير في ظل وجود عوامل متشابكة ستتحكّم بنتائج تلك الانتخابات لا يستثنى منها عامل التزوير.

ويخلص السياسي العراقي إلى القول “بعد أن دخل هادي العامري وسواه من المحاربين الطائفيين المدعومين بقوة من إيران حلبة السباق الانتخابي بهدف الوصول إلى المناصب القيادية بالدولة وعلى رأسها منصب رئيس الوزراء، فإن المعادلات التقليدية صارت جزءا من الماضي. وتأثير ذلك لا يقتصر على علاوي وحده بل يشمل الكثير من الوجوه التي تحكمت بالعملية السياسة في المراحل السابقة وفي مقدمتها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي”.

وعلاوي، الذي ينحدر من أصول شيعية، سياسي علماني يحوز قدرا من الشعبية في الأوساط السنية. ويربط البعض بين شعبيته تلك وخلفيته البعثية.

وأظهرت نتائج 3 استطلاعات محلية حتى الآن، حلول قائمة علاوي في المركز الثالث على المستوى الوطني، بعدد مقاعد يتراوح بين 30 و34 مقعدا، بعد قائمتي الفتح بزعامة هادي العامري المقرب من إيران في المركز الثاني، بعدد مقاعد يتراوح بين 32 و36، والنصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، بعدد مقاعد يتراوح بين 45 و55 مقعدا.

ووفقا لهذه التقديرات، فإن قائمة علاوي الوطنية ستتفوق في عدد المقاعد على ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وتحالف سائرون المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وحتى أيام مضت، لم يكن من المعلوم ما إذا كان علاوي سيحقق المركز الأول في القوائم التي تفوز بأصوات المناطق السنية، في ظل ظهور قوى محلية جديدة تسيطر على المواقع التنفيذية المهمة في المحافظات السنية ولديها قوائم تنافس في الانتخابات. لكن الاستطلاعات الأخيرة تقدم مؤشرات مختلفة.

وحتى الآن توصف جميع المؤشرات المتعلقة بالاقتراع بالأولية، ومن الممكن أن تتعرض إلى تغييرات جذرية.

وتقاسمت القائمة الوطنية بزعامة علاوي وتحالف القرار بزعامة رجل الأعمال السني خميس الخنجر، تركة القائمة العراقية، إذ توزعت القوى التي كانت تمثل الأخيرة بنحو شبه متساو

بين علاوي والخنجر، ولكن حظوظ الطرفين تتفاوت بشكل كبير في الانتخابات بحسب مراقبين.

وفضلا عن القائمة الوطنية، تواجه قائمة الخنجر منافسة شرسة في معاقلها الرئيسية الثلاثة، الأنبار ونينوى وصلاح الدين، بالإضافة إلى بغداد، من قبل قوائم محلية.

وربما بسبب الحظوظ الضبابية لهذه القائمة أعلن زعيمها الخنجر الانسحاب من السباق الانتخابي، ما أثار الجدل بشأن فرصها في التنافس. ويقول مراقبون إن المؤشرات الأولية توحي بأن تحالف القرار قد يمنى بهزيمة ساحقة وربما يحل ثالثا أو رابعا بين القوائم السنية بأقل من 10 مقاعد.

وتوحي المؤشرات الأولية بأن المقاعد المخصصة للعرب السنّة في البرلمان العراقي، التي يتوقع أن يكون عددها نحو 70 مقعدا، ستوزع بواقع 30 لعلاوي ونحو 15 لتحالف يقوده حزب الحل بزعامة جمال الكربولي و10 لتحالف الخنجر، و5 مقاعد متفرقة، على أن يحصل مرشحون سنّة في قائمتي العبادي والصدر الشيعيتين على 10 مقاعد سنية.

ولو صحت هذه التوقعات، فستكون المرة الأولى التي تحصل فيها قوائم يقودها ساسة شيعة ينحدرون من أحزاب الإسلام السياسي على أصوات من المكون السني في العراق.

ودفع العبادي بمرشحين سنة أقوياء في الأنبار وصلاح الدين والموصل. ويتوقع مراقبون أن تحصل قوائم هؤلاء على نحو 7 مقاعد في المحافظات الثلاث.