حمى المعارك الانتخابية تحولت مع الوقت الى معارك سياسية بعناوين قديمة تم تلميعها وتجديدها ولكن بحدة اكبر وتركيز اكثر على الخصم بأسمه، نظرا للحاجة الى شد عصب الناخبين وحشد اكبر عدد منهم، بسبب طبيعة قانون الانتخاب وكثرة اللوائح في الدوائر الكبرى التي تضم "المرشحين الكبار" من القوى السياسية، كما في دوائر بيروت الثانية، وبعلبك – الهرمل والبقاع الغربي، وطرابلس – المنية – الضنية، والبترون - الكورة – زغرتا - بشري.
حدة المعركة لم تستثنِ النائب وليد جنبلاط ولا حلفاء الامس بين هذا الفريق وذاك، فتشظت القوى السياسية نتيجة شعور بالتهميش والالغاء لدى البعض، كما عبّر وليد جنبلاط سواء شخصيا او عبر النائب وائل ابو فاعور، وكما يقول اخرون في دوائر اخرى ومنها بيروت الثانية، حيث تفيد معلومات اللوائح الاخرى غير لائحة "تيار المستقبل" ولائحة "بيروت الوطن" (برئاسة الصحافي صلاح سلام) ان اتصالات جرت معها من اجل الانسحاب من المعركة لمنع تشتت الاصوات لا سيما الصوت السني. لكن حروب الانتخابات التي تشتت الحلفاء قد لا تستمر بعدها، وتبقى العبرة في ما سيحصل بعد ظهور النتائج في 7 ايار، وما ستفرزه من كتل واحجام سياسية.
وتقول مصادر قيادية في الحزب الاشتراكي لموقعنا ان النائب جنبلاط عبر عن استيائه من محاولات التهميش والالغاء ليس بسبب رفض التيار الوطني الحر تسمية النائب انطوان سعد على لائحة البقاع الغربي، بعدما تم التفاهم كاملا مع "تيار المستقبل" على ذلك وتم ابلاغ اللواء سعد بانه سيكون من ضمن اللائحة، لكن عتب جنبلاط هو على "المستقبل" لأنه وافق على ذلك، علما ان الحزب وافق على كل مطالب التيار الحر بترشيح من اختارهم في دائرتي الشوف - عاليه والبقاع الغربي، ولذلك ما كان يجب ان يحصل ما حصل.
وأضافت المصادر إن الحزب التقدمي لن يُستدرج للخطاب المذهبي والطائفي والمناطقي الذي يسعى اليه التيار الحر ويوافقه فيه "تيار المستقبل"، ولن ينجر الى رفع حدة الخطاب السياسي ولا الى الاصطفافات السياسية الانقسامية، ولن يتخلى عن مصالحة الجبل ولا عن التفاهمات السياسية مع القوى التي كانت حليفة سياسيا.
ولكن ثمة من يعتقد ان الرئيس سعد الحريري عقد التحالفات مع التيار الحر في اكثر من دائرة ليضمن فوز مرشحيه، كما عقد تحالفات مع الحزب الاشتراكي ومع "القوات اللبنانية" في دوائر اخرى للهدف ذاته، وترى مصادر متابعة لحركة الحريري انه ليس بحاجة الى التيار الحر فقط ليضمن وصوله الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات، فكثير من القوى السياسية ومنها الرئيس نبيه بري والحزب الاشتراكي و"القوات" ستضمن وصوله الى رئاسة الحكومة عند الاستحقاق ما لم يكسر الحريري الجرة نهائيا مع هذه القوى.
بالمقابل، تقول مصادر التيار الحر ان التيار اجرى كغيره من القوى السياسية تحالفات انتخابية يرى فيها مصلحة له، وهو لم يسعَ لأقصاء احد، بل الظروف والحسابات الانتخابية فرضت التحالفات واختيار اللوائح، والدليل ان رئيس التيار استقبل ايلي الفرزلي المرشح على لائحة عبد الرحيم مراد، كدلالة على عدم التفريط به كحليف سياسي.
كما تعتبر مصادر التيار ان الكلام عن الغاء الطائف او تعديله ليس في مكانه الان، خاصة ان تحالف التيار مع "تيار المستقبل" المتمسك جدا بالطائف كما هو، سيحول دون طرح اية تعديلات عليه، ما لم يوافق "المستقبل" على ذلك، وهذا الامر غير وارد الان.