في 4 كانون الثاني 2017 أقرت الحكومة اللبنانية منح رخصتين للتنقيب عن النفط من حصة لبنان في البحر المتوسط، لشركات "توتال" و"إيني" و"نوفاتك"، على أن تشمل البلوكين، البلوك 4 بعمق يراوح بين 686 و1845 متراً تحت سطح البحر، والبلوك 9 بعمق يراوح بين 1211 و1909 أمتار تحت سطح البحر، فيما يتوقع لبنان أن يكون الربح المتوخى جبايته من منطقة البلوك 4 هو بحدود 65% الى 71%، وبحدود 55% الى 63% من منطقة البلوك 9.
يوماً بعد يوم، يشهد هذا القطاع تطورات مهمة آخرها ما يتعلق بنشر العقود المبرمة بين الدولة اللبنانية وتحالف الشركات، وتقديم هذه الشركات لخطة عملها للسنوات المقبلة في المياه اللبنانية. وخلال الاشهر الماضية، وبعد توقيع العقود، ارتفعت أصوات الهيئات والجمعيات غير الحكومية المقاربة لعمل قطاع النفط والغاز، لمطالب وزارة الطاقة والمياه وهئية إدارة قطاع البترول لنشر العقود التي وقعتها الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة والمياه مع الشركات العالمية، رغم أن هذه العقود هي نفسها.
نموذج اتفاق الاستكشاف والانتاج
دون إدخال أي تعديل عليها. عملية نشر هذه العقود تمت خلال عطلة نهاية الاسبوع، في موقع هيئة إدارة قطاع البترول
في خطوة تعزز الشفافية أكثر في هذا القطاع، وتفعّل آلية المساءلة عند المجتمع المدني المراقب، خصوصاً أن مرتبة لبنان ضمن مؤشر الفساد عالمياً غير مشجعة، ويجب العمل على تحسينها. والعقود المبرمة مع تحالف الشركات حول البلوكين 4 و 9 وهي نفسها نموذج اتفاق الاستكشاف والإنتاج (Exploration and Production Agreement)، وتعطي الشركات حق الاستكشاف وتطوير وإنتاج النفط والغاز من الحقول البحرية اللبنانية في المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة (LEEZ).
وهنا ينتهي السجال حول نشر العقود المبرمة مع تحالف الشركات، حيث تؤكد وزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول أن اتفاقية الاستكشاف والانتاج للأنشطة البترولية في الرقيمة 4 بين الجمهورية اللبنانية وشركات توتال الفرنسية وإينين الايطالية ونوفاتك الروسية.
هو العقد الذي تم توقيعه بين الدولة وتحالف الشركات، وهذا الامر ايضاً ينطبق على العقد الموقع حول الرقعة رقم 9 دون إدخال عليها أي تعديل.
الشركات قدمت خطتها
في سياق متصل، بدأت هيئة إدارة قطاع البترول بدراسة أسس الاستكشاف التي قدّمتها الشركات في الموقع المحدد ضمن دفتر الشروط أي قبل حلول نهاية شهر آذار 2018. فتحالف شركات إيني وتوتال ونوفاتك قدم نهاية الاسبوع الفائت، إلى هيئة إدارة قطاع البترول خطة الاستكشاف الكاملة التي تغطي السنوات الثلاث المقبلة، مع إمكان تمديدها في حال الحاجة لمزيد من الوقت، على أن تُحتسب هذه المهلة منذ تاريخ توقيع العقود مع الشركات، أي منذ الاسبوع الاخير من كانون الثاني 2018. وتتضمن هذه الخطة الخطوات العملية الهادفة الى بدء عملية الحفر، إضافة الى مراحل الحفر والتقنيات المستعملة وكل ما يتعلق بها، وتضمنها طلب إجراء بعض المسوحات الاضافية والدراسات التقنية وغيرها من التفاصيل. وخلال الايام المقبلة، من المتوقع أن ترفع هيئة إدارة قطاع البترول هذه الخطة الى وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل للموافقة عليها أو إدخال التعديلات التي تراها الهيئة والوزارة مناسبة، ويترافق ذلك مع تقديمات الشركات لميزانيتها السنوية وكل الشروط التي يتطلّبها القانون. بالفعل، هذه التطورات هي نتيجة مشوار طويل بدأ مع وضع مسودة قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية ومن ثم إقراره في 17 آب 2010 في مجلس النواب، ومن ثم إقرار مجموعة من الأنظمة والقواعد حيث أصدرت الحكومة 27 مرسوماً فضلاً عن الدراسات البيئية والمسوحات الجيوفيزيائية حيث إنّ لبنان هو الدولة الوحيدة التي أجرت هذه الدراسات وحللت نحو 80 في المئة منها. وبعد كل ذلك أطلقت دورة التراخيص وأقر مرسوم تقسيم المياه البحرية إلى بلوكات ومرسوم نموذج عقد الاستكشاف والإنتاج وصولاً الى تقديم تحالف الشركات لعرضه على البلوكين 4 و 9.
الانضمام إلى مبادرة الشفافية
وتبقى الأنظار اليوم الى إقرار لبنان القوانين التي تعزز الشفافية في هذا القطاع، وهي قانون تعزيز الشفافية في قطاع البترول، وإنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد، وغيرها، إضافة الى انضمام لبنان الى مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية "(EITI)". ولبنان كان أول دولة اعلنت نيتها الانضمام الى مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية (EITI) حتى قبل نضوج قطاع البترول فيه، وهذه المبادرة تخلق شراكة بين ثلاثة أطراف هي هيئة إدارة قطاع البترول، الشركات الحاصلة على تراخيص الاستكشاف والإنتاج، المجتمع المدني.