قد نلتقي مع تيار المستقبل في نهجه السياسي العام، تماما كما نلتقي مع حركة أمل في أدبياتها السياسية ونهائية الوطن اللبناني، وهذا ما جعل من الكثيرين يحسبوننا بمعظم الأحيان على المستقبل أو حتى على حركة أمل، متناسين هؤلاء أن التلاقي على الإستراتيجيا لا يعني أبدا عدم إفتراقنا ونقدنا ومعارضتنا للأداء اليومي إن داخل الحكومات المتعاقبة أو الأداء النيابي لنوابهما الجالسين منذ عقود في مقاعدهم ولم ينتجوا إلا المديونية والفقر.
إقرأ أيضًا: لهذا الحزب لا يستطيع أن يحارب الفساد
وبنظرة سريعة على أداء تيار المستقبل وكيفية تشكيل لوائحه ندرك سريعا بأنه ذهب صوب أهدافه الآنية ومصالحه الشخصية الضيقة التي يديرها بشكل مباشر (نادر الحريري) على حساب الأهداف الكبرى، وهذا ما تجلى بشكل واضح وجلي في الدائرة الثالثة بالجنوب حين تبنى مرشح نادر الشخصي عماد الخطيب المقاول ورجل الأعمال والمتعهد وشريك عبدالله بري والمرضى عنه حزب اللهيا.
فلم يكتف الشيخ سعد بتشكيل لائحة مع التيار الباسيلي في هذه الدائرة بالإشتراك مع شخصيات محسوبة على (حزب الله) (مصطفى بدر الدين، هشام جابر)!!! وإنما سعى سعيه وبذل كل ما بوسعه من جهود إلى إزاحة أي مرشح سني عن لوائح المعارضة الحقيقية، كما حصل مع المرشح خالد سويد حيث تدخل أحمد الحريري أكثر من مرة ونجح أخيرا بسحبه عن لائحة "شبعنا حكي" المعارضة .
إقرأ أيضًا: ماذا يعني أن تكون «مرشح شيعي معارض»؟
عندما يفضل تيار المستقبل رجل الأعمال عماد الخطيب على الصحافي علي الأمين المعارض الشيعي المعروف، فانه بذلك يقدم دليلًا إضافيًا بأن الصفقات عنده أهم من بناء البلد وإستقلاله وتحرّره من سطوة إيران وحزبها، وأن طعنه للمعارضة الشيعية الحقيقية (كما حصل مع الشيخ عباس الجوهري أيضًا) لهو خير برهان أن شعارات مواجهة (حزب الله )ما هي إلا شعارات إنتخابية لا مصداقية لها على الإطلاق.
أنا أدرك تمامًا أن كتابة هذه الحقائق الآن وعلى أبواب الإنتخابات قد تخسرنا بعض الأصوات السنية التي ترى ما لا تراه قيادة المستقبل المكبلة بمصالحها وصفقاتها، إلا أن معرفتنا بوعي الجمهور السني عمومًا وأهلنا في العرقوب وشبعا والهبارية وكفرشوبا وكفرحمام وراشيا الفخار.. وبأنهم لن يتركوا المعارضة الشيعية يتيمة ومطعونة في ظهرها، وأن من يمثلهم حق التمثيل ليس هو من يحمل على هويته إسم مذهبهم، وإنما من يحمل في عقله وقلبه ووجدانه همومهم وهويتهم الوطنية.