لعلها المرة الأولى في تاريخ المقاومة في لبنان أن يستخدم هذا المصطلح "المقاومة" بهذا الحجم في الخطابات والتصريحات والمواقف الإنتخابية لـ (حزب الله) وحلفائه، وبالطبع فإن استخدام هذا المصلطح سيزداد كلما اقترب موعد الإنتخابات النيابية في أيار القادم.
وكثيرًا ما استُعمل مصطلح المقاومة في أدبيات الحزب السياسية داخليًا وخارجيًا إذ كانت المقاومة في مرحلة من المراحل محل إجماع وطني وعربي كبير خصوصًا خلال الإحتلال الاسرائيلي للبنان حتى التحرير والإنسحاب عام 2000.
ومن الطبيعي أن تتصدر المقاومة في تلك المرحلة كل المواقف والبيانات والتصريحات لتأكيد المؤكد أن التحرير لم يكن ليحصل لولا سواعد المقاومين الشرفاء منذ بداية الإجتياح الإسرائيلي للبنان، أولئك المقاومين الذين انتموا إلى كل الأحزاب الوطنية حينذاك، تلك الأحزاب التي سبقت الحزب إلى العمل المقاوم ضد الإحتلال بسنوات طويلة، وفي تلك المرحلة كان من حق الجميع أن يتغنى بالمقاومة وإنجازاتها وقدراتها وإصرارها على دحر الإحتلال والتصدي لأي عدوان.
إقرأ أيضًا: لماذا يغيب الخطاب السياسي الواضح في البرامج الإنتخابية للمرشحين؟
ومع دخول عامل الإرهاب في السنوات الأخيرة على خط الداخل اللبناني قامت المقاومة أيضًا بدورها من خلال عدة مواجهات واستطاعت مع الجيش اللبناني دحر المجموعات الإرهابية وتحييدها عن الحدود اللبنانية.
وبغض النظر عن أهداف الحزب من العمل العسكري في هذه المرحلة فإن أي مراقب لمسار الأحداث يعتبر أن المهمة أنجزت وقام كل من الجيش اللبناني والحزب بدوره على هذا الصعيد.
الجيش اللبناني أنهى معاركه مع الإرهاب وعاد إلى مواقعه ملتزمًا الصمت وعرف جميع اللبنانيين أن الجيش قام بواجبه الوطني بحماية لبنان وأن عمليته العسكرية انتهت بتحييد الإرهابيين عن الحدود اللبنانية.
في المقلب الآخر الحزب الذي لم يصمت بعد ولم ينته من الحديث عن التضحيات والشهداء والمقاومة، المقاومة حررت، المقاومة انتصرت، المقاومة عملت، المقاومة حمت إلى آخر المعزوفة التي لم تنته بعد، المعزوفة التي يتم إستغلالها عند كل إستحقاق، وآخر الإستحقاقات الإنتخابات النيابية في 6 أيار القادم علمًا أن التنافس الإنتخابي لا يقوم لا على المقاومة ولا على السياسة بل عناوينه الأساسية العريضة هي المجتمع والمواطن والإنماء والتطوير والتغيير نحو الأفضل ورفع الحرمان والبطاله وغير ذلك من الخدمات المعيشية والإنمائية.
إقرأ أيضًا: حسين كوراني فتاوى غبّ الطلب!!!
إلا أن الحزب يصر على حشر المقاومة في هذا الإستحقاق من باب "تربيح جميلة" ولم ينته بعد من هذه السيمفونية التي يصرّ على استخدامها كأداة وكوسيلة للترهيب والترغيب بشكل جعل الحزب نفسه من المقاومة سلعة رخيصة في بازار السياسة اللبنانية، وفي هذه المرحلة فإن أكثر ما يسيء للمقاومة هو الحزب نفسه، هذه المقاومة التي كانت من أنقى العناوين في السياسة المحلية اللبنانية وفي السياسة العربية، ها هي اليوم تقتل وتذبح على يد الحزب نفسه من خلال تجيير عملها للحصول على مكتسبات أرخص بكثير من دم أي شهيد فكيف بآلاف الشهداء.
لقد آن للحزب أن يتوقف عن هذا الإستغلال الرخيص للمقاومة ولدماء الشهداء وأن يتوقف عن "تربيح الجميلة" للناس وأن عليه اليوم أن يرد هو نفسه هذا الجميل إلى الناس الذين وقفوا معه طوال هذه السنين وخصوصًا في منطقة بعلبك الهرمل وكل البقاع، يرد الجميل بالوقوف إلى جانب الناس ومعاناتهم وتضحياتهم، ويعترف أولا بالتقصير المتعمد بحقهم ويفسح المجال لآخرين وهم كثر بالتصدي لحاجات الناس وهمومهم المعيشية والخدماتية طالما لم يستطع هو تقديم أي شيء وطالما لم يستطع معالجة أي مشكلة لهؤلاء الناس والتوقف فورا عن استغلال المقاومة وسحب هذا الشعار من بازاز السياسات الإنتخابية الرخيصة لتبقى المقاومة مفخرة ومنارة لأن الناس سئمت هذه الشعارات ولأن المطالب المحقة للمجتمع البقاعي أهم بكثير من المقاومة وشعاراتها.