في حمأة الحراك الانتخابي وإعلان اللوائح، وأبرزها لائحة «بيروت الوطن» التي يرأسها الزميل صلاح سلام، وتضم نخبة من الشخصيات البيروتية من كل الطوائف، قدّمت تصوراً يلامس طموحات البيارتة، التواقين إلى الحياة الكريمة، بعيداً عن النفايات، والعتمة، وقلة الاشغال والأعمال والسكن وعجقة السير وسائر الهموم اليومية.
ولاقى إعلان اللائحة ترحيباً واستحساناً وحماساً بيروتياً، مرّت موازنة العام 2018، بعدما نجح الرئيس نبيه برّي بتأمين نصاب الجلسة في يومها الثاني، فصوت 50 نائباً مع الموازنة، وامتنع 12 وعارض اثنان، كالتزام يقدمه المجلس والحكومة لمؤتمر «سيدر» الذي ينعقد في 6 نيسان، مسبوقاً بجلسة لمجلس الوزراء تعقد الساعة الحادية عشرة والنصف في السراي الكبير، وعلى جدول أعمالها 81 بنداً تتضمن شؤوناً إدارية وعقارية ووظيفية.
وترافق إقرار الموازنة مع نزع لغم تعليق جلسات المراسيم واعتكاف القضاة، بإعطاء هؤلاء 3 درجات إضافية، وسط معارضة الرئيس سعد الحريري، الذي اتفق مع وزير المال علي حسن خليل بأن الدولة ليست مفلسة، وأيده بالاعتراض الرئيس فؤاد السنيورة، وبرّر الرئيس برّي الموافقة بأن إضراب القضاة يعني إضراب العدالة، والمسألة ليست درجات، بل لها علاقة باستقلالية القضاة.
وعليه، أكّد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد ان الاشراف القضائي على سير العملية الانتخابية حاصل.
فبسرعة قياسية أقر مجلس النواب موازنة العامة 2018 باكثرية 50 نائباً ومعارضة 2 وامتناع 12 نائباً عن التصويت، وبذلك فإن الحكومة نامت بالأمس مرتاحة البال كون ان ما طلب من لبنان إنجازه قبل الذهاب إلى مؤتمر سيدر 1 قد تحقق، وانها بالإضافة إلى ذلك قد أعادت الانتظام إلى مالية الدولة.
مناقشة بنود الموازنة جرت بشكل «سلس» وهادئ، وقد بدا واضحاً التزام الأطراف بالتوافق السياسي، الذي نغصه محاولة النائب سامي الجميل تعطيل الجلسة من خلال إثارة موضوع النصاب، وهو ما تنبه إليه الرئيس نبيه برّي الذي سارع إلى الالتفاف على محاولة الجميل بالبقاء داخل القاعة والطلب من رؤساء الكتل الاتصال بنوابهم للمجيء إلى المجلس وهكذا كان حيث عاد واكتمل النصاب بعد توقف الجلسة لما يقارب الربع ساعة.
عدا هذه الواقعة بقيت المناقشات تحت سقف التوافق، من دون ان يعني ذلك خلو النقاش من بعض السجالات لا سيما حول الاعفاء الضريبي للشركات، ومشروع الأمم المتحدة للتنمية، وموضوع الفائزين في مجلس الخدمة المدنية.
وفي وقت أقرّ فيه المجلس ثلاث درجات للقضاة باعتراض الرئيس الحريري، فإنه اخفق في المقابل في معالجة المادة 49 المتعلقة بافراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة لجهة إعفاء درجات الأساتذة من اشتراكات الضمان حيث بقيت هذه المادة معلقة بعد ان وصل النقاش حولها إلى طريق مسدود.
واقر المجلس من خارج بنود الموازنة جملة من المشاريع واقتراحات القوانين تتعلق باتفاقيات دولية لها صلة بمؤتمر باريس-4، كما علقت المادة 84 من قانون الانتخاب لجهة عدم استخدام البطاقة الممغنطة لهذه الدورة فقط. (راجع ص 3)
ردّ الحريري
وعزا الرئيس الحريري في رده على مناقشات النواب، تأخر الموازنة إلى الوضع السياسي في البلاد، لكنه لاحظ اننا نحب ان «نجلد» انفسنا، فإذا انجزنا ملفاً بسرعة وبوقت قياسي نسأل لماذا كما لو كان الأمر خطأ؟ واصفاً الكلام عن «سلق» الموازنة بأنه غير مقبول، معتبراً انها انجزت في الوقت المطلوب بسبب العمل الكثيف والدؤوب، موجهاً التحية للجنة المال.
وأسف الحريري للكلام العشوائي عن الفساد، مطالباً بإعطاء أسماء الفاسدين لنحاسبهم حتى ولو كانوا من تيّار «المستقبل»، مطمئناً إلى اننا «لسنا دولة مفلسة، لكننا الآن لا يمكننا ان ندفع كل ما يطلب منا، وما قاله رئيس الجمهورية كان رداً على «ترف» البعض.
وحمل على من وصف مؤتمر سادر بأنه انتخابي، سائلاً من سيستفيد منه؟ أنا أو البلد؟ وأشار إلى ان الحكومة قدمت خطة متكاملة للكهرباء، وتحاول ان تؤمن الكهرباء بشكل مؤقت خلال الـ5 سنوات، حتى انتهاء الحل الدائم، لافتاً إلى انه لو مشينا بالخطة منذ العام 2010 لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا اليوم أليم، واصفاً الموضوع بأنه أصبح سياسياً، مثل مسألة المباريات التي يجريها مجلس الخدمة المدنية.
وبدوره أشار وزير المال علي حسن خليل إلى «أننا امام أزمة في نمو الدين، لكننا بالتأكيد لسنا دولة مفلسة، إنما موثوقة مالياً وتحترم التزاماتها، ولم تتعرض يوماً لانتكاسة في دفع التزاماتها للجهات المقرضة، إلا انه شدّد على الحاجة لاجراء حوار سياسي لإعادة هيكلة الدين، لكن لا يمكن ان نقول لأحد اننا نريد ان نستدين منك من دون دفع فوائد، كما شدّد على انه يتم تهريب أي انفاق خارج إطار الموازنة، وسلفة الكهرباء مدرجة ضمن الاتفاق.
مطالب القضاة
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الذي شارك في الجلسة المسائية مع مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، قد عقد ظهر أمس، مؤتمراً صحفياً هو الأوّل من نوعه للقضاء، أكّد فيه ان الاشراف القضائي على سير العملية الانتخابية حاصل لا محالة، وهو واجب كل قاضي وخارج عن أي مساومة، وناشد الرؤساء الثلاثة إقرار مشاريع القوانين التي تخص مطالب القضاة، موضحا ان اعتكاف القضاة أمس وأمس الأوّل ليس تباهيا بقوة أو تهديد السلطة، بل هو فقط للفت النظر إلى ان ما يحصل من شأنه ان يدمر ما تبقى من السلطة القضائية في حاضرها ومستقبلها.
تجدر الإشارة إلى ان منح القاضي ثلاث درجات هو أحد مطالب القضاة إلى جانب صندوق التعاضد وزيادة موارد.
وازاء ذلك، تداعت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة إلى عقد اجتماع طارئ تحدث للمطالبة بمساواة أساتذة الجامعة بالقضاة لجهة زيادة 3 درجات على رواتبهم.
مجلس الوزراء
وبسبب العطلة الرسمية التي تمتد حتى الثلاثاء وزّع أمس على الوزراء جدول أعمال الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء الأربعاء المقبل في السراي الكبير، وتضمن 81 بنداً، معظمها بنود عادية عبارة عن شؤون مالية ووظيفية وعقارية وهبات وسفر خلت من أي ملفات ساخنة.
وأبرز البنود: رفع الحد الأدنى للرواتب والأمور في المؤسسة العامة للاسكان وتحويل سلسلة رواتب المستخدمين فيها وإعطاء زيادة غلاء معيشة للمتعاقدين والاجراء لديها، وهو مؤجل من جلسة 28 آذار.
- افادة أعضاء مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من تقديمات فرع ضمان المرضى والأمومة المنصوص عليها في قانون الضمان.
- مشروع مرسوم بتعيين مدير عام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة.
- مشروع قانون لتعديل بعض احكام قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون العقوبات بهدف حماية مسرح الجريمة من العبث.
- طلب وزارة البيئة إقرار الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وخطة العمل 2016-2030.
وبين البنود13 بنداً لالغاء تراخيص جنسيات، و8 بنود هبات و23 بند سفر.
عودة الخليجيين
وفيما كان المجلس النيابي مستغرقاً في مناقشة بنود الموازنة، كان لبنان على موعد مع وصول أكبر طائرة نقل ركاب في العالم، التي تتسع لأكثر من 500 راكب، وهي من طراز «اير باص» A380 تابعة للخطوط الجوية الاماراتية.
وخلال مشاركته في الحفل، أعلن القائم باعمال السفارة السعودية في لبنان وليد بخاري من أرض مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ان المملكة تدرس رفع الحظر على توافد السيّاح السعوديين إلى لبنان. وقال: هناك دراسة لرفع التحذير السعودي من زيارة لبنان، وان هذا الأمر يعتمد على المؤسسات الأمنية التي نتلقاها من الحكومة اللبنانية.
لائحة «بيروت الوطن»
انتخابياً، كان الأبرز عشية عطلة عيد الفصح، إعلان مرشحي لائحة «بيروت الوطن» في دائرة بيروت الثانية، في حفل أقيم في فندق البريستول، عند السابعة من مساء أمس، واستمر قرابة الساعة وربع الساعة.
وتضم اللائحة التي يرأسها رئيس تحرير «اللواء» صلاح سلام عن السنّة: نبيل بدر، النائب عماد الحوت، بشار القوتلي، مصطفى بنبوك، سعد الدين الوزان، وعن الشيعة: الوزير السابق إبراهيم شمس الدين، والدكتورة سلوى الأمين، وعن الدروز: د. سعيد الحلبي، وعن الارثوذكس جورج شقير، وعن المقعد الانجيلي العميد دلال رحباني.
ودعا سلام إلى استعادة دور بيروت، معتبراً ان الطريق واضح للتغيير عبر الاقتراع للائحة التي تشبه بيروت، والتي تعرفنا ونحن نعرفها اهلاً وناساً ومدينة، معتبراً ان الترشح هو صرخة في وجه سيطرة اليأس، معتبرا ان الأمر لا يحتاج إلى وصفات سحرية».
معركة الصوت التفضيلي
في هذه الأثناء، بدأت حركة مرشحي اللوائح الانتخابية في بيروت والمناطق، وسط مؤشرات على حماوة انتخابية وسياسية لا سيما في بيروت بدائرتيها، وطرابلس – المنية – الضنية، وبعلبك – الهرمل، وتركيز الجهد على الصوت التفضيلي وتوزيعه على المرشحين كلُّ في منطقته أو حيّة، من دون ان يكون هناك ضابط صارم لمزاج الناخبين وخيارهم وتوجهاتهم، اذ يطرح المشتغلون في الماكينات السؤال من هو القادرعلى ضمان الالتزام بتوزيع الصوت التفضيلي، نتيجة تلمس عدم حماسة كبيرة لدى الناخبين غير الحزبيين او الملتزمين، وهم الاكثرية من الناخبين، بسبب معاناتهم وتجربتهم مع الطبقة السياسية والقوى التي حكمت البلاد واوصلتها واوصلتهم الى ما وصلوا اليه، ما يدفع المتحمسين منهم للاقتراع الى انتخاب وجوه جديدة قد تكون مؤشر امل لديهم للتغيير المنشود.
وجاء في التقديرات بالنسبة للاصوات السنية في طرابلس ان ميقاتي سيحصد مقعدين، وكرامي مقعدا، وتيار المستقبل مقعدا لمحمدكبارة، وللوزير السابق اشرف ريفي مقعدا، وقد ينافسه «المستقبل» وميقاتي على المقعد السادس.
اما في الضنية فتشير تقديرات الماكينات الى حظوظ عالية للمرشح على لائحة الكرامة جهادالصمد ولمرشح المستقبل سامي فتفت، وفي المنية ترتفع حظوظ علم الدين وكاظم الخير.
وفي بعبدا يتوقع المشتغلون في الماكينات فوز اربعة مرشحين من لائحة امل وحزب الله والتيار الوطني الحر(اثنان شيعة واثنان موارنة)، ومرشحين اثنين ماروني ودرزي من لائحة القوات اللبنانية- الحزب التقدمي، بينما تتناقض التقديرات في لوائح كسروان-جبيل، والمتن الشمالي، والشوف عاليه، ولو أن الدائرة الاخيرة ستشهد معركة بين ثلاث لوائح اساسية. لائحة التيار الحر والحزب الديموقراطي والحزب القومي، ولائحة الحزب الاشتراكي القوات اللبنانية ، ولائحة الوزير الاسبق وئام وهاب.
وفي زحلة (7مقاعد)تخوض الانتخابات اربع لوائح اساسية ستتوزع فيها المقاعد بين مرشحيها، وهي لائحة الكتلة الشعبية ولائحة تحالف المستقبل- التيار الحر، ولائحة تحالف الكتائب- القوات اللبنانية، ولائحة نقولا فتوش- امل وحزب الله..وتتناقض نسب الفوز بين لائحة واخرى، خاصة بعد انقسام وتوزع الصوت المسيحي وبخاصة الكاثوليكي الذي يمثل اكثرية في المدينة.وكذلك الحال بين لوائح دائرة البقاع الغربي- راشيا الثلاث الاساسية. وحيث يعتبر الصوت السني هو الاكثرية وهو موزع بين طرفين اساسيين تيار المستقبل وعبد الرحيم مراد.
سياسياً، كشفت مصادر بارزة في 8 آذار ان كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عن «الفدائيين» الذين وقفوا إلى جانب الشيخ حسين زعيتر مرشّح الحزب عن المقعد الشيعي في جبيل، وشكلوا معه لائحة التضامن الوطني، والتي تترجم وفقا للمصادر «ان الحزب لن يسنى المعرقلين الذين تحدوه ووقفوا في وجهه».
ولكن المفاجأة، وفقا للمصادر، ليست هنا فقط، فالحزب لا ينام على ضيم، ومثلما كان مصير رئاسة الحكومة يوما ما بيد رئيس الجمهورية ميشال عون ايفاء لالتزام الحزب معه بعد حرب تموز 2006 تحديدا، فان مصير المقاعد الحكومية لرئيس التيار الوطني الحر في حكومة ما بعد انتخابات ايار 2018 اصبح معلقا عند الشيخ حسين زعيتر. مما يعني ان حزب الله سيعيد النظر بالعلاقة مع التيار الوطني الحر بعد الانتخابات النيابية.