لتعريف الأيديولوجية طريقان أساسيان:
الوجهة الأولى يمكن تحديدها على أنها رؤية خاصة تحدد تلقائيًا طرائق المشاهدة وإضفاء القيم، وفي أفق هذا التعريف ترتبط الأيديولوجية إرتباطاً وثيقاً بمستويات الوعي البسيطة والمتدنية وتنشط في البيئة المتدينة لأنها مستعدة لإسقاطات معرفية خالية من محاسبة العقل.
ويمكن ثانيًا تعريف الأيديولوجيا على أنها معرفة وتلقين واكتساب ببغائي يتفاعل مع الشخص فيظن نفسه أنه هو منتج لها وممسك بها بقيم زائفة.
إقرأ أيضًا: الشيخ عباس الجوهري يدعو للتصويت لـ لائحة "الكرامة والإنماء"
إذن إنه الوعي الذي يملي أساليب وطرق محددة في الفكر والممارسة وهذا بالضبط ما نعنيه عندما نتحدث عن العقيدة والعقائد الزائفة التي يظنها أصحابها مقدسة وبديهية.
هذا الوعي ينتمي إلى مستويين مستوى أساسي وآخر ثانوي، الأساسي تتشكل الأيديولوجيا نتيجة التفاعل الإجتماعي، أي أنها تكتسب عبر سياقات التربية الأولى سنوات الطفولة وخلال التكيف مع المحيط الثقافي، ذلك أنه عبر تربية الأطفال وثقافة المدرسة وأنماط العلم والممارسة السياسية يتمكن المجتمع من إنتاج الفرد بطبائع السلوك التي تصبح جزء من تركيبته النفسية يتمثل ذلك في القيم والمعتقدات الدينية التي تترسخ أساساً خلال المرحلة الأولى من التفاعل الإجتماعي.
إقرأ أيضًا: مستقبل الشرق الأوسط وآثاره على الأمن الأوروبي والسياسة الخارجية
إذن الفرد صناعة المجتمع وقليلون من الأفراد هم من يصنعون ثقافتهم باختياراتهم وقراراتهم وجهودهم وبعدها يحاولون صناعة مجتمع على صورتهم وفهمهم وهؤلاء قلة نادرة لها طبائع قيادية فذة.
وهذا هو الوعي على المستوى الثانوي "مستوى الرشد" ويكون نتيجة سعي واع وفي سباق نحو التعلم والمعرفة إنه، الوعي الجديد الذي يضيف إلى الوعي القديم وعيًا نقديًا يجنح إلى حد بعيد إلى تشكيل أنظمة قيم وأنماط سلوك موحدة تنهض على صهر الأفكار والمعتقدات المرسخة والمكتسبة، وهذا الوعي النقدي يمكّن صاحبه من إعادة النظر في القيم الموروثة والمعتقدات القديمة للأيديولوجيا الأساسية ويمنحه إمكانية نقدها وأحيانا رفضها.
إننا نتطلع إلى إقامة الوعي في جيل الشباب لأن المتسلطين بإسم القيم والمقدسات أصبحوا طغاة مستبدين ولذلك يجب مواجهة الأيديولوجيا القاتلة التي يحاول أصحابها التمسك بها وتثبيتها وهذا ما حدا بهم إلى القول أنهم ذاهبون إلى كل دار ودار وزنكة زنكة ولكن سيواجهون بمستوى الوعي الذي بدأ يتمظهر عند جيل الشباب.