تخوفت بعض الأوساط السياسية اللبنانية من التغييرات الحاصلة في الإدارة الأمريكية، ولا سيما تسلم جون بولتون مهمة مستشار الامن القومي للرئيس الأمريكي، وما يعلنه الأخير من آراء ومواقف تدعو للتصعيد ضد إيران وحلفائها، ولا سيما حزب الله.
واعتبرت هذه الأوساط أن لبنان يمكن أن يكون الساحة الأبرز لتظهير التصعيد الأمريكي في المنطقة، إن بسبب تزايد دور حزب الله وإيران في لبنان وسوريا، أو كونه الساحة المتواصلة مع الجبهات الأخرى.
وكان من اللافت في هذا الإطار المواقف التي اطلقها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في مقابلة له مع التفزيون الفرنسي والتي قال فيها: الآتي أمريكيا مخيف لأنه يبشّر بمواجهة والمواجهة لن تكون في إيران إنما في لبنان وأقلّه سياسيا وسندفع ثمن المواجهة، وأحذر أي فريق لبناني داخلي بأن يراهن على فريق العمل الجديد الأمريكي المتصلّب والمتصهين"، مشيرا إلى أن التغييرات ربما تطال أيضا وزير الدفاع الأمريكي، مستطردا: "إني أتحدث في السياسة ففي العسكر تعودنا على سياسات أمريكا ودعمها لإسرائيل، وأما إذا حدثت ضربة عسكرية ستدمر لبنان، ولكن لن ينتصروا لأن هناك مقاومة شعبية وطنية إسلامية".
وتشير أوساط مقربة من جنبلاط إلى أنه يتابع باهتمام كبير التغييرات التي تجري في الإدارة الأمريكية، وبعض التقارير الدبلوماسية والإعلامية التي تتحدث عن التصعيد الأمريكي في المنطقة في المرحلة المقبلة، وأنه يدعو للحذر الشديد في التعاطي مع هذه التقارير وعدم الاستهانة بهذه الأجواء.
وبالتزامن مع الأجواء التي يتحدث عنها جنبلاط، فإن مصادر مطلعة على أجواء حزب الله والمقاومة الإسلامية تؤكد أن الحزب عمد في الأسابيع الأخيرة إلى اتخاذ سلسلة إجراءات ميدانية تخوفا من احتمال حصول تطورات عسكرية في لبنان أو سوريا.
لكن مصادر مطلعة في بيروت تؤكد لـ"عربي21" أن أي تصعيد أمريكي - إسرائيلي قد لا يحصل في الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك بسبب انشغال الإدارة الأمريكية بملفي كوريا الشمالية وإيران، وأنه قبل الثاني عشر من أيار/ مايو، وهو الموعد الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإعلان عن الموقف النهائي من الاتفاق النووي مع إيران، لا يمكن توقع حصول تطورات عسكرية أو تصعيدية، وأن أي عمل عسكري قد يؤجل إلى فصل الصيف إن لأسباب ميدانية أو سياسية".
وفي مقابل هذه المخاوف من التغييرات الأمريكية، فإن مصادر دبلوماسية في بيروت أوضحت أن الدول الأوروبية، ولا سيما فرنسا وألمانيا، تنشط على خط التهدئة وعدم التصعيد؛ إن في وجه إيران أو حزب الله، والسعي لحماية الاستقرار الأمني والعسكري في لبنان والمنطقة؛ لأن أي تصعيد سيكون له مخاطر كبرى، ليس فقط على لبنان، بل على الدول الأوروبية أيضا، بسبب وجود مليون ونصف لاجئ سوري في لبنان، وأي تصعيد سيدفع هؤلاء للهجرة إلى أوروبا".
وبين المخاوف الجنبلاطية والتطمينات الدبلوماسية، يبدو أن أجواء التصعيد الأمريكي ستزداد في المرحلة المقبلة، وأن الضغوط على إيران وحزب الله وروسيا ستشهد المزيد من الخطوات الدبلوماسية والمالية والسياسية، وأن هناك قرارا أمريكيا – إسرائيليا بمحاصرة الدور الإيراني ودور حزب الله في سوريا، إضافة للضغط عليهما في لبنان. وبموازة ذلك، متابعة التصعيد الدبلوماسي ضد روسيا لمنعها من استثمار ما حققته في سوريا على الصعيد السياسي.
إذن، نحن سنكون أمام مرحلة من التصعيد في الفترة المقبلة في مختلف الاتجاهات، لكن تحول هذا التصعيد إلى قرار بإشعال الجبهة، سواء في لبنان أو سوريا أو إيران لن يكون قرارا سهلا؛ لأنه سيفتح الباب امام مواجهة شاملة في المنطقة، وهذا ليس لمصلحة القوى الدولية في هذه المرحلة.