لا يُخفى على أحد أنّ تفشّي ظاهرة التسوّل باتت تشكّل مصدر إزعاج للكثير من الناس مارّة كانوا أم سائقين. ولكن هل يمكنك أن تصدّق أن متسوّلة في العاشرة من عمرها جاهزة لتلبية "رغبة السائقين الجنسية" مقابل مبلغ عشرة آلاف ليرة لبنانية ؟
إنّها قصّة من أرض الواقع، ضحيتها طفلة لم تكن لتفقه معنى الجنس، لو توفّرت لها بيئة نظيفة وأسرة تحميها من عالم غرائزيّ كان من المفترض أن يبقى بعيدًا عن عالمها الطفولي البريء.
في 25 تشرين الأوّل من العام الماضي، أوقفت دورية من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي السوري "وليد.ح" في محلّة الكولا بعد الإشتباه به تشغيل فتاة قاصر تدعى "نوال" (اسم مستعار) في الدعارة، فتمّ تسليمه الى فصيلة الرملة البيضاء ومن ثمّ الى مكتب حماية الآداب للتحقيق معه.
في سياق التحقيق الأوّلي صرّحت "نوال" بأنّ عمرها حوالي العشر سنوات وهي مقيمة مع ذويها في محلّة صبرا، وقد تعرّفت على "وليد" بتاريخ الأمس (حينها) في محلة الكولا لتواجدها هناك بشكلٍ يوميّ لطلب الحاجة الماديّة من السائقين لا سيّما سائقي سيّارات الأجرة والفانات. وأضافت أنّ "وليد" المذكور قام بضربها وتهديدها وإرغامها على ممارسة أفعال منافية للحشمة مع سائقي سيارة الأجرة لقاء المال. مشيرة إلى أّنها بالتاريخ المشار اليه، صعدت مع أحد السائقين فأعطاها مبلغ عشرة آلاف ليرة "دون أن تقوم بأي شيء له" وأنّه أنزلها وطلب منها بعد أن علِم بقصّتها أن تدّعي على "مُشغّلها".
لم تأخذ "نوال" بنصيحة السائق بل تابعت الطفلة "يومها الجنسيّ" كالمعتاد مع استمرار "وليد" في تهديدها. صعدت مجدّداً مع أحد السائقين ولبّت طلبه مقابل التسعيرة نفسها وهي 10 آلاف ليرة. حلّ المساء ودوام العمل لم ينته بعد، كانت الطفلة تنتظر برفقة "وليد" زبوناً آخر في محلّة الكولا حين داهمتهما عناصر "المعلومات" بناء على معلومات أفادها بها السائق الذي أعطى الطفلة المال دون مقابل.
لدى التوسع بالتحقيق من قبل مكتب حماية الآداب، صرّحت القاصر أنّها تعرّفت على "وليد" من خلال صديقتها التي تعمل بالتسوّل في محلّة الكولا، وأنّ الأخيرة كانت تقوم بأعمال مخلّة بالآداب والحشمة مقابل بدل مادي، فيما كان "وليد" يؤمّن لها الزبائن أيضاً مقابل ممارسة أفعال منافية للحشمة مع الزبون بمبلغ عشرة آلاف ليرة. إلّا أن "نوال" عادت وأنكرت قيامها بأي عمل منافي للحشمة مؤكّدة أنّ "وليد" هدّدها بالقتل وضربها لمنعها من التكلّم بالموضوع أمام أحد.
أمّا "وليد" فأفاد أنّه تعرّف على "نوال" في منطقة الكولا قبل يوم من توقيفه حين طلبت منه ألف ليرة لكنّه لم يعطها لأنّه لم يكن يحمل المال، وأنكر ما أدلت به الطفلة. ثمّ عاد وقال أنّه شاهدها أوّل مرّة في كاراج أحد الأبنية وأنّها كانت بوضع غير سويّ مع المتهم السوري "عمّار. ف" ولا يعرف إذا كان الأخير يُشغّلها زاعماً أنّه ربما تكون القاصر قصدت في كلامها المدعو "عمّار" (غادر الى سوريا) لا هو نظرًا للشبه الكبير بينهما.
هنا تمّ إجراء مقابلة بين "وليد" و"نوال" فأصرّ كلّ منهما على أقواله وأوضحت الفتاة أنّها لا تعرف "عمّار".
محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي طارق بيطار وبعد اصدراها حكما غيابيّا على "عمّار" قضى بسجنه لمدّة 5 سنوات، عادت بعد توقيف الأخير في 18 \11\2017 وأعلنت براءته من الجرم المسند اليه لعدم ثبوت الدليل فيما حاكمت المتهم "وليد.ح" على حدة.