فوضى عارمة. بهاتين الكلمتين تختصر أوساط سياسية مواكبة لـ "لبنان24" مشهد التحالفات التي نسجها باسيل على مستوى الدوائر الانتخابية من الشمال إلى الجنوب مروراً بالمتن والبقاع وبيروت.
وبمعزل عن أن "الوطني الحر" تحّول إلى خلية نحل انتخابية تحضيراً لاستحقاق 6 أيار المقبل، فإن باسيل، وبحسب قياديين عونيين، وضع التيار أمام مفترق طرق، لا سيما أن لا ضمانات ببقاء الكثير من المرشحين المنضوين تحت لواء اللوائح البرتقالية على الحال نفسه بعد تاريخ 7 آيار. فلا أحد يعلم ما ستخلقه الاصطفافات السياسية من وقائع جديدة تحت قبة البرلمان.
تتناقض المواقف العونية إلى حد كبير مع وعود قطعتها شخصيات عدة بضمها إلى التكتل. ومن هذا المنطلق غمز باسيل مرارا خلال جولاته الانتخابية مطمئنا القاعدة الشعبية البرتقالية بأن حلفاء التيار وأصدقاءه سيكونون في حال فوزهم أعضاءً في "التغيير والاصلاح"، وأن مشوارهم سيكون طويلا.
في الموازاة ترى الأوساط السياسية أن باسيل يعيش تخبّطا سياسيا وانتخابيا، مشيرة إلى أن أداء "الوطني الحر" الانتخابي ليس أداء التيار الاكبر في لبنان. فخلال المفاوضات التي جرت لتشكيل اللوائح لم يكن التيار العوني نقطة توازن أو استقطاب، بل كان وضعه متعثراً أسوة بالكثير من الاحزاب والتيارات الصغيرة.
وتشير الاوساط السياسية نفسها إلى نقاط خلل تشوب تحالفات التيار العوني. ففي دائرة صيدا يكاد يكون "الوطني الحر" على اختلاف مع القوى كافة في المدينة. ويرزح تحت ثقل ما يُعرف بمقولة لا "مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير". فمحاولته بناء تحالف مع النائب اسامة سعد باءت بالفشل. وكذلك الحال مع حارة حريك. فباسيل تمنى على "حزب الله" تحييد قاعدته الشيعية في جزين عن دعم مرشح حركة "امل" ابراهيم عازار، بيد أنه لم يفلح في اقناعه. أما مفاوضاته مع تيار "المستقبل" فوصلت إلى طريق مسدود، مما اضطره لان يذهب إلى تشكيل لائحة مع الجماعة الاسلامية ورئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري.
وفي دائرة الجنوب الثالثة (النبطية- مرجعيون –حاصبيا - بنت جبيل) قرر الانضمام إلى ائتلاف يقوم على تناقضات ويجمع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال ارسلان ورئيس بلدية النبطية السابق مصطفى بدر الدين وتيار "المستقبل".
أما في دائرة الشمال الثالثة ( البترون- بشري- الكورة – زغرتا) فوضع يده بيد رئيس "حركة الاستقلال" ميشال معوض، في تحالف يمثل نكسة للبرتقاليين والحلفاء، تقول الاوساط نفسها. فأي تحالف بين العونيين والقواتيين يمكن تفهمه من منطلق اعلان النيات، لكن اللجوء لاسباب انتهازية لخوض الانتخابات مع معوض والتأكيد على التفاهم السياسي لمرحلة ما بعد الانتخابات لا يمكن هضمه، لا سيما انه يصب في خانة زكزكة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
وعلى مقلب دوائر– كسروان - جبيل والمتن الشمالي وزحلة، فالامور ليست أفضل. فالوزير باسيل لجأ إلى شبك تحالفات مع أقوياء ورجال أعمال (رئيس المؤسسة المارونية للإنتشار نعمة افرام في كسروان، وسركيس سركيس في المتن الشمالي ورئيس مؤسسة كهرباء زحلة أسعد نكد في عروس البقاع ) واضعا المواقف المتباينة جانباً،لاعتبارات تفرضها ظروف المعركة الانتخابية.
في هذه الدوائر بالتحديد أبعدت شخصيات عونية أو مقربة من التيار عن لوائح "التغيير والاصلاح" لأسباب رفض بعض هؤلاء تفهمها أو الاقتناع بها فقرروا على غرار النائبين جيلبرت زوين ويوسف خليل التحالف مع حزب الكتائب وفريد هيكل الخازن وخوض المعركة الانتخابية في وجه "التغيير والإصلاح". في حين أن القيادة العونية ترى أن الامور لا تزال مضبوطة والاعتراضات تحت السيطرة لا سيما أن بعض الخيارات كانت بمثابة رافعة انتخابية من منطلق ان النظام الإنتخابي النسبي يتطلب خطوات كهذه.
يبقى أن "التيار العوني" الذي أوحى بأنه يمسك اللعبة الانتخابية في دوائر كثيرة بدا "متراجعاً" في البقاع الغربي. تقول الأوساط نفسها فبعدما رفضته لائحة المستقبل - الحزب التقدمي الاشتراكي رفضه الرئيس نبيه بري، ما اضطر النائب السابق لرئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي لأن ينضم بصفته الشخصية إلى اللائحة التي يترأسها الوزير عبد الرحيم مراد، بيد أن باسيل عاد ليفاوض "المستقبل" للانضمام الى لائحته مشترطا ان يكون شربل مارون المرشح الماروني، بدل هنري شديد. وهذا ما سيتوضح اليوم مع اعلان باسيل اللوائح لينهي التساؤلات حيال مآل التحالف في هذه الدائرة.
هتاف دهام