في مقابلة تلفزيونية مع مسؤول حماس أعلن القيادي أبو مرزوق إمكانية لجوء الحركة الى مفاوضات مباشرة مع اسرائيل تلبية لرغبة وطنية وتماشياً مع الظروف الضاغطة المحاصرة لحماس في قطاع غزّة بغية فتح كوّة اسرائيلية في جدار الحصار المفروض و ايجاد مساحة سياسية متصلة بحوار كان محرّماً و أصبح ضرورياً طالما أن الضروري ينطح المحظور.
مفاد كلام أبو مرزوق هو حصيلة سياسة سهلة لدى الإخوان ولدى فرق الاسلام السياسي التي تطوع وتبيح كل شيء تحت سقف هذه القاعدة الفقهية القائلة بأن الضرورات تبيح المحظورات خاصة وان تجربة الإخوان دالة على ذلك فعلاقاتهم القديمة الجديدة مع الغرب الذي بنظرهم هو غرب كافر في أوج أمجادها ولم يسقط بعد الرهان على الاخوان كإطار للنخب السلطوية من قبل الدول التي تفتح أبوابها لحركة الاخوان وتسهل لها الكثير من الأمور ضمن شبكات عمل متعاونة في كثير من القضايا.
إقرأ أيضًا: الدّف انفخت وتفرّقوا العشاق
ما يهمنا هنا هو تصريح حماس المندفع نحو تفاوض سريع مع "اسرائيل" بعد أن كفّرت فتح واعتبرتها جهة متعاملة لصالح العدو لا لصالح الشعب الفلسطيني كون حركة فتح التزمت خيار التسوية السلمية وعافت خيار المقاومة كمرحلة تتطلب سعياً نضالياً لتحقيق القرارات الدولية التي تؤيد قيام الدولة الفلسطينية وكانت قطيعة حماس للسلطة الفلسطينية وبناء سلطتها على كامل القطاع مرتبطة بموضوع الخيارات الفلسطينية حيث التزمت السلطة خيار الالتزام بمبدأ التفاوض مع العدو واتخاذ الأطر الدبلوماسية و السياسية لا الصاروخية كما تريد حماس لنسف عملية السلام ولتدمير ما توصل اليه الفلسطينيون وإعادة البحث مجدداً عن طرُق حلول مؤدية الى نتائج أقل بكثير من النتائج التي حصل عليها الفلسطينيون ولم يلتزم بها الاسرائيليون لغياب الإرادات الضاغطة من الولايات المتحدة الى المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المعنية بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وبرعاية دولية.
حتى أن الفلسطينيين أنفسهم لم يشكلوا قوّة ضغط على المجتمع الدولي من جهة وعلى العدو من جهة ثانية نتيجة سقوط الفلسطينيين في الحُفر الخلافية وتصدّع الجبهة الداخلية وتمزيق الصف الوطني بواسطة الاقتتال الذي أدّى الى اقتطاع القطاع من يد السلطة وتحويلها الى مدينة خارجة عليها وغير مؤتمرة بالسياسة الفلسطينية ومرتبطة بأدوار خارجية تدور حيث دارت مصالح جماعة الاخوان.
إقرأ أيضًا: تيريزا ماي تصفع قفا بوتين وتعلم العرب درسًا في السياسة
بعد فشل كل من تدخل لحلّ الخلاف ما بين الحركتين فتح وحماس تجد الأخيرة أن باب الحل يكمن في طرق الباب الاسرائيلي لا بوضع هذه اليد بيد حماس وهذا فعل أقبح من أي ذنب قد يدفع أحداً الى تجاوز الحُرُم فاستعداد حماس لملاقاة العدو بدلاً من ملاقاة السلطة الفلسطينية ضرب من خيال لم تتصرف جهة بحسب علمنا ومعرفتنا بالتجارب التاريخية أن هناك من فضل العدو على الأخ واذا حصل ذلك كانت نتائج هذا العمل وهذا الفعل وخيمة جداً كون العدو يأخذ ولا يعطي خاصة وان موازين القوّة هي التي تحدد درجة استفادة هذا من ذاك ولا مجال هنا للحديث عن موازين القوّة بين العدو وبين مقاومة تملك أدوات بسيطة أمام إمكانيات لا حصر لها.
قالها أبو مرزوق وبصريح العبارة أن أجندة حماس ستتبدل مواقفها فما كان حراماً سيصبح حلالاً طالما أن البحث عن حل مفقود بين الفلسطينيين ولا امكانية متوفرة لحلّ عقد الخلاف الداخلي والذي إزداد تعقيداً نتيجة تداخلات خارجية متباينة في النظرة الى الحل الفلسطيني ومتباينة في أدوار و مسؤولية كل من حركتيّ فتح وحماس ومتباينة في المواقف من الخيارات الفلسطينية تجاه العدول لا حُباً بالنضال أو بالسلام بل حُباً بمصالح هذه الدول التي تعتاش على أزمات وخلافات وقضايا الآخرين.