ففي موازاة التصعيد الحاصل في المنطقة وانشغال العالم برسم خرائطها الجديدة، تغرق السلطة السياسية في لبنان أكثر فأكثر في استعداداتها لخوض الاستحقاق الانتخابي في 6 ايار المقبل، لتبدو وكأنّها لائحة إنتخابية، بل ماكينة انتخابية، تدير أذنها الطرشاء للشكاوى التي تَردها من كثير من الاطراف السياسيين، عن التدخلات الحاصلة في كثير من المناطق والإدارات والمؤسسات والقائمقاميات والبلديات، علماً انّ هذه الشكاوى ليس مصدرها منطقة واحدة أو طرفاً واحداً، إنما مختلف القوى التي ليست مرشّحة على لوائح السلطة ومن كل المناطق».

وفي خضمّ التجاوزات الفاضحة خرجت «هيئة الاشراف على الانتخابات» ببيان لم يقنع أحداً، وأساساً ليس المطلوب منها إصدار بيانات اعلامية، بل المطلوب هو اتخاذ تدابير ميدانية وعملية لمنع التزوير والتدخلات والتهويل الاعلامي والسياسي والأمني والتهديد بقطع الارزاق، الذي يتعرّض له موظفون وناخبون ومفاتيح انتخابية وغيرهم، فهذا هو دورها وهي تستطيع إصدار بيانات بمقدار ما تشاء، لكنّ ذلك لا يبرّر لعدد من أعضائها حضور المناسبات والاحتفالات بإعلان لوائح بعض القوى السياسية وترشيحاتها.

وفي هذا السياق يطرح بعض القوى السياسية ومراقبون أسئلة عن دور «هيئة الإشراف» مع الاعلام؟ وهل انّ أعضاءها يتنقلون بين المؤسسات ليروا بأمّ العين تدخلات السلطة وبعض الاجهزة الفاقعة؟ وهل وصلت الى مسامع أعضائها الانباء عن دفع الاموال لشراء الاصوات التفضيلية، وكذلك الانباء عن الاموال الطائلة التي يدفعها بعض المرشحين للدخول في «ملكوت» بعض اللوائح الانتخابية؟

ورأت هذه القوى انّ على وزارة الداخلية التدخّل للمخالفات الجارية التي اذا استمرّت ستشكّل أسباباً كافية وقرائن مهمة للطعن بنتائج مجمل العملية الانتخابية.

ريفي لـ«الجمهورية»

وفي هذا السياق، قال الوزير السابق اللواء أشرف ريفي لـ«الجمهورية»: «حذّرنا مُسبقاً من تدخلات السلطة في الانتخابات والتأثير على نتائجها، ليتبيّن اليوم انها تستعمل كل الادوات المشروعة وغير المشروعة لضمان فوزها، مُخالفة القانون ومُجيّرة مواقع الحكم والوزارات والادارات والمحافظين وبعض الاجهزة الامنية للضغط علينا وعلى آخرين، عبر منعهم من تشكيل اللوائح والضغط على المرشحين، وهذا ما حصل معي عند تشكيل اللوائح في طرابلس وعكار وبيروت، وهناك عشرات الأمثلة على ذلك. غير انه تَمكنّا، والحمد لله، من إنجاز المهمة وندعو اللبنانيين الى مواجهة هذه الضغوط والرد عليها في صناديق الاقتراع لكي نحقق التغيير».

وجَدّد ريفي مطالبته بـ«مراقبة دولية للانتخابات في لبنان، كون هذه السلطة غير مؤهلة لإدارة العملية الانتخابية ومُنحازة»، داعياً كل «القوى التي تعرّضت لضغوط مثلما تعرّضنا نحن، الى رفع الصوت عالياً، لأنّ هذه السلطة ستستمر في ممارسة ضغوطها حتى يوم الانتخاب». وتوجّه الى الرأي العام قائلاً: «من الآن وحتى 7 ايار ستشهدون مزيداً من الضغوط والإشاعات، فلا تتأثروا لأنّ إرادة الناس أقوى من سلطة فاسدة ومُستتبعة لدويلة «حزب الله».

«حزب الله»

في غضون ذلك، طمأن «حزب الله» الى انّ الانتخابات ستُجرى في موعدها. وقال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، إثر لقائه ورئيس مجلس النواب نبيه بري في المصيلح أمس، رداً على سؤال حول الخشية من عدم حصولها جرّاء التصعيد في المنطقة: «اﻻنتخابات باتت أمراً واقعاً وﻻ يستطيع احد أن يُعطّلها او يلغيها، ومجرياتها ونتائجها بالنسبة الينا هي تحت سقف المتوقّع». واكد انّ الحزب «ﻻ يُبدي أي تحسّس من طرح موضوع اﻻستراتيجية الدفاعية». وقال إنّ الطرح الذي قدّمه الحزب في هذا اﻻطار «هو الأمثل لحماية لبنان».

نصر الله

وفي لقاء مغلق أمس مع عناصر «حزب الله» في البقاع، قال السيد حسن نصرالله: سنخوض معركة حقيقية ضد الفساد، وستكون هذه المرحلة مرحلة جديدة من حياة «الحزب».

وأضاف، إن المسؤول الأساسي عمّا آل اليه الوضع الإقتصادي والدين العام الذي بلغ 80 مليار دولار، هو الطرف الذي استلم رئاسة الحكومة، إضافة إلى وزارة المال ومجلس الإنماء والإعمار، في غالبية السنوات منذ عام 1992

وزير الداخلية

وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق توقّع أن تَشتدّ الحملات إبتداء من مطلع نيسان، واعتبر «أنّ هذه الانتخابات ليست عادية ولا سهلة، لأنّ القانون فيه امتحان لكلّ صوت». وقال: «هناك معركة كبيرة في كل المناطق، لكنّ المعركة الأكبر ستكون في بيروت، على رغم من أنّ الصيت لطرابلس، لأنّ من يُمسك بقرار العاصمة يُمسك بقرار البلد».

مؤتمر «سيدر»

وفي هذه الأجواء، وعلى رغم إقراره في جلسة مجلس الوزراء، ظلّ برنامج الانفاق الاستثماري الذي ستعرضه الحكومة على مؤتمر «سيدر»، الذي سيعقد في باريس في 6 نيسان المقبل، موضع تجاذب سياسي ويثير هواجس لدى البعض، ليس فقط لكونه يتضمّن مشاريع استثمارية بقيمة 23 مليار دولار على مدى 10 سنوات، ستُغرِق لبنان بمزيد من الديون، بل لأنه يحمل في طيّاته بذور توطين للنازحين السوريين في لبنان.

وفي هذا السياق، تخوّفت مصادر سياسية عبر «الجمهورية» من ان يشكّل مؤتمر «سيدر» الذي يُمنّن البعض النفس إزاءه بأنه سيدرّ أموالاً على لبنان، نوعاً من توطين النازحين السوريين فيه تحت ستار تقديم المساعدات، فيبقى النازحون وتتبخّر المساعدات، علماً أنّ لبنان لا يحتاج أساساً الى مساعدات على شاكلة قروض لأنها ستزيد من عبء المديونية فيه».

بدوره، إستغرب مصدر اقتصادي «كيف انّ البنك الدولي الذي ما انفكّ يحذّر من خطر المديونية هو شريك في وضع ورقة لبنان الى «سيدر»، والمُرتكزة على الاستدانة».

وكان رئيس الحكومة سعد الحريري أعلن امس انّ الحكومة ستحمل معها الى باريس «خطة متكاملة شفّافة وضعت بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبتكلفة تبلغ 17 مليار دولار، تمتد على مدى عشر سنوات، وتشمل تقديم قروض ميسّرة لمساعدة لبنان على تمويل تنفيذ مشاريع البنى التحتية».

وتوقّع أن تحدث النتائج التي ستصدر عن المؤتمر «صدمة إيجابية على صعيد خلق فرَص عمل جديدة للشباب اللبناني وتساهم في الحد من هجرته، وتحريك عجلة الاقتصاد». واعتبر انّ انعقاد هذا المؤتمر يشكّل رسالة مهمة لجهة تقوية الثقة بلبنان ورفد الاقتصاد اللبناني بعوامل الدعم المطلوبة لمواجهة تداعيات التوترات في المنطقة والاعباء الضخمة الناتجة من أزمة النزوح السوري».

توقيف مرشّح

وفي تطور لافت أوقف الامن العام المرشّح عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك ـ الهرمل الشيخ عباس الجوهري، وأحاله الى النيابة العامة في جبل لبنان للتحقيق معه.

وأوضحت المديرية العامة للأمن العام، في بيان، انّ الجوهري «تقدّم في تاريخ اليوم (امس) من المديرية العامة للأمن العام لإجراء معاملة لعاملة في الخدمة المنزلية، فتبيّن وجود مذكرة توقيف غيابية بحقه رقمها ٨٦/٨٦٩ تاريخ ١٢/٢/٢٠١٨ صادرة عن قاضي التحقيق في جبل لبنان بجرم مخدرات، وبمراجعة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان أشارت الى توقيف الشيخ الجوهري وإحالته اليها، وبناء عليه أحيل الشيخ صاحب العلاقة الى النيابة العامة المذكورة في التاريخ نفسه».

وفيما حمّل المكتب الاعلامي للجوهري المسؤولية لـ«حزب الله»، «بغية إخراجه من السباق الانتخابي في دائرة بعلبك ـ الهرمل، كونه هو الشيعي الوحيد القادر على خرق لائحة حزب الله»، أكدت مصادر الامن العام لـ«الجمهورية» ان «لا علاقة لا من قريب ولا من بعيد لأيّ حزب سياسي بعملية التوقيف، بل هي إجراء طبيعي لتنفيذ حكم قضائي مُعمّم على الاجهزة الامنية، ولو لم يكن الأمن العام مَن أوقفه لكان أوقفه اي جهاز أمني آخر».

واضافت: «امّا عن تأكيد المتهم أنه حصل على سجل عدلي لا حكم عليه، فهذا الأمر كان قبل 12 الجاري، أي قبل صدور الحكم القضائي. وبالتالي، الموضوع هو أمني قضائي بحت ولا مكان للتسييس فيه».