مثل معروف يستخدم على انعدام الذكاء التجاري أو سوء المعرفة بأوضاع السوق، ناقل الفحم الحجري الى نيوكاسل وهي مدينة بريطانية شهيرة بفحمها الحجري أو ناقل التمر الى هجر وأصل هذا المثل أن رجلًا قدم البصرة للتجارة فلم يجد فيها أكسد من التمر، فاشترى بجميع ما يملك من المال تمرا وحمله إلى هجر، وادخره ينتظر به السعر فلم يزدد الا رخصا حتى فسد جميعه وتلف ماله فضرب به المثل.
وإذا كان هذا المثل يضرب به للتعبير عن انعدام الذكاء التجاري إلا أن ما حدث أخيرًا في العلاقة التجارية بين إيران والعراق من تصدير التمر الإيراني الى العراق يلغي مصداقية هذا المثل ويفرغه من معناه.
إقرأ أيضًا: هل وصل الدور إلى إعتقال محمود أحمدي نجاد؟
هل يصدّق أحد بأن إيران تمكنت أخيرًا من تصدير تمرها إلى العراق الذي كان أكبر منتج للتمر في العالم؟! ليس معقولًا ولا منطقيًا ولكن حصل ذلك بفعل امتزاج السياسة والأمن والاقتصاد، فبعد سقوط نظام صدام حسين في العراق غزت إيران السوق العراقي وكان هناك منافسون كثر من العرب والترك ضيقوا مساحة المناورة على التجار الإيرانيين في السوق العراقي ولكن بعد مضي 15 عامًا يبدو أن إيران أصبحت بلا منافس تجاري في العراق، فأي متجول في الشوارع يرى سيارات التاكسي الصفراء إيرانية الصنع وفي المحلات يتم عرض الكثير من المنتوجات الغذائية والأدوات الالكترونية والمنزلية الإيرانية.
وهناك محفزات لشراء المنتوجات الإيرانية ومنها مستوى أسعار تلك المنتوجات، وعلى سبيل المثال إن السيارات الإيرانية وخاصة pride لها طلب كبير وكثير نظرا لتدني أسعارها مقارنة مع السيارات اليابانية أو الألمانية وغيرها وتناسب تلك الأسعار مع القوة الشرائية لأغلبية المواطنين العراقيين الذين عانوا خلال عشرة أعوام الأولى من النظام الجديد بسبب الفساد المستشري بين السياسيين أضعاف ما عانوه في عهد صدام حسين.
تفوق إيران على منافسيها الأجانب في مجال صناعة السيارات أو الصناعة الغذائية على الملعب العراقي لا يثير الاستغراب، أما تصدير التمر الإيراني إلى العراق ما كان معقولًا ولا متخيلًا ولكنه تحقق ونجح فعلا بفعل الذكاء الإيراني وليس بسبب انعدامهم الذكاء!
إقرأ أيضًا: إيران وترامب بعد إقالة تيلرسون
يقول رجل أعمال الإيراني مهدي حقيقت في حديث لموقع راديو فردا إنه بدء بتصدير التمر الى العراق منذ ثلاثة سنوات وفي البداية كان يخصص 20 في المائة من إجمالي إنتاج شركته للتصدير الى العراق وأخيرًا وصلت هذه النسبة إلى 90 في المائة.
يقول مصدر عراقي مطلع بأن إيران حاليًا هي أكبر شريكة تجارية للعراق وتصل حجم التبادل التجاري بينها و العراق 12 مليار دولارًا بينما لا يتجاوز حجم التبادل التجاري بين العراق والمملكة السعودية 6 مليارات دولارًا.
العراق يبقى ساحة للتنافس بين إيران والمملكة السعودية على شتى المجالات ومنها مجال التجارة المملكة السعودية أيضًا مشهورة بتمورها، فهل سينافس التمر السعودي التمر الإيراني على السوق العراقي؟