ازدادت التكهنات حول طبيعة التعديلات التي سيجريها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال المرحلة المقبلة، وبرزت تساؤلات بشأن مصير وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي يعدّ أحد أبرز «الصقور» في فريق بوتين.
وكانت تسريبات قد تحدّثت خلال الأسابيع الأخيرة عن توجه بوتين لإجراء انتقالات وتغيرات واسعة في هياكل السلطة خلال المرحلة المقبلة، في إطار ترتيبات داخلية تمهد لاختيار خليفة له، خلال ولايته الرئاسية الجديدة التي ستكون الأخيرة لبوتين، وفقا للدستور الروسي.
وأقرّ الرئيس الروسي، بعد فوزه في انتخابات الرئاسة، بأنه يتجه إلى إجراء تغييرات؛ لكنه ترك المسألة مفتوحة على التكهنات المختلفة. وقال ردا على سؤال الصحافيين عن احتمال إقالة الحكومة الحالية، إنه سيبدأ بـ«التفكير في الترتيبات الجديدة بعد تولي مهام ولايته الجديدة رسميا»، علما بأن مراسم تنصيب الرئيس المنتخب تجري في روسيا عادة قبل احتفالات عيد النصر على النازية مباشرة، أي قبل التاسع من أيار. ورغم أن مصير حكومة ديمتري مدفيديف يبدو شبه محسوم، خصوصا على خلفية تصاعد الاستياء الشعبي من أدائه خلال العامين الماضيين، فإن السؤال تركز حول مصير أبرز وجوه هذه الحكومة الذين رافقوا بوتين خلال كل سنوات حكمه، ويشكلون ركائز أساسية لسياساته على الصعيدين الداخلي والخارجي، وعلى وجه الخصوص وزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي أطلقت عليه صفة «ثعلب السياسة الروسية».
* تكهنات حول تسلم أحد نواب لافروف حقيبة الخارجية.
وازدادت التوقعات حول احتمال غياب لافروف عن تشكيلة الحكومة الجديدة، وتكررت خلال الفترة الأخيرة التساؤلات بعد تسريبات عن أن لافروف نفسه كان قد طلب أكثر من مرة من بوتين إعفاءه من مواصلة شغل المنصب بسبب «الإرهاق الزائد».
وردا على سؤال صحافيين، قالت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا، قبل أيام، إنها «لا تعلم هل سيبقى الوزير في التشكيلة الجديدة أم لا». بينما تجنب الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف الإجابة عن سؤال مماثل، ووصفه بأنه «تخمينات»، واقترح على الصحافيين أن ينشغلوا أكثر في الوقت الحالي بتوجيه التهاني للافروف بمناسبة حلول عيد ميلاده الذي صادف أمس، 21 آذار. لكن مصادر دبلوماسية أبلغت قناة «آر تي في» التلفزيونية الروسية بأن القرار قد اتخذ بالفعل، وأن «اسم لافروف لن يكون ضمن التشكيلة الوزارية الجديدة». وأفادت القناة الواسعة الانتشار بأن المصادر التي وصفت بأنها «وثيقة الصلة بالمؤسسة الدبلوماسية» أبلغتها بأن لافروف سعى منذ وقت إلى مغادرة منصبه؛ لكنه استجاب لإصرار بوتين على البقاء على رأس الوزارة لحين الانتهاء من استحقاق الانتخابات الرئاسية.
وقالت «آر تي في» إن تكهنات كثيرة انطلقت بشأن الشخصية التي ستخلف لافروف على رأس المؤسسة الدبلوماسية، وتدور الترشيحات حول بعض نوابه، وبينهم سيرغي ريابكوف الذي تولى طويلا ملف العلاقة مع الولايات المتحدة وقضايا الأمن الاستراتيجي؛ لكن التوقعات تميل أكثر نحو ألكسندر غروشكو الذي عمل بين 2005 و2012 ممثلا لروسيا لدى حلف الأطلسي، ثم كلف بمهام دبلوماسية عدة، وتم تعيينه نائبا لوزير الخارجية قبل شهرين بقرار من بوتين.
ومهما كانت صحة التكهنات المثارة، فإن الأكيد أن لافروف الذي عُد واحدا من صقور السياسة الروسية، سيبقى ضمن فريق بوتين المقرب. وقالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر دبلوماسية، إنه «إذا غادر منصبه الحالي فسوف يكون على الأرجح مستشارا في الرئاسة الروسية لشؤون السياسة الخارجية، أو مسؤولا في مجلس الأمن القومي الروسي».
لكن مصدرا قال إنه «من الصعب التكهن بالتغييرات التي ستطرأ على أداء السياسة الخارجية في حال ترك لافروف منصبه، خصوصا في ملفات إقليمية لعب فيها أدوارا مهمة للغاية، وعلى رأسها ملف سوريا».
وكان لافروف قد عمل مندوبا لبلاده في مجلس الأمن لمدة عشر سنوات، بين 1994 و2004، ما منحه خبرة واسعة في «التعامل مع الملفات الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى إتقان الآليات الفنية في عمل هياكل المنظمة الأممية». ووفرت هذه الخبرة للوزير الروسي قدرات هائلة للمناورة و«التعامل مع الثغرات من أجل كسب مزيد من النقاط أمام خصومه الدبلوماسيين».
ووصف لافروف بأنه «مستر نو» الروسي الجديد، في تشبيه بالوزير السوفياتي أندريه غروميكو، الذي شغل منصب الخارجية السوفياتية لمدة 28 سنة (بين 1957و 1985) اشتهر خلالها بكثرة استخدامه حق النقض (الفيتو)، ما جعل الغرب يطلق عليه هذه التسمية.
رائد جبر