حين يشيخ السياسيون فيه يموت البلد. أدرك العاهل السعودي ذلك، فقرر أن يسلّم المستقبل لأكثر أبناء الجيل الثاني شبابا وأشدهم حماسة للتغيير وأعمقهم إيمانا بقيمة أن يصنع العربي صورته بنفسه من خلال تحوله الحضاري الحقيقي، لا من خلال ما ينفقه على وكالات التجميل الدعائي.
الأمير محمد بن سلمان يرى الأمور على حقيقتها ولا يجد حرجا دبلوماسيا في وضع الأمور في نصابها، فهو لا يستعمل لغة مخاتلة في قول ما يرغب في التعبير عنه. ومن ذلك موقفه من إيران باعتبارها عدوا مؤكدا وليس محتملا. عدوانية إيران في مشروعها التوسعي حقيقة تؤكدها الوقائع على الأرض، وهي ليست افتراضا نظريا.
لم تعد إيران دولة تسعى إلى تصدير ثورتها التي هي عبارة عن مشروعها الطائفي لتفتيت الدول وتمزيق المجتمعات، بل صارت تفرض هيمنتها على جزء مهمّ من العالم العربي. إيران، التي لا تعترف بالقوانين الدولية في ما يتعلق بعلاقتها بالعرب، لا تخفي أن ميليشياتها أحكمت الطوق على دول، صار القرار السياسي فيها إيرانيا. في حقيقته فإن العالم العربي كان في انتظار معجزة سعودية تنقذه بعد أن تمت عملية الالتفاف على مصر بطريقة جعلتها عاجزة عن أن تلتفت إلى دورها الإقليمي.
مصر الضرورية للعرب صارت بسبب مشكلاتها الاقتصادية المعقدة تبحث عن ضرورة لنفسها. وهو ما وضع السعودية في الواجهة، كونها تمثل السد الأخير الذي لو انهار سيكون العرب في خبر كان كما يُقال.
إيران التي تنفق على ميليشياتها المنتشرة في غير مكان من العالم العربي مليارات الدولارات من أموال الشعب الإيراني لم تقدم دولارا واحد في مجال الإعمار والبناء والتنمية إلى الدول التي ساهمت في خرابها
وكما يبدو فإن السعودية فاجأت الجميع في استجابتها للتحدي. “سنكون محدثين” لم يكن ذلك كلاما سعوديا يُسمع من قبل. “بل نحن محدثون منذ هذه اللحظة” ذلك كلام خيالي لو قيل في ظرف مختلف. غير أن ولي العهد السعودي أكد عليه من خلال أفعاله ومشاريعه التي بدأت تأخذ طريقها إلى التنفيذ. “يمكن لإيران أن تنتصر علينا إذا كنا متخلفين. إيران المتخلفة لا تنتصر إلا على المتخلفين” هذا هو حال لسان سعودي جديد يليق بدولة حيّة تدير مشروعا حيويا يمكنها من خلاله أن تنشر الخير في العالم العربي.
طرحت إيران كل ما لديها من مشاريع تتعلق بمستقبل علاقتها بمحيطها الإقليمي. صار واضحا أنه ما من واحد من مشاريعها يصب في مصلحة دول المنطقة. هذا إذا تغاضينا عما تحمله تلك المشاريع من ضرر لتلك الدول، وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه.
كل ما تقوله إيران عن خطط التعايش على أساس سلمي والتعاون في التنمية تنقضه أفعالها التي تستند إلى رغبتها الصريحة في التمدد والتوسع ومد أذرعها أينما استطاعت وبكل ما تملك من وسائل وأساليب الشر.
إيران التي تنفق على ميليشياتها المنتشرة في غير مكان من العالم العربي مليارات الدولارات من أموال الشعب الإيراني لم تقدم دولارا واحد في مجال الإعمار والبناء والتنمية إلى الدول التي ساهمت في خرابها.
يد إيران لا تُمدّ إلا بالسلاح وهي لا تضع في متناول أتباعها إلا خبرتها في الإرهاب ونشر الذعر وبث الفتنة وزعزعة الاستقرار. لذلك فإن حديثها عن تعاون إقليمي في المجال الأمني بين دول المنطقة كما ورد في مقال كتبه وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، مؤخرا ما هو إلا عبارة عن مجموعة من الأكاذيب التي لم تعد تنطلي على أحد.
لقد ثبت عمليا أن إيران هي الشر المطلق. ومَن يملك دليلا على دحض تلك الحقيقة فليقدمه. لذلك كانت اليقظة السعودية ضرورية للجم جماح الشر الإيراني ولحماية المنطقة من ليل عباءة الولي الفقيه الكالح.
لقد انتهى زمن اللغة الدبلوماسية التي لا تقول الحقيقة ولا تعبر عن المستوى الواقعي الذي انتهت إليه علاقة إيران بالعالم العربي. ما صار واضحا بالنسبة للشعوب العربية التي ذاقت تعاسة وبؤس التعامل مع إيران عبر عنه ولي العهد السعودي بلغة غير مزوقة: إيران هي العدو.
فاروق يوسف