نشرت الوكالة الوطنية للإعلام تحقيقاً للكاتبة مي نهرا عن الزواج بـ"الاسود" الذي أثار جدلا وبث الرعب لدى البعض في كسروان"، جاء فيه: "العولمة اختصرت حدود المكان والزمان، وأصبح العالم قرية صغيرة، والتطور السريع للتكنولوجيا أتاح لنا معرفة مختلف أخبار العالم وقت حدوثها، ما يسمح لنا بتبادل وتناقل الافكار بحرية ودون قيود.
الا أن الجميع يتفق على ان للعولمة التي اخترقت كل الحدود، تأثيرا مباشرا وغير مباشر على هوية المجتمعات، خصوصا مجتمعاتنا العربية لناحية التغيير في الكثير من العادات والتقاليد التي نتمسك بها والتي يستحق بعضها ان نحافظ عليها. الا اننا وفي كثير من الاحيان، نرى انجرافا أعمى وراء تيارات "الموضة" والعادات الغريبة عن مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا، منها "الزيجات" الغريبة العجيبة والمضحكة التي نتابعها عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي. وقد يكون الهدف منها لفت الانظار لمناسبة سعيدة يعيشها الانسان مرة واحدة في العمر، وبدأنا نشاهد من يحتفل بزواجه في عمق البحر، ومن يتزوج في الفضاء، وبدل فستان الزفاف نرى العروس ترفرف في مظلة الهبوط "الباراشوت".
ورغم ان مفهوم الزواج في كل دول العالم هو نفسه، اي انه يهدف الى الاستقرار وتأسيس عائلة وانجاب اطفال وتربيتهم على أسس سليمة وصالحة، والجميع يعرف أن شريك الحياة يجب أن يكون من الجنس الآخر، الا ان هناك من يصر على أن يكون الشريك "كائنا" آخر، وبدأنا نسمع عن حالات زواج مخالفة للطبيعة، وعلى سبيل المثال السيدة الفرنسية التي تزوجت من برج ايفل وحولت اسمها لتصبح ايريكا لاتور ايفل. اما في بريطانيا فقد تزوجت شارون تيندلير في العام 2006 من الدلفين "سيندي"، بعد قصة حب بينهما، على الاقل من طرفها.
ولأن لبنان معروف بتبنيه للموضة والتقليعات الغريبة العجيبة، أثار حفل زفاف جرى يوم الاحد الماضي في كسروان، جدلا واسعا وبث الرعب لدى البعض، ممن اعتبره حفل زفاف لعبدة الشيطان.
وفي التفاصيل، فقد تزوج نديم ودينا زلعوم في كنيسة القديس غبريال للسريان الاورثوذكس في عجلتون، وظهرت العروس في الصور التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بفستان زفاف أسود اللون، ووضعت على رأسها ورودا حمراء والوشم او "التاتو" ظاهر على جسدها. والعريس بدوره ظهر بثياب جلدية سوداء ونقوش الوشم تغطي جسمه. واللافت، ان الاحتفال الذي أقيم بعد الاكليل في الحديقة العامة لبلدة بلونة، زين قالب الحلوى الخاص به بجمجمتين، وطغى اللون الاسود على الحفل الى جانب بعض المظاهر الغريبة، ما خلق لدى الناس تساؤلا هل ان العروسين من عبدة الشيطان وكيف وافقت الكنيسة على تزويجهما؟
صليبا
راعي أبرشية جبل لبنان للسريان الارثوذكس المطران جورج صليبا وفي اتصال هاتفي مع "الوكالة الوطنية للاعلام"، أكد ان الموضوع نسجت منه قضية، وهو من طلب من كاهن كنيسة القديس غبريال في عجلتون أن يكللهما وقال: "لو كان العروسان من عبدة الشيطان، لما أتيا الى الكنيسة لنيل بركة الاكليل، وان ارتداءهما للون الأسود لا يعني انهما من عبدة الشيطان، وبعد الضجة التي أثيرت أجريت اتصالا مع العريس نديم زلعوم الذي أكد لي انه سرياني من أبناء الكنيسة، ويعمل في رسم الاوشام، والعروس صممت ونفذت فستان زفافها بنفسها".
ولم ير المطران صليبا اي شيء يدل على عبادة الشيطان في صورة الزفاف التي أرسلت له عبر الهاتف، معتبرا ان "الضجة التي أثيرت قد تكون بسبب حسد او كره للعروسين".
وختم قائلا: "نحن لا ندخل الشيطان الى الكنيسة، نحن كللناهما في الكنيسة وقاما بتقبيل الصليب، وشاركا في الصلاة الربانية بكل أدب. والكاهن والشماس اللذان قاما بمراسم الزواج لم يشعرا بأي شيء غريب".
بدوره، كاهن كنيسة القديس غبريال في عجلتون الأب الياس جرجس الذي كلل العروسين، قال: للوكالة الوطنية للاعلام: "العريس نديم هو من أبناء رعيتنا، وانا على معرفة بوالديه ويترددان الى كنيستنا، وكان قدم أوراقه المطلوبة لاتمام الزواج كنسيا، ولو كان كما يقال عنه، لما قصد الكنيسة لأن عبدة الشيطان مثل جماعة شهود يهوه، لا يدخلون الكنيسة ولو قطع رأسهم. وانا وبعد الانتهاء من الاكليل توجهت للحاضرين قائلا: نحن لم نأت للمشاهدة فقط، بل جئنا لنصلي للعروسين ونشهد أنهما اصبحا لبعض ببركة الرب يسوع، وطلبت من الجميع تلاوة الصلاة الربانية على نية العروسين اللذين شاركا هما ايضا في الصلاة. بالنسبة لي نديم وعروسه، نفذا ما طلبت منهما وبالتالي انا غير مسؤول عما حصل خارج الكنيسة".
وعن الوشم والثياب غير التقليدية قال الاب جرجس: "ان الكثير من الناس يأتون الى الكنيسة وهم يحملون وشما على جسدهم، وهذه ليست المرة الاولى التي يأتي فيها عروسان لا يلبسان الثياب التقليدية للزواج، فمنهم من يأتي بالجينز او بثياب عادية جدا".
وعن الحفل الذي أقيم في الحديقة بعد حفل الزواج قال الاب جرجس: "نحن غير معنيين بما حصل في الحديقة".
بقي ان نقول ان ما حصل في بلونة، ليس وحده غريبا وغير مقبول من البعض، تكفي زيارة واحدة لاحد المجمعات التجارية أو الأماكن العامة، وسنجد الكثير من التصرفات و"التقليعات" الدخيلة على مجتمعنا وغير المقبولة التي يقوم بها البعض ويستمتع بالاستعراض بها".